سيرةُ عصفور

ثقافة 2019/01/16
...

مهدي القريشي
حديقة بيتنا الخلفيّة
أكبر من دار مُدير البلدية.
وشجرةُ الكالبتوس تتذكّر جدّي حين كان يحضن بنتَ الجيران على جذعها الأملس
ثمّة عصفورٌ 
عيناه تتقدان صبراً
ينتظر تصاعد رذاذَ الشهوة 
لتستريح  الأغصان من نزف فاكهتها
ويخبر  جَدَّتي  بخيانةِ الشجرةْ!
الوردُ الأحمرُ  يطلقُ زفيرَهُ
باتجاهِ غرفتي المنزوعة الستائر
والمطليّة جدرانها
بالخمرةِ والنساءْ،
يشهقُ رماد فاكهتي،
فيختفي الوضوح
ثمّة عصفورٌ
حنجرتهُ ضيقةٌ
وصبرهُ شاسعٌ
يتأبطُ رمادَ خيبتهِ
يتدلّى عند خاصرة الشجرة،
الشجرة ترتجف من غضب العصفور .
العصفور ينذر منقاريه  مطرقةً
لا الزجاجُ يتهشم
ولا تتوضحُ الرؤية. 
الورد الأبيض ينتظر همسَ شقيقتي الصغرى
ليعصر في شفتيها رحيقَ جنونه .
مع اول اطلالة ربيع ماجن
رَوّضَت العصفور
وأطعمته من نهديِها
فصار مع العصفورين أنيساً. 
من تحت شجرة زيتون
أنصت بحواس تمطر موسيقى لأنفاس طيور مدينتنا
فترطب أسرّتنا
حمراء او صفراء
او بلون قداسة الضوء المتعثر بالظلمة
تبحث عن ضفة تبحث عن صبح
ومن تحت ذات الشجرة
نرى عصافير الله، 
رمادية اللون
ومعتم طريق سعاداتها
تأكل من فضلات الميسورين
وتبيت حيث الظلام يفرش اجنحته
وتصمت حين تنام الخرافة في سريرها