أميركا تغلق أبوابها أمام اللاجئين

بانوراما 2020/11/15
...

زولان كانو 
ترجمة: خالد قاسم
قبل خوضه الانتخابات الأخيرة التي فشل في الفوز بتجديد الثقة به رئيسا للولايات المتحدة، قرر دونالد ترامب تقنين تدفق اللاجئين الى بلاده الى أدنى حد ممكن، وشمل ذلك العراقيين والأفغان الذين خاطروا بحياتهم لحماية أفراد القوات المسلحة الأميركية. 
ما تزال شهادة التقدير التي تلقتها أسرة هنادي الحيدري لتوفيرها المأوى والطعام وخدمات الترجمة لصالح الجيش الأميركي تبدو جديدة، وتحتفظ بها مع جواز سفرها العراقي في منزلها الجديد بمدينة دنفر.
تعد هذه الوثيقة إثباتا على الخطر الذي واجهته الاسرة لمساعدة الأميركيين وتذكارا بوعد لم يتحقق. وشقيق هنادي، أحمد، وكان عمله مترجما للقوات الأميركية مما سمح لأسرته بالتقديم لتأشيرة دخول لاجئ له الأولوية الى الولايات المتحدة، يبقى طي النسيان في الشرق الأوسط، ويعاني لمساعدة ابنه البالغ من العمر تسع سنوات.
لقد وفرت إدارة ترامب أربعة آلاف حصة للاجئين العراقيين ممن ساعدوا القوات الأميركية، والمتعهدين أو وسائل الاعلام أو أفراد الأقليات خلال السنة المالية التي انتهت في 30 أيلول الماضي، لكنها قبلت في النهاية 161 فردا فقط، أي أربعة بالمئة، وهي أقل نسبة مئوية للفئات الأربع من اللاجئين التي قبلت الادارة الأميركية إعادة توطينهم خلال العام الماضي. وبينما تسبب وباء كورونا بإلغاء رحلات اللاجئين لعدة أشهر، تحدث محامو الهجرة عن التأثيرات المستمرة لحظر ترامب دخول اللاجئين سابقا وتوسيع التدقيق مع من يهربون من الاضطهاد. 
تضاءلت آمال هنادي في لم شمل أسرتها عندما أبلغ ترامب الكونغرس أنه يخطط لخفض عدد اللاجئين للسنة الرابعة على التوالي، ويعتمد عدد المقبولين منهم على الادارة والأحداث العالمية، لكن سقف السنة المالية الحالية البالغ 15 ألفا هو الأقل بهذا البرنامج منذ بدايته قبل أربعين سنة. وبلغ السقف خلال فترة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما 70 ألفا على الأقل سنويا، وجاء هذا الاعلان مع تراجع ترامب عن مواقفه المعادية للاجئين بعد أن كانت جزءا أساسيا من حملاته الانتخابية، ووصفه لهم بالتهديد للسلامة العامة والاقتصاد، رغم الدراسات الكثيرة الرافضة لهذه التعميمات. واستغل هذه القضية لمهاجمة منافسه الديمقراطي نائب الرئيس السابق جوزيف 
بايدن بعد اقتراحه زيادة قبولات اللاجئين الى 125 ألفا.
 
إجراءات معقدة
لكن وضع أسر مثل هنادي قد يتسبب بأهداف سياسية غير متوقعة، إذ يخشى المحاربون القدامى وأفراد القوات المسلحة من أن استثناء هؤلاء الذين ساعدوا الجيش من إعادة التوطين هو التهديد الحقيقي للأمن القومي، لأن هذا التعاون سيكون أصعب في النزاعات المستقبلية. واستقبلت أميركا نحو عشرة آلاف عراقي عام 2016 وفقا لبيانات وزارة الخارجية، وتراجع العدد خلال السنة المالية 2019 الى 465 فقط.
حاولت الادارة تجديد برنامج اللاجئين العام الماضي ليس بتقليل عدد القبولات الكلي فحسب ولكن بتمكين الحكومات المحلية منع اعادة التوطين في مناطقها، وهو تحرك توقف حاليا لأن المعارضين يقاضونه في المحاكم.
يجب على المتقدم للجوء في أميركا اجراء عدة مقابلات مع مسؤولي الهجرة ومنظمات تعاقدت معها وزارة الخارجية لكسب موافقة السفر الى أميركا، وتباطأت تلك المقابلات في العراق خلال العام الماضي بعد انسحاب الموظفين غير الضروريين من السفارة الأميركية.
تشترط الادارة معلومات اضافية من لاجئين كثيرين وأسرهم، ويجب على المتقدمين، من 11 دولة معظمها اسلامية، الانتظار لحين إكمال فحص حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يفاقم التأخيرات. وتعرض أقاربهم ومنهم الأطفال لتدقيق أمني اضافي، وطلب من اللاجئين تقديم أرقام هاتف وعناوين تعود الى عشر سنوات سابقة بدلا من خمس، وهي مهمة ليست سهلة على أسرة تبحث عن سكن دائم منذ سنوات، وفقا لتقرير نشره مؤخرا مشروع مساعدة اللاجئ الدولي.
وقد ذكرت الخارجية الأميركية أنها اشترطت تدقيقا أمنيا اضافيا لضمان الفحص المناسب لكل من يسمح له بإعادة التوطين هناك. أما الوسيلة الأخرى أمام الذين ساعدوا القوات الأميركية فهي التقديم على تأشيرة دخول هجرة خاصة، لكن هذا البرنامج واجه أيضا تأخيرات واسعة. ورغم تفويض الكونغرس بأن تعالج وزارتا الخارجية والأمن الداخلي تلك التأشيرات خلال تسعة أشهر، عانى نحو ثمانية آلاف متقدم من التأخيرات الكثيرة، وفقا للمشروع الدولي.
بالنسبة للمترجم الأفغاني «صبغة الله نوريستاني» فقد حصل على تأشيرة خاصة له ولأسرته عام 2013، ومع تراكم التأخيرات تواصل مع شخص على فيسبوك كان يعمل معه في الجيش الأميركي ويدعى مارك سيلفستري. اتصل مارك بأعضاء في الكونغرس لكسب الدعم لقضية صبغة الله وعندما وصل هذا الأخير الى مطار بوسطن الدولي استقبله أفراد من الشرطة والمجلس المحلي وأسرة مارك للترحيب به.
من جهتها مارست هنادي وظائف كثيرة للاعتناء بذويها طيلة السنوات الأربع التي قضتها في أميركا، وتوازن بين عملها بقسم طوارئ قريب لمدة عشر ساعات يوميا مع دراستها امتحان الصيدلة وتحويل أموال اضافية لشقيقها كلما استطاعت ذلك.