قرأت وشاهدت!

الصفحة الاخيرة 2020/11/06
...

حسن العاني 
تحت هذا العنوان الطويل نسيباً (رفض خدمة زبونة من دون كمامة فحصل على 63 الف دولار)، نشرت جريدة الصباح الغراء في عددها ذي الرقم 4862 الصادر في الاول من تموز 2020، خبراً بالغ الاهمية لما ينطوي عليه من دلالات يقف في مقدمتها الدور الفاعل لوعي المواطن ومسؤوليته في الحياة والمجتمع، على الرغم مما يتحلى به من دعابة ظريفة ولكنها حقيقية، وقد رأيت ان أنقل النص الحرفي له من دون شروحات او تعليقات قد تكون فائضة، لأن الخبر يقدم نفسه بطريقة لاتترك زيادة لمستزيد، وهو على النحو التالي( كاليفورنيا/ وكالات: حصل نادل شاب يعمل في أحد مقاهي « ستاربكس» في كاليفورنيا في الولايات المتحدة على تعاطف الاميركيين ومبلغ قدره (63) الف دولار بعدما اعتذر عن خدمة إحدى الزبونات التي رفضت ارتداء كمامة! والتقطت الزبونة صورة للعامل ونشرتها على صفحتها على الفيسبوك وكتبت (لينين من ستاربكس رفض خدمتي لانني لم أكن أرتدي قناعاً، في المرة المقبلة سأتصل بالشرطة واحضر اعفاء طبياً»، وحصلت التدوينة على متابعة الآلاف بعد ان تشاركها العديد من المعلقين، واثارت الحادثة تفاعلاً كبيراً عل المنصات الاجتماعية، لكن عوض أن تحدث الاثر الذي كانت ترجوه الزبونة، حظي الشاب بمساندة أغلب المتابعين.
ورداً على ما اعتبره ناشطون محاولة السيدة تشويه صورة الشاب، اطلق احد المتابعين حملة لجمع التبرعات للشاب وتعويضه عن الضرر الذي تسببت له فيه التدوينة، ولم تتوقف التبرعات منذ بداية الاسبوع ليبلغ مجموع المنح يوم السبت نحو 63 الف دولار).
ندعوه العم (ابو عبدالله) واغلبنا يخاطبه بمفردة (حجي)، رجل تجاوز السبعين من العمر، وهو أشهر رجالات محلتنا الشعبية، يمتلك دكاناً واسعاً ملحقاً بمنزله اقرب مايكون الى الأسواق، يتعاون مع اولاده الخمسة على ادارته، ومنذ عرفناه قبل عدة عقود، لاتفوته مناسبة دينية ولا عيد فطر ولا اضحى الا وطبخ او نحر ووزع الطعام او اللحم، ومع ذلك تجده في السنوات التي تمر بها البلاد في حالة ضيق او قحط او حاجة كما حصل ايام الحصار مثلاً، يقوم بتهيئة (مظاريف)، في كل مظروف مبلغ من المال يقدمه الى الأسر المحتاجة والمتعففة بدلاً من الاطعمة واللحوم، ولايقع في ذاكرتي ان عيدي الفطر والاضحى قد مرا في عام من الاعوام الا ووفر كمية من الملابس خاصة بأطفال الاسر الفقيرة.
طيبة الحاج ليست نادرة فقط او غريبة، بل هي مضرب مثلٍ كذلك، ولكن أظرف ما في هذه الشخصية العراقية النبيلة هو مراعاتها لطبيعة المرحلة، وطبيعة الحاجة، فمنذ تحول وباء كورونا من حالة بسيطة الى ظاهرة تستدعي الوقوف في وجهها وهو يضع عند مدخل اسواقه علبة من الكمامات واخرى من الكفوف يوزعها مجاناً بين كل من يطلبها، وكل من يقصده لشراء حاجة، ابو عبدالله يصرف في بعض الايام أربع علب من الكمامات والكفوف او اكثر بالمجان وهو يقول بوجه يعلوه الرضا: الله سبحانه وتعالى ضاعف رزقي عشر مرات.
ـ