{الفلاتر} تضييعٌ للملامح وهروب من الحقيقة

ريبورتاج 2020/11/03
...

 زينب صاحب
لم تعد مواقع التواصل تشكل خطراً نفسياً على مستخدميها فحسب، بل تعدت حتى مرحلة الهوس فهناك من يريد تبديل رأسه بالكامل! ليضع رأساً جديداً بملامح مطابقة لما يلتقطه من صور في فلاتر سناب شات وانستغرام، ولم يقتصر هذا الامر على المراهقين والفتيات فقط، فحتى الشباب ومن مختلف الفئات العمرية، قد وصلوا الى هذه النقطة ولأسباب مختلفة.
عمليات التجميل
تعتبر صورة الوجه أحد العوامل المهمة التي تحسن او تعيق التوافق الاجتماعي والنفسي لدى الفرد، فقبوله لشكله يرتبط بطريقة مباشرة او غير مباشرة بمدى سعادته واندماجه مع المحيط الذي ينتمي اليه، وحول ذلك قال الباحث النفسي علي حبيتر: "يلجأ العديد من الأشخاص الى أطباء التجميل كمحاولة منهم للحصول على أشكال مشابهة للمؤثرات التي تضفيها برامج التعديل على الصور، او لتقليد المشاهير ليرضوا ذواتهم ويحققوا السلام الداخلي بذلك، حتى بات الجميع متشابهين بالملامح والأشكال، وصار التميز بعدم المحافظة على الشكل الطبيعي وطرق التجميل". 
 
حسرة
يعاني المراهقون من تغير ملامح الوجه، او ظهور حب الشباب الذي يسبب بدوره شعوراً نفسياً سيئاً وغير مرغوب فيه، ولكن "الفلاتر" لديها الحل وبكبسة زر واحدة تختفي كل هذه الآثار والبثور، وتخفي معها المشاعر السلبية التي تراود الأشخاص في هذه المرحلة العمرية، الا أن ما حدث مع الشاب علي (22 عاماً)، لم يكن مجرد صورة فقط،  فهو يريد أن تصبح بشرته مثل "فلتر السناب شات" تماماً، وهذا ما دفعه للذهاب الى أطباء مختصين بالبشرة وانفاق الكثير من المال، وحقن أبر البلازما والمراهم وغيرها حتى يصل لمبتغاه اذ قال: "بعد أن جعلني "الفلتر" احصل على بشرة خالية من الحبوب، صدمني الواقع بتكاليفه الباهظة"، ليقرر الانسحاب والاقتناع أخيراً بوجهه الطبيعي لعدم قدرته على توفير هذه التكاليف على حد قوله.
وقد شاطرته الشابة حوراء عبادة (20عاماً) المعاناة نفسها، فهي لا تنوي الحصول على بشرة صافية فحسب، بل تسعى لاجراء عملية جراحية لتغير شكل أنفها، اضافة لحقن شفتيها بمادة "الفلر"، ليكون وجهها مطابقاً تماماً لواحدة من الصور التي تستخدمها في موقع المحادثة الصورية، وقد عبرت حوراء قائلة: "بدأت مشواري مع التجميل من مدة وجيزة ولن انهيه حتى أصل لمبتغايّ ولو كلفني ذلك انفاق كل أموالي". 
 
حذف
لم يعد احد يتقبل وجهه الحقيقي وان كان فيه الكثير من مقاييس الجمال، بعد أن اعتاد استعمال "الفلاتر" وادمانها، بل وهناك من وصل لقناعة تامة بأنه يبدو في الواقع مثلما يبدو في الصور من خلال هجره للمرآة، ليتغاضى بذلك عن مظهره الحقيقي، ومنهم الشابة سجى (30عاماً) التي تركت المرآة ولا تستخدمها الا في حالات الضرورة، بسبب عدم تقبلها لنفسها على الرغم من امتلاكها لملامح بريئة وجذابة، لاعتقادها بأن الوجه ذا المعاني الحادة أجمل وأكثر جاذبية من غيره، وهذا ما وجدته بـ"فلاتر سناب شات"، وأضافت سجى قائلة: "سئمت خداع نفسي بهذه المؤثرات، لذا قررت اللجوء الى أحد اطباء التجميل لتكن هذه الزيارة نقطة تحول في حياتي، انتهت بحذفي لتطبيق المحادثة بالصور والعودة الى كاميرا الهاتف، بعد أن نصحني الجراح بعدم الخضوع لأية عملية، وبأن وجهي جميل ولا يحتاج للتغيير".
 
متاح ولكن؟
يلجأ الأشخاص من عمر(18-60 عاماً) لاضافة بعض الرتوش والتعديلات التي يحتاجونها، مثل اخفاء الخطوط الحركية بـ"البوتكس او حقن الفيلر" وتنظيف البشرة وزيادة نضارتها بـ"الميزو والبي أر بي"، وحتى القيام ببعض العمليات التجميلية للجسم والأنف، وعلى الرغم من ان البعض تعدى مرحلة الهوس بعد دخوله هذه الدوامة، اذ جذبته الرغبة من تعديل لآخر ومن عملية لأخرى، الا ان هذا كله يندرج ضمن التغيرات الطبيعية ولكن!، هناك من يريد تقليد المشاهير و"الفلاتر" التي قد لا تلائمه بتاتاً، وهذا ما تحدثت عنه زهراء عبد الكريم، بكالوريوس تجميل اذ قالت: "تطلب مني كثيرات اعادة بناء وجوههن ليصبحن مشابهات لصورة معينة، الا أننا في عالم التجميل لا نتعامل بهذه الطريقة، فنحن نضيف التغيرات المناسبة لكل شخص"، فقد شهدت زهراء ازدياد اقبال الناس على مراكز التجميل في الآونة الأخيرة بسبب انتشار مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة المشاهير والرغبة في تقليدهم.