محمد عبد المحسن.. ألحانٌ وأغانٍ تُقاوم الغياب

الصفحة الاخيرة 2020/11/02
...

بغداد: نورا خالد 
 
 
 
استذكرت جمعية المهندسين العراقيين مساء الجمعة الماضية، الملحن الراحل محمد عبد المحسن ضمن باكورة أنشطتها الثقافية، وسط حضور عدد كبير من المعنيين بالشأن الموسيقي
 والمتابعين. 
قدمت جلسة الاستذكار الفنانة التشكيلية بشرى سميسم، بمشاركة الشاعر الكبير ناظم السماوي والصحفي حسن فلحي الصباغ.
واشارت سميسم الى ان هذه الفعالية تكاد تكون الاولى للاحتفاء بمنجز الملحن الراحل، وبمستهل تعريف الحاضرين بمسيرة الراحل عبد المحسن قالت: ولد في بغداد العام1928  عاش وترعرع في محلتي الكرخ الشريعة ومحلة الشيخ عبدالقادر الكيلاني. مارس الغناء بعمر الثماني سنوات وكان محطاً للانظار حينما غنى أنشودة من ألحان الرائد الفنان سعيد شابو عنوانها للمسير أيها الجيش
 الصغير.  
استذكر مجايله ورفيق سنواته الشاعر ناظم السماوي بداية رحلته مع الراحل قائلا: "عندما أتذكر عبد المحسن تتعطل لغة الكلام فهو ملحن كبير بدأت رحلتي معه نهاية ستينيات القرن الماضي، زاملني في قسم الموسيقى عندما كنت فاحص نصوص في فترة السبعينيات وهو كان مخرجا غنائيا مع مجموعة من المخرجين الكبار".  
وأضاف السماوي" أول عمل له من كلماتي هو أغنية "دوريتك" وهي من اطول الاغاني العراقية التي لحنها بعبقريته المعهودة، وبعدها توالت اعمالي معه حتى وصلت لأكثر من 150 نصا غنائيا. 
غنت الفنانة أمل خضير رائعته "أحاول أنسى حبك" وسط تفاعل وتصفيق الحضور قائلة: "لي عظيم الشرف ان احضر جلسة استذكار محمد عبد المحسن احد عمالقة الفن العراقي
 الاصيل".  عندما تولع عبد المحسن بالغناء والموسيقى قرر دخول معهد الفنون الجميلة وتتلمذ على يد الموسيقار الكبير الشريف محي الدين حيدر والشيخ علي الدرويش وبعدهما الاستاذ روحي الخماش، ودرس العود والصولفيج وتعلم قراءة النوتة الموسيقية وكان يعشق فن الموشحات. 
انفرد عبد المحسن بغناء اول موشح من ألحان الموسيقار روحي الخماش "حامل الهوى تعب"، اما اول اغنية له من ألحانه وغنائه هي أغنية "يا قلبي ليش
 تعاتبني".  
نجل الفنان الراحل أحمد محمد عبد المحسن أشار خلال مداخلته "لم يتوقف والدي عند الغناء بصوته، بل قدم ألحانه الى العديد من الاصوات العراقية والعربية، وخلال زيارة الفنان عبد الحليم حافظ الى بغداد مع اخيه اسماعيل شبانة لحن والدي لاسماعيل اغنية "يا ابو المشحوف تانيني"، ومع انبثاق ثورة 14 تموز غنى أغنية وطنية تبدأ بكلمة "عدنا زعيم اسمه كريم" وتنتهي بأهزوجة اصبح الشعب يرددها آنذاك في هتافاته وهي "ماكو زعيم
 إلا كريم".  
وتابع: "كان يمتلك رصانة فنية وسلوكية جعلته محافظا على سيرته الفنية دون أن ينحدر الى متاهات الغناء التي انجرف إليها غيره، فكان يحرص على فنه ويدقق في اختياراته وهو السر الحقيقي وراء شحة نتاجاته". 
وختم "رحل والدي بتاريخ 23/4/1983 وقد عوضنا برحيله بثروته الفنية الكبيرة التي تركها من أغنياته
 وألحانه".  
أطرب كلٌّ من الفنانين بلاسم عجوب وعلي سالم الحضور بأغان من الحان الراحل منها اغنية "سلم.. سلم" و"دوريتك" و "يا حسافة" لاقت استحسان وتفاعل الجمهور. شبه الناقد الموسيقي سامر المشعل ألحان عبد المحسن بالرسم اللحني للكلام قائلا: "يمتلك الملحن محمد عبد المحسن مقدرة مدهشة على تقديم الحان بألوان وبيئات مختلفة، اذ تتلبسه روحية غريبة فعندما يلحن الاغنية البغدادية يعطي هوية وروح الاغنية البغدادية مثل "احاول انسى حبك" و "سلم بعيونك الحلوات". 
فنشعر كأن الملحن من قلب بغداد بنفس الوقت عندما لحن "يا ابو المشحوف" كأنما هو من عمق الهور، وبذات السياق عندما نلمس الروحية الموصلية بأغنيتي "اشكان الدلال" و"دخيل الله
 ولا تقلو".  
وبيّن المشعل أن "الأغاني الكبيرة التي لحنها الراحل في الستينيات وبداية السبعينيات مثل "دوريتك و "يا حسافة" فضلا عن الاغاني الريفية لداخل حسن وحضيري ابو عزيز وسعدي الحلي كانت حافزا لملحنين اخرين مثل كوكب حمزة وطالب القره غولي ومحمد جواد اموري لتحفيزهم على تقديم الروائع
 الابداعية.