زينب صاحب
لم تكن قيادة المرأة للسيارة امراً غريباً او مستحدثاً، فهي ظاهرة طبيعية وقديمة منذ سنين، الا انها أخذت تزداد في الآونة الأخيرة ولأسباب عدة، منها تطور القدرة الشرائية لدى النساء، وحب الذات، والشعور بالثقة، وايضاً للتسهيلات التي وضعتها معارض وشركات بيع السيارات، وبالتالي تزايدت معها وبشكل طردي مكاتب تدريب السياقة في بغداد والمحافظات.
المرآة الملعونة
تهتم المرأة كثيراً بجمالها وانوثتها وتحب النظر في المرآة بين الحين والآخر، ولتتأكد ان كان كل شيء على مايرام، وهذا امر فطري عند النساء، ولكنه يصبح خطراً لو استخدمت النساء مرآة السيارة اثناء القيادة ولأغراض خارجة عن استعمالها الأساسي، مثل وضع مساحيق المكياج، او اضافة بعض اللمسات التعديلية عليه.
وفي الشأن ذاته تحدث ابو فضاء مهندس سيارات ومدرب أقدم في احد مكاتب تعليم فن القيادة ببغداد قائلاً: "تقع حوادث السير عند النساء والسبب هو استخدام مرآة السيارة لأغراض وضع مساحيق التجميل"، وتؤكد قوله تقارير اجراها بعض الباحثين الاجانب.
الرجل أكثر احترافاً في القيادة
عندما تقدم المرأة على القيادة، فهذا امر يحمل الكثير من الايجابيات، مثل تخفيف العبء على الزوج، وقضاء حوائجها اليومية نظراً لتفرغ معظم النساء، اضافة الى تقليل تعرضها للتحرش من قبل سائقي الباصات العمومية وسيارات الأجرة.
ولكن قبل نزولها الشارع واندماجها معه، لابد لها من تعلم اساسيات القيادة والقوانين لتكون مهيأة بشكل كامل، وقادرة على أن تتخطى أي موقف عرضي من الممكن اي يواجهها، لذا تلجأ النساء الى مكاتب تعليم القيادة، والتي بدورها توفر كادراً رجالياً او نسائياً، ولأن البعض يفضلن التدرب مع امرأة لأسباب اجتماعية، وعلى العكس تماماً فهناك اخريات يضعن المجتمع جانباً ويخترن الرجل لتدريبهن.
فاطمة أحمد (33 عاماً)، متدربة في أحد المكاتب، والتي أصرت على أن تتدرب مع رجل رغم معارضة اسرتها، الا أنها تعتقد بأن المدرب الرجل اكثر ذكاء وخبرة في السياقة وقالت: "أشعر بالثقة والأمان مع مدربي محمد وهذا ما أفقده مع المدربة المرأة".
"گير عادي"
تطور اختراع السيارة عبر السنين، فمنذ ظهورها بشكلها الأولي في القرن التاسع عشر كمصدر للطاقة، اذ بدأت باستخدام البخار واستمرت بعد ذلك باستخدام النفط في محركات الاحتراق الداخلي، الى أن وصلت لما هي عليه اليوم، فقد اعتاد ابناء الأجيال السابقة على قيادة ناقل السرعة العادي ولم يكن للاوتوماتيكي وجود الا بعد الحروب وكثرة ما خلفته من اعاقات، حينها استحدث المختصون هذا النوع من الناقل لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي ما بعد صار الطلب عليه كبيراً، فقد أعرض كثيرون عن ناقل السرعة العادي لما فيه من تعقيد وصعوبة.
وهنا كان لأبي فضاء رأي، فقد اعتبر "الگير العادي" مخصصاً للرجال ومن الصعب على المرأة استخدامه، وذلك لكثرة تفاصيله ما يشتت انتباه السائق، اذ يتطلب منه الكثير من التركيز والشجاعة.
ويتابع القول: "إنَّ الرجل أكثر جرأة من المرأة، فالأخيرة متأنية حساسة ومسؤولة، وبسبب تخوفها لن تستطيع السيطرة على هذا النوع من ناقل السرعة على عكس الرجل الذي يعرف دائماً باحترافيته ومجازفته وتهوره بالقيادة أحياناً".
فن وذوق وأخلاق
لا يقتصر عمل مكاتب تعليم السياقة على تعليم القيادة فقط، فهناك تفاصيل متعددة يجب على المدرب تلقينها للراغبين في التعلم، منها الاشارات المرورية، والتعامل مع باقي السيارات، والأسبقية التي تعتمد في الشوارع الضيقة وغيرها.
محمد ابو التمن مدير احد مكاتب تعليم القيادة، يحرص على تعليم آداب الطريق لكل المتدربين أثناء قيادتهم، فهو يرى أن الالتزام وعدم مضايقة الآخرين مهمان، كأهمية المحاضرات النظرية عن كيفية نفخ هواء العجلات، وطريقة قياس زيت المحرك، وصولاً الى التدريب العملي، اذ قال : "اول نصيحة أقدمها للمتدرب هي أن الشارع ملك للجميع، ويجب أن تقود بطريقة لا تؤذي بها الآخرين".
وعن الشهادات الفخريَّة التي تمنح للمتدرب بعد إكمال الدورة قال: "شهادة التدريب تكون نافذة لمدة شهرين يستطيع السائق استخدامها في السيطرات، فمكتبنا مرخص من دائرة المرور بعد أن قاموا بزيارة المكان والكشف عن التفاصيل التي تذكر في المحاضرات".
من المرأة إلى المرأة
قالت أم علي (44 عاماً) إحدى مدربات القيادة: "أستطيع أنْ أتفهم احساس المتدربة، اذ يصلني خوفها وترددها، وكل ما يحدث اثناء تعليمي لها، فأنا من الجنس نفسه، وبالتالي أكون على علم ومعرفة بكيفية امتصاص هذه المشاعر، ما ينعكس ايجاباً عليها، وبالتالي يسود الهدوء والسلاسة أثناء التدريب".
واضافت "لا يخلو هذا الهدوء والتفاهم من المضايقة والسخرية أحياناً، فكوننا امرأتين في سيارة خاصة للتدريب، يعدُّ أمراً كافياً لإزعاجنا".