السماوة: أحمد الفرطوسي
باتت تسميات المحال التجارية والأبنية في مدينتنا وفي مدن عراقية أخرى، تمثل ظاهرة عامة تنم عن جهل بما تحمله هذه الأسماء من إساءة أو ميول أو اتجاهات معينة، فمن امتلك قسطاً يسيراً من الثقافة والتعليم، يلاحظ ان ما تحمله لوحات الإعلانات التي تزين واجهات المحال التجارية والصناعية والأبنية الأخرى له دلالات متناقضة، وقليل منها يحمل اسماء جميلة ذات دلالة واضحة، والبعض يحمل اسم صاحب المشروع أو المحل ولا ضير في ذلك، فلا بأس أن يحمل محل لبيع الملابس النسائية اسم الفاتنة او ما شابه ذلك من صفات جمال المرأة، لكن المعيب أن يحمل اسماً من أسماء الله الحسنى او اسماً من أسماء الائمة الأطهار
وهذا يظهر جهلاً واضحاً بأبسط القيم الدينية والأخلاقية، وحتى الذوقية، ناهيك عن الجهل الواضح في ابسط القواعد اللغوية.يقول الحاج كريم السماوي (معلم متقاعد): "إنَّ ما يكتب ويقرأ على واجهات المحال إنما ينمُّ عن جهلٍ واضحٍ لدى صاحب المحل، وهذا الجهل والتغاضي المتعمدان ينسحبان أيضاً على الخطاط الذي كتب اللوحة الدعائية او الإعلان الضوئي، فكان الأجدر به أن يبدي النصح والإرشاد لأصحاب المحال بالابتعاد عن إطلاق مثل هكذا تسميات وعناوين، قد تخدش الحياء او تسيء للذوق العام او حتى للدين في بعض الحالات، ان كان في الإعلان إساءة لفظية ومعنوية".
مضيفاً "اعرف كثيراً من الخطاطين لجؤوا إلى عدم ذكر أسمائهم على تلك اللوحات الإعلانية منعاً للإحراج من اللفظ والمعنى، وان مثل هكذا إعلانات تعبر عن ثقافة المعلن وعن التوجه العام في احدث صرخات الموضة".
امتعاض
حامد الحسيني (26 عاماً)، يعمل بمحل لبيع الألبسة النسائية في سوق السماوة المسقف أطلق على محله (حجابات السيدة زينب) سألته عن رأيه بهذه التسمية، فقال انها تسمية صحيحة ولا توجد فيها إساءة بحسب تعبيره عن معنى إسلامي، واعتزازاً بصاحبة هذا الاسم مستدركاً "انه لا توجد إساءة لمنزلة هذه السيدة العظيمة".. ثم تركني ممتعضاً وقطع حديثنا بشكل متشنج.
إعلانات ودول
أما صادق الخضري (تاجر) فحدثنا عن رحلاته المستمرة بين دول الخليج والصين، وعن الإعلانات والأسماء التجارية، فهناك للاعلانات ضوابط وقوانين سارية، وتكون بموافقات وتراخيص من البلدية، اذ يجب تكون ذات معنى رصين لا يخالف الدين والشرع والذوق العام.
مشيراً إلى أنَّ "الأسماء في مدننا لا تخضع لتلك الإجراءات ويغلب عليها تأثرها في بوتيكات المدن الأوروبية والتركية".
مطالباً الحكومة المحلية في كل محافظاتنا بمتابعة هذه الحالات، وتوجيه أصحاب المحال بأخذ موافقات من الدوائر البلدية لتفادي الإساءة وتجنب خدش الحياء، كما ناشد رجال الدين وخطباء المنابر أن يضعوا هذا الأمر نصب أعينهم وأن يحاولوا رفع الإساءة والتطاول على أسماء الله الحسنى.
انعدام الرقابة
بينما يقول محمد شامل ( صاحب مرطبات ألاسكا) "انه افتتح مشروعه منذ عامين ويرى انه لا توجد فيه إساءة، ولا بأس في تسمية محال المرطبات في السماوة بأسماء الفواكه ( البرتقالة، التفاحة، المشمشة وغيرها) لكننا نرى إعلانا تجاريا بأضواء خلابة يحمل اسم ( مخبز الرسول، خرازية الزهراء، بوتيك الحوراء وغيرها) وهنالك الكثير من المسميات التي نترفع عن ذكرها".
وأضاف "إن المشكلة في شوارعنا التي باتت مليئة بهذه التسميات ولا يوجد رادع أو حتى ناصح إلا ما ندر".
تشريعات
الإعلامي يوسف المحسن يرى أن غياب التشريع واضح على الإعلان التجاري ومواصفاته، وان عدم التوقيع على اتفاقية المؤلف التي تضمن عدم التجاوز على حقوق الآخرين الإعلامية والإعلانية، أباح لأصحاب المحال التجارية وضع ما توعز به توجهاتهم ورغباتهم الشخصية من أسماء وإعلانات على واجهات تلك المحال والبنايات.
ويردف المحسن "يبقى الحل في إصدار تشريع يكون عونا للسلطة التنفيذية في منع هذه الممارسات، إضافة إلى دور رجال الدين في توضيح الأبعاد السلبية لاستخدام الرموز الإسلامية في معاملات يومية تجارية".
ثلج بارد
وانت تمر على الطرق الرئيسة السريعة، تجد العديد من بائعي الخضار والفواكه وقد انتشروا على ارصفة الطرقات، فضلا عن بائعي السمك والدجاج ، الا ان ما شدني في احد ايام صيف العراق اللاهبة احدى اللوحات وقد خط عليها (ثلج بارد للبيع!)، اذ كانت هذه اللوحة اعلان من احد بائعي الثلج، وهو يجذب المواطنين بهذه الطريقة المضحكة، ورغم ان الحادثة اصبحت مزحة، الا انني اخاف ان اجد لوحة في احد الايام وقد كتب عليها "هذا البلد صالح للعيش!".