الاتحاد العام للادباء والكتّاب مطبوعات وأنشطة ثقافيَّة ومعونات ماديَّة

ريبورتاج 2020/10/31
...

       ذوالفقار يوسف  تصوير: علي الغرباوي
 
مهما كنت بعيداً عن هذه الثروة، ستندهش حتماً عندما تأتي اليك وقد مزجت بعاطفة لا مثيل لها، فقد قطف ابناء الجواهري ثمار اصالته في اتحاده البهي، وقد كسروا قاعدة المسافات، لربط الادباء والكتاب من مبدعي هذا الصرح ببعض، فهم تارة يخطون الملاحم بادبهم في صحف التميز، وتارة اخرى ينشدون اهازيج الابداع في قاعات اتحادهم، وكما هي كل المكاسب انتهوا الى ذلك المكسب الاسطوري، وهو البقاء للاسرة، وها هم قد ضموا كل فرد بحب تحت جناح اتحادهم الخالد.
ما أن تدخل من بوابة الاتحاد، الا وتجد تمثالا شامخاً، كما صاحبه، وقد زينت مسنده قصائد ملحمية، فكيف لمكان أن يكون اذا بدأ بشاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري، تليه قاعة كبيرة مخصصة لفعاليات الاتحاد.

الذهاب نحو التحديث
عند مرورنا بإحدى القاعات، فزنا بلقاء رئيس اتحاد الادباء والكتاب ناجح المعموري، فقد حدثنا في بادئ الامر عن شيخوخته التي ترافق عمله والاتحاد وعناء سفره المستمر من الحلة التي هي مقر سكنه الى مقر الاتحاد الكائن في بغداد، ويقول: "لم يعد الاتحاد مجرد منظمة ثقافية كما في السابق، وانما تحول الى مؤسسة ثقافية ومعرفية، تختلف عن كل المنظمات الثقافية في الوطن العربي، لان اتحاد الادباء اختط منهجاً معرفياً وثقافياً فيه الكثير من الابتكارات، ولكني لا استطيع تجاهل التجارب التي سبقت واسست وفتحت منافذ التحديث وابواب التعرف على الآداب والفنون المختلفة في الوطن العربي والعالم".
وعن تشكيل الاتحاد يردف المعموري ويقول: "تشكل اتحاد الادباء في العام 1959، إذ كان الجواهري رئيساً، فقد ضمت هذه المنظمة الثقافية العديد من الأسماء البارزة واللامعة، فهم يمثلون شبكة رمزيَّة في المجال الثقافي والإبداعي والفني، وأنا سعيد لأنني امتدادٌ لتلك الاسماء التي تعلمنا منها، واعني بهم (فؤاد التكرلي وسعدي يوسف وعبد الوهاب البياتي والفريد سمعان وفاضل ثامر)، هذه الأسماء اللامعة في الثقافة العراقية والعربية، وما عليّ من واجب هو أن اذكر بالمشروع الثقافي والمعرفي الذي اختطه اتحاد الادباء منذ التأسيس وحتى الان، وهو الذهاب نحو التحديث، والاشتغال على ما يفعل فكر النهضة بالحياة العراقية المدنية والريفية، لانه من اهم الرسائل التي اشتغل عليها اتحاد الأدباء والكتاب في العراق".
 
قصص النادي
يحدثنا الشاعر عمر السراي عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد فيقول: "انَّ اختيار المحتفى به من الكتاب والادباء، يتم عن طريق لجنة ثقافية برئاسة أمين الشؤون الثقافية، وبالتواصل مع أندية وروابط ومنتديات الاتحاد، لكن الحرية هي أساس العمل، ولكل منتدى او لجنة ثقافية في بغداد او المحافظات، حرية الاختيار وإدارة الملف الخاص بها بجمال وتنسيق وإبداع". 
ويصف الشاعر السراي الجزء الاخر من الاتحاد ويقول "هناك توجد فسحة ترفيهية للأدباء، لا تتوقف عند حدود الترفيه، بل تمتد لتكون محطة تفكير ومراجعة وكتابة، ونقاش للقضايا الثقافية، وثمة ذكريات وأقاصيص وأحاديث لو دوّنت لتحولت الى كتب عن كواليس النادي ورجالاته، وأهم روّاده، وأبرز نقاشاته".
 
الجناح الإنساني
أما عن الزيارات ومساعدة الصحفيين والكتاب في بغداد وباقي المحافظات، فللاتحاد جناحٌ إنسانيٌّ كبيرٌ يتمثل بالتواصل مع شريحته التي عانت وتعاني من التهميش تارة ومن المرض تارة اخرى، لذلك ليس امام الاتحاد الا أن يهتم بادبائه، والدعم المعنوي والمادي سمة لم يغادرها الاتحاد ابداً.
إذ يؤكد الشاعر عمر السراي أنَّ "الاتحاد كيان إنساني أولاً، لا يؤمن بالبيروقراطية أو الترفع والتعالي على جمهوره، فالادباء نبض الوطن، وخدمتهم طريق للخلود، وعلى كل من يتصدى لإدارة الاتحاد، أن يعي بأنه مسؤول عن اسرة كبيرة، هو فرد مختار منها لخدمتها، لذلك يجد المتابع أن الزيارات متتالية ولا تتوقف، وتلبية حوائج الادباء بما يستطيعه الاتحاد، وما يفرضه التوازن هدف ومسعى وحقيقة، ولا اظن أن مؤسسة استطاعت أن تبني أواصر الجمال والتواصل، كما فعل الاتحاد، وهذا جهد نتمنى أنْ يعمم ليشمل كل مؤسسات العراق".
ويضيف السراي "أما عن استذكار الاتحاد لمبدعيه الراحلين عن الحياة، فيحرص الاتحاد على ديمومة استذكاره لأدبائه ممن قدموا الإبداع على مر حياتهم الأدبية، كخطوة مهمة لرد الجميل، وإبقاء أصواتهم حاضرة بين جمهورهم ومحبيهم".
 
ملاكات
وعن الدعم المادي للاتحاد يوضح لنا السراي: "على الرغم من إيرادات الاتحاد القليلة قياساً بالمنجز الكبير الذي يقدمه، إلا أن دوره واضح في ضخ الثقافة في الحياة العراقية، فالمهرجانات والكتب والجلسات والندوات والمسابقات لم تتوقف قط، حتى في ظل أشرس الظروف، علما ان الاتحاد لم يتسلم أي منحة حكومية، ويمارس دوره بنشاط وثبات وباستقلال، وهذا الأمر ضروري، فالاستقلال شرط أساس لكل عمل ناجح، لذلك تظل الدعوة قائمة للتفكير بمؤسسات مستقلة على مستوى الوطن كله، فقد ثبت بالتجربة ان النجاح حليف للقطاعات الخاصة، وان التلكؤ صار سمة للمؤسسات المدارة حكومياً".
ويردف السراي أنَّ "الاتحاد قلعة رصينة، ومثال حي لاستثمار العقل والإخلاص لخدمة الوطن، وتقديم الخدمة قبل المصلحة".
ويقع على عاتق كادر الاتحاد التواصل مع ادبائه، اذ تكون من اولوياتهم خدمة الأدب والأدباء عن طريق ما يقدمونه، فثمة كادر للجريدة وآخر للمجلة وآخر للموقع وآخر للقبول، فضلاً عن المكاتب الثقافية والأندية والروابط.
 
اتحادك في بيتك
لقد ربط الاتحاد أحزمة التحدي منذ تعرض الوطن لجائحة "كورونا"، فالجهود الكبيرة مدّخرة لأوقات الشدائد، لذلك حمل الاتحاد مشروعاته بقوة، وأصر على ألا يتوقف ابدا، بل ضاعف الجهد والتحدي، لذلك تم اطلاق مشروع (اتحادك في بيتك) الذي انتشر لتتبعه البلدان والمؤسسات، واستطاع خلاله تقديم ما تجاوز الألف جلسة تفاعلية، بشّرت بالحياة.
ويبين عضو المكتب التنفيذي عمر السراي "قدّمت مائدة للمتلقين تصلهم عامرة ايام الحظر والعزلة، كما انطلق الاتحاد بمنشوراته وأنجزها بجهد استثنائي، اذ طبع 60 كتاباً لأدبائه ومازالت العجلة مستمرة، كما رفع الاتحاد مئات الكتب والمجلات والفيديوهات الكترونياً على مواقعه لتشجيع القراءة والمتابعة الثقافية، وكوّن الاتحاد لجانا لتوزيع الإعانات من أرزاق ومبالغ على بعض الأدباء المحتاجين وقتها، كما تم تكوين مشروع لتوزيع الكتب، اوصل آخر الاصدارات لكل محافظات ومدن الوطن، ولبيوت الأدباء، ومازال العمل مستمرا وجاريا، وسينجح أكثر فهو جهد تطوعي للخدمة العامة".
 
250 كتاباً ومجلة
عندما تمتهن طبع الكتب وتوزيعها، تخلق الوعي من خلال التشجيع على القراءة، وللاتحاد دور كبير، يتمثل بنشر الثقافة والمعرفة، والكتاب خير حامل لهذه المعرفة، يحدثنا السراي من هذا الجانب ويقول "قد استطاع الاتحاد في السنوات الثلاث الأخيرة أن يطبع ما يصل لـ (250) كتاباً ومجلة، وتم توزيعها للنخب والقرّاء، في خطوة ثورية نشرت العلم والأدب في الاوساط، وتشجيع القراءة لا يمكن له أن يتم الا عن طريق خطى مدروسة ومثابرة، والا سيظل الكتاب حبيسا لجدران العزلة والخوف والتسلط".
 
اتحاد الشعب
وقف الاتحاد مع الشعب دائماً، على مر التاريخ، وكان السبّاق بإصدار البيانات والحضور الدوري المستمر، وما ان انطلقت تظاهرات تشرين حتى كان الاتحاد في طليعة الحاضرين مع الشعب، وظل هاتفا متواصلا، ينشر الوعي والموقف والشعر والثبات.
اذ يؤكد السراي "سيظل الاتحاد طليعة للوطن وثابتا في سوح الحق والمطالبة بالحقوق، لقد وقف الأدباء امام وابل القنابل والرصاص واستشهد وخطف وغيّب جمع من أقماره الباسقة، وسيظل مدافعاً ومطالباً دائماً".
 
الانتخابات والعضويَّة
للاتحاد مجلس مركزي يتم انتخابه من قبل الهيئة العامة، وينتخب المجلس المركزي رئيس الاتحاد وأمينه العام والمكتب التنفيذي، فضلا عن انتخابات خاصة بكل اتحادات المحافظات، ويجري الأمر بشفافية وتعبير حر عن الآراء والتوجهات.
وعن العضوية، يبين السراي "هناك لجنة كبيرة مقسمة لأقسام على وفق التخصصات للنظر في العضوية المقدمة، والشرط الفني الإبداعي، هو الشرط الوحيد الذي يتم القبول من خلاله، لذلك نجد ان الاتحاد من أقل المؤسسات عدداً على مستوى هيئته العامة، لصعوبة القبول فيه.
 
جريدة الاتحاد الثقافي
يختم السراي بمشروع الجريدة ويقول "ان جريدة الاتحاد الثقافي مشروع رائد، اذ وصل الان لإصدار 35 عدداً، وهو أمر مهم يستوعب نتاجات الأدباء، وقد دعّم مشروع النشر في الاتحاد بموقع رسمي رصين وحديث، ينشر فيه الادباء نتاجهم في اقسامه، فالوطن بحاجة مكثفة لمنصات اعلامية ثقافية توصل المعرفة للجميع".
وللاتحاد مسابقة شبابية دورية تعقد كل سنة، وقريبا ستعلن نتائجها دعما لشريحة الشباب التي تمثل المستقبل، والعزم متواصل لجائزة كبيرة لكل فئات الأدب، اذ تتمنى اسرة الاتحاد أن يحصل هذا المشروع على الدعم الكافـــــــــي للانطلاق به.