ابو الگطوف

ثقافة شعبية 2020/10/31
...

حمزة الحلفي 
ايقاعات الاقدام الاولى التي نسمعها كل صباح في (دربونتنا) حالة مفروضة لايقاظنا نحن الصبية  الصغارمن افرشتنا التي تحتوينا مع بدايات الليل بعد جهد يوم كامل من اللعب والمشاكسات ..
هي بلا شك اقدام(سيد شمخي ) بطل حكايتنا اليوم.
شخصية غير سوية وعلى ما اعتقد مصاب  بانفصام الشخصية (الشيزوفرينيا)اذ تجده احيانا يقول احاديث العقلاءبل ويزيدهم بلاغة وحكمة  وهو يصف بعض الحالات بوعي لا يختلف عليه اثنان علماً انه امي لا يقرأ ولا يكتب.. وفي احيان اخرى يمزق   ملابسه علنا ويصرخ بصوت هستيري مرعب . 
وكان يتغافل عن حالته هذه بجمع اعقاب السكائر(الگطوف)في درابين منطقتنا شارع الداخل قطاع٤١ طبعا في مدينة الثورة..
اما محطته الاولى تكون من گهوة غازي  في (راس التبليط)حاملا (تنگه فارغه من دهن الراعي)لضم بضاعتة ليعبر الى سوق قطاع ٥٤ الذي يقابل قطاعنا، ومن ثم يعود مزهواً وبين شفتيه اكبر عقب سيكارة استغنى عنه صاحبه المترف، حتى يسكن لبيته الصغير الذي تسكن معه والدته  العجوز ولا نعلم اين يودع ثروته من (الكطوف)حين يخرج ثانية ليعاود املاء صفيحته حتى ساعة الغروب الذي يختفي فيه شبحه.
كانت نسوة دربونتنا قد نضمن جدولا يوميا لتزويد بيت السادة بوجبات العشاء والغداء تبركاً وكان الكثير منهن يحلفن (وحگ سيد شمخي) ناهيك عن باب بيتهم مصبوغ بحناء النسوة ايفاءً لنذر قد قطعناه على انفسهن 
وفي واحدة من جولاته وتحديدا خلف صرائف السوق عثر على أوراق (منشورات شيوعية تندد بالبعث) جاءت بها الريح لتجتمع عند زواية صريفة بائع،
فقام شمخي بجمعها وخبأها في صفيحته وهو لا يعلم محتواها، لكن غرابة الخط المطبوع بعناية أثارت فضوله، ما دعاه لتوزيعها بين كل من يصادفه في الطريق.
وبمجرد أن ينظرها المارة الذين يجيدون القراءة يقذفون الورقة ويهرولون مسرعين تشيعهم ضحكة سيد شمخي.
وعند ظهيرة ذلك اليوم اكتظت منطقتنا بسيارات الشرطة نزل منها ضباط ومراتب ومدنيون بشوارب كثيفة وقاموا باقتياد شمخي مكبلاً بجامعة حديدية وتوالت عليه ضربات الأخامص على ظهره ورأسه حتى أصعدوه بإحدى سياراتهم، ووالدته تصيح بهم باكية(بعد خالتكم شمخي فغير وخوش ولد.. سيد ابن محمد وبخيت وحگ علي يشور بيكم)
بعض أخيار منطقتنا دفعوا رشوة للأمن واستعلموا من خلال هذا تهمة السيد انه شيوعي برتبة  نقيب تابع لمخابرات الاتحاد السوفيتي ومسؤول عن توزيع المنشورات التابعة للمنشقين الشيوعيين ضد الحزب والثورة.
بعد ١٥ يوم من الحادثة جاءت سيارة لتلقي بجثة شمخي محشورة بتابوت كتبت عليه عبارة خائن!