ايران بعد رفع الحظر التسليحي عنها

بانوراما 2020/10/31
...

 بورزو دراغاي/عن صحيفة الإندبندنت  
 ترجمة: أنيس الصفار    
يتهيأ المسؤولون الإيرانيون المبتهجون لدخول جيش بلادهم عهداً جديداً بعد أنْ انتهى يوم الأحد الماضي أجل الحظر الذي كانت تفرضه الأمم المتحدة على بيع وشراء الأسلحة الى إيران ومنها. تحتاج إيران الى دبابات وطائرات حربية وأنظمة دفاعية جديدة، كما انها متلهفة لبيع طائراتها المسيرة وقذائفها الصاروخية وما تنتج من ذخائر. في العلن قد تظهر طهران تفاؤلاً ولكن هناك عقبات لا يستهان بها تعترض طريق التحاقها بسوق السلاح العالمية. فإلى جانب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة واصرارها على إبقاء المقاطعة، رغم الانتقادات الواسعة، تعاني إيران من نقص الأموال، وهذا قد يجعل من الصعب عليها اغتنام الفرصة.
يقول "تاييتي إيراستو"، وهو خبير في السيطرة على السلاح من المعهد الدولي لبحوث السلام في ستوكهولم: "لا أعتقد أنّ الثمار الفعلية ستكون كبيرة، لأن كل من يتعاون مع إيران سوف يخضع للعقوبات
 الأميركية".
الجدال المحتدم حول مسألة رفع الحظر يكشف بوضوح عن مدى تفاوت صورة إيران في العالم، فواشنطن تضع الجمهورية الاسلامية بموقع العدو اللدود للسلم والنظام العالمي، في حين لا ترى معظم دول العالم الأخرى في طهران سوى تهديد من بين تهديدات عديدة محتملة في الشرق الأوسط، ولعلها ليست الأسوأ او الأشد تخريباً، تظهر عمليات المسح بشكل ثابت ان الأوروبيين يرون في الولايات المتحدة تهديداً للسلام العالمي يفوق التهديد الإيراني، أما في الشرق الأوسط فالاعتقاد هو ان اسرائيل تمثل التهديد 
الأخطر.
في يوم الاثنين الماضي ادعى وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي ان كثيرا من المسؤولين الأجانب يتقدمون الى طهران للتعبير عن رغبتهم في شراء اسلحة منها أو بيعها معدات عسكرية.
قال حاتمي: "الأرضية لبيع وشراء الأسلحة قد أعدت ولدينا خطة بهذا الصدد، لقد سعى الأميركيون طيلة السنوات الماضية لمنع حدوث هذا، ولكن دولاً عديدة تتصل بنا كما تحدثنا مع العديد من البلدان، وبذا تهيأت الأرضية لبيع الاسلحة وتأمين الحصول على بعض 
احتياجاتنا".
فرضت المقاطعة عندما كان محمد احمدي نجاد رئيساً لإيران وكان البلد حينها في طور تصعيد نشاط برنامجه للتكنولوجيا 
النووية. 
أخيراً اتفقت القوى العالمية الكبرى في العام 2015 على رفع الحظر كجزء من اتفاق صاغت بنوده طهران وواشنطن الى جانب عدد من الدول الاخرى لخفض نشاط البرنامج النووي الإيراني، لكن ادارة "دونالد ترامب" انسحبت من الصفقة في العام 2018 وبقيت تبذل المساعي منذ ذلك الحين لتقويض اية محاولات لإبقائها على قيد الحياة. 
خلال السنة الماضية واصل وزير خارجية الولايات المتحدة "مايك بومبيو" ومسؤولون آخرون من ادارة ترامب شن حملة صاخبة شعواء هدفها تمديد حظر توريد الاسلحة، ولكنهم جوبهوا بموقف رفض اجتمع عليه جميع اعضاء مجلس الأمن تقريباً. في الاسبوع الماضي أخذ بومبيو يهدد بمعاقبة أي طرف يبيع إيران او يشتري منها سلاحاً، سواء كان فرداً أم 
كياناً.
يقول المتخصصون ان لدى إيران قائمة بمواد ترغب في الحصول عليها لتحسين قدراتها العسكرية التقليدية، من بينها مقاتلات "سوخوي 30" الروسية النفاثة ومنظومة الدفاع الصاروخية "أس 400" ودبابات "تي 90"، وقد أعلنت روسيا من جانبها استعدادها لبيع إيران تلك 
الاسلحة.
بيد ان الضائقة الاقتصادية الصعبة التي سببتها العقوبات الأميركية، الى جانب سوء الادارة ووباء كورونا واسباب اخرى، وكذلك بسبب محدودية آمالها في الحصول على قرض، ستواجه إيران مصاعب في تأمين الأموال المطلوبة، فقيمة سرب واحد من مقاتلات "سوخوي 30" مثلاً يمكن ان يكلف إيران ما يصل الى ملياري 
دولار.
في احاديثهم الشخصية يعترف المسؤولون الإيرانيون بأن الأزمة المالية الحادة التي يعيشها بلدهم سوف تحول دون الانطلاق في حملة مشتريات 
محمومة.
حصول اسرائيل المعادية ودولة الإمارات العربية على مقاتلات "أف 35" النفاثة يجعل طهران شديدة التطلّع الى منظومة الدفاع الجوي "أس 400" القادرة على مواجهة طائرات الشبح، بيد أن اجتماع السببين، أي عزوف الروس عن تجهيزهم بتلك الطائرات الى جانب قيود الكلفة، كفيل بإعاقة أي محاولات 
للشراء.
تدعي إيران أن بوسعها انتاج 90 بالمئة من المعدات العسكرية التي تحتاج اليها، كما تبدي اهتماماً بصفقات الترخيص، كتلك التي أتاحت للهند إنتاج المقاتلات الروسية النفاثة وفي الوقت نفسه اكتساب المعرفة والخبرة للتمكن في نهاية المطاف من صناعة معداتها الخاصة 
بها.
يقول مطلعون في الشؤون العسكرية ان الإيرانيين يسعون للحصول على التكنولوجيا لأنهم تعلموا أن عليهم انتاج كل ما يحتاجون اليه محلياً والاستغناء عن
 الآخرين.
الصين بائع آخر مرتقب للسلاح الى إيران. 
في الماضي باعت الصين صواريخ الى طهران ويبدو انها في هذه السنة ايضاً تقترب من اتمام صفقة تعاون كبيرة معها في المجالين العسكري والاقتصادي، بيد ان بكين تقيم لعلاقاتها بالولايات المتحدة وباقي دول الخليج وزناً ايضاً لا يستهان به، لذا يتوقع الخبراء أنها رغم كل الاطراء الذي تكيله لإيران عند التعامل معها فإنها بالنتيجة سوف تعطي علاقتها بالولايات المتحدة 
الأولوية.
لقد استثمرت إيران بقوّة في بناء قدراتها لإنتاج السلاح التقليدي لأغراض التصدير، كما استخدم حلفاء إيران في مختلف انحاء الشرق الأوسط الأسلحة الإيرانية ومن بينهم اليمن. من المحتمل ان يكون لدى دول في افريقيا وأميركا اللاتينية اهتمام بشراء النسخ الإيرانية الرخيصة نسبياً من الطائرات المسيرة والانظمة 
الصاروخيَّة.