حديقة الشعب في السليمانية..واحة المثقفين والمتقاعدين والجامعيين

ريبورتاج 2020/11/03
...

عذراء جمعة 
طبيعتها النضرة والجذابة وموقعها الذي يتوسط محافظة السليمانية جعلاها مركز جذب أغلب فئات المجتمع في المدينة والسياح القادمين اليها، إنها حديقة الشعب او ما تسمى بالحديقة العامة او البلدية، وهي من أقدم الحدائق، اذ تأسست العام 1937، وتتميز بمساحة كبيرة ولها بابان امامي وخلفي، حتى يتمكن روادها الدخول اليها من كل جانب، وتحتوي على ممر عند المدخل.
 فيه نصب للعديد من شعراء المحافظة، امثال مولوي ونالي وسالم، وتملتئ بالمقاعد الخشبية لجلوس زوارها، وفي الجزء الامامي لها يتوسط نصب الشهداء المناضلين في المحافظة والكثير من التماثيل للكتاب والمثقفين في السليمانية، التي تعرف باهتمامها العالي بفئة المثقفين.
ساعد وجود الاماكن الخضراء الواسعة في الحديقة على جلب الأسر طعامهم معهم وتناوله فيها والاستمتاع بالمناظر الجميلة وزقزقة العصافير وتجمع الحمام، علاوة عن جلب الاطفال لكراتهم واللعب بكل حرية، اذ تتوفر الالعاب الترفيهية الخاصة بهم، وبالمقابل توجد الالعاب الرياضية لكل الاعمار، فكل ما يرغب به الزائر موجود، وان كل ما فيها مع الدخولية مجانا. 
 
المثقفون والمتقاعدون
عند تجوالي في الحديقة صباحا صادفني صبيا يافعا بدت ملامحه عربية، يحمل أدواته لبيع الشاي والقهوة، سألته أأنت عربي؟، اجاب بنعم، وبدأنا الحديث، قلت له ما اسمك رفض ذكره كي لا يحرج بين زملائه في المدرسة، لأنه يعمل في الحديقة وهو من مواليد 2005 طالب في الصف الثالث المتوسط ونازح من محافظة صلاح الدين منذ اربعة اعوام، ومن ذلك التاريخ وهو يعمل في الحديقة شتاء ويبيع الماء صيفا في سوق مولوي، وينتظرعودة الاستقرار الامني لمحافظته، كي يعود مع أسرته ويستقرون هناك.
ويقول الصبي ذو الخمسة عشر عاما، "ان هذه الحديقة زوارها كثيرون ومن مختلف فئات المجتمع من اهالي محافظة السليمانية، وكذلك من السائحين القادمين اليها".
منوها بأنها تكون اكثر ازدحاما يومي الجمعة والسبت، فضلا عن ايام المناسبات مثل عيدي الفطر والاضحى ونوروز ورأس السنة الميلادية، مشيرا الى ان "الحديقة يكثر زبائنها من الأسر والشباب والمتقاعدين والمثقفين والطلبة، من الساعة التاسعة صباحا وحتى الخامسة عصرا، وان عددا من الفعاليات الثقافية والاجتماعية تجرى فيها، مثل معارض للكتاب او للصور الفوتوغرافية، ففي العام الماضي جرت احتفالية خاصة بمناسبة عيد العمال، اذا عملوا مائدة تحوي مختلف
 انواع الطعام وبشكل مجاني لجميع رواد الحديقة". 
 
طلبة جامعيون
وجدنا مجموعة من طلبة الدراسات العليا على شكل مجاميع يدرسون معا ويتبادلون المعلومات والمصادر في ما بينهم، اذ يرى آزاد علي رؤوف طالب ماجستير ادب انكليزي "ان الدراسة معا مع زملاء من الاختصاص نفسه وفي مكان مفتوح ومريح يسهل علينا الكثير من الصعوبات في الدراسات من خلال المناقشة واعاة المادة اكثر من مرة".
منبها على أن "تبادل المصادر يساعدنا كثيرا في توفير المبالغ لتعويضها في مكان اخر، واننا نكثف زياراتنا الى الحديقة بشكل يومي قبل الامتحانات للتركيز اكثر على مناهجنا، وجميعنا نفضل اجتماعنا في الحديقة افضل من الكافيهات او بيت واحد منا، اذ نتفق على موعد محدد وكل منا يأتي الى الحديقة بمفرده وبعد اكتمال عددنا نبدأ درسنا المقرر".
 
مكان هادئ
بعد أن قضوا سنوات عمرهم في الوظيفة وجاءت مرحلة الراحة بعد الاحالة على التقاعد، ومن اجل الاستمتاع بوقت الفراغ، يلجأ الكثير من المتقاعدين الى حديقة الشعب من اجل لقاء بعضهم البعض، وبناء علاقات جديدة في ما بينهم، يوضح المتقاعد سلوان محمد كامل "انني آتي كل يوم الى الحديقة واقضي فيها ثلاث ساعات، والتقي باصدقائي المتقاعدين، فضلا عن اصدقائي السابقين، فنتبادل اطراف الحديث عن الواقع السياسي والاقتصادي للبلاد".
مشيرا الى أنهم يستعيرون في ما بينهم الكتب والصحف ويشربون الشاي والقهوة، وينصحون بعض الشباب الزائرين للحديقة اذا وجدوهم يحتاجون الى ذلك جراء تصرف خاطئ او منافٍ للأخلاق.
منبها على ان اللقاء في الحديقة يدعوهم الى اداء الواجبات الاجتماعية تجاه زملائهم ان تمرض احد منهم او تعرض الى اي مشكلة فيتكاتفون في ما بينهم ويتفقون على المساعدة بالشكل المطلوب.لافتا الى أن" زيارة الحديقة اليومي بمثابة الدوام في دوائرنا، ولا يمكن الاستغناء عنه الا بسبب عارض قوي".