الكفالة..خصومات عشائريَّة ودعاوى في المحاكم

ريبورتاج 2020/11/15
...

   أحمد الفرطوسي
 
تعد مشكلة الكفيل في دوائر الدولة والجهات المانحة للقروض من المشكلات المزمنة، التي تحتاج الى الخوض في غمار ما تسببه من حرج وخصومات عشائرية ودعاوى في محاكم ومديريات التنفيذ، إضافة إلى نزاعات شخصية بين المقترض والكفيل، الذي لا حول له ولا قوة، إلا التأني والصبر على هذه المشكلة التي تؤدي في بعض الأحيان إلى قطع (حجز) راتبه إلى عدة أشهر وتحويله إلى الجهة المانحة للقرض بمختلف مسمياته، للوقوف على ابرز ما يعانيه الموظف (الكفيل) كانت لـ"صحيفة الصباح" هذه الجولة في دوائر المحافظة ومديرية التنفيذ للتعرف عن قرب ابرز ما تعانيه هذه الشريحة.
حرج كبير
محمد كريم (معلم) يقول لـ"الصباح" إن لديه خدمة في مديرية تربية المثنى لأكثر من 20 عاما، تعرض خلال هذه المدة إلى الكثير من الاحراجات الشخصية بسبب طلبات بعض الأقارب والأصدقاء للقيام بكفالتهم في احد المصارف حكومية كانت أو الأهلية، وكذلك دوائر صندوق الإسكان وغيرها، إذ انه اضطر إلى تسديد جزء كبير من قروض احد أقاربه لغرض رفع الحجز عن راتبه الذي تم إيقافه، بسبب عدم تسديد صاحبه لمدة خمسة شهور متتالية.
وأوضح "لغرض تجنب ذلك الحرج خصوصا، ان هنالك إجراءات وعقوبات جراء تلك الأخطاء، أقوم بالتسديد وجلب كتاب إلى دائرتي لإطلاق راتبي، ومن ثم الذهاب إلى صاحب القرض الذي يتهاون ويتمادى في خلق الأعذار التي بسببها تعذر عليه السداد، لذا يجب توفير بديل لذلك الإجراء من خلال رهن عقار صاحب القرض نفسه، وتخليص الموظف البسيط من تلك الاحراجات".
 
"الكفيل خسار"
وجهتنا الأخرى كانت مع احد مديري الدوائر في المحافظة، الذي رفض الكشف عن اسمه، لكنه سرد لنا قصة غريبة حدثت معه شخصيا، حيث يقول: "حضر للدائرة التي اعمل فيها أحد أصدقائي المقربين، وطلب مني أن أقوم بكفالته في المصرف الزراعي، لغرض تسلم قرض يساعده في تحسين معيشته وشراء مضخة ماء يستفاد منها في زراعة أرضه، وافقت، وأتممت اجراءات الكفالة من تأييد وصحة صدور ومستمسكات، وتركي لدائرتي لساعات لغرض البصمة، علما إن شروط القرض كانت واضحة بأن يقوم المقترض بالتسديد سنويا، لكن المفاجأة كانت عند تسلمي لكتاب المصرف الذي يطالبني بالتسديد لعدم حضور المقترض (صديقي) منذ سنتين، أي بعد تسلمه القرض".
موضحا "ذهبت اليه ومعي نسخة من ذلك الكتاب، لكن الصدمة كانت عدم اهتمامه بالموضوع، بحجة إن الحكومة ستقوم بإعفاء المزارعين من جميع القروض الممنوحة لهم"، سألته متى ينفذ هذا القرار إن كان صحيحا؟ فأجابني "بأن وضعه المادي صعب جدا وعليه يجب انتظار مبادرة الحكومة بإسقاط الديون عنه، سحبت خطواتي وانا أتألم لهذه الخطوة التي أفقدتني احد أصدقائي، إضافة إلى مبلغ كبير من المال دفعته لغرض رفع الحجز عن راتبي، حيث قالها احد أهلنا (الأميون) قديما "الكفيل خسار".
 
حلول ومعالجات
الموظف علاء ازيرج مدير تنفيذ الخضر حدثنا عن دعاوى كثيرة وصلت إلى دائرته بشأن موضوع الكفالة، منها ما تم حسمه بتسديد مبلغ بسيط لا يوازي ما يسدده الكفيل للجهة المانحة للقرض، والمشكلة في المقترض نفسه، ويؤكد "أن هنالك العديد من الحلول والمعالجات لهذه الظاهرة والمشكلة المعقدة، تتمثل بحجز الجهة المانحة للقرض عقار المقترض نفسه، الذي يقوم بإحضاره، قبل تسليمه للقرض او اي رهن آخر كـ(سيارة او قطعة ارض)، وبذلك يتم رفع الحرج عن الموظف، خصوصا انه يعتمد بشكل كبير على راتبه الشهري، واغلبهم من ذوي الدخل المحدود، فليس من المعقول حجز خمس راتبه لتحويله للمصرف جراء عدم تسديد المقترض".
داعيا اللجنة المالية في البرلمان إلى إيجاد حلول وإنهاء هذه الظاهرة، التي تسببت بقطع أرزاق الموظفين وأسرهم لعدة أشهر، ولا ذنب لهم سوى انهم قاموا بمبادرة طيبة وأخلاقيَّة لتسهيل أمر أقاربهم وأصدقائهم.
 
للعشائر دورها
وجهتنا الاخيرة كانت مع الشيخ جاسم حسون آل منيهل، الذي رحب بنا وشجعنا على نشر هذا الموضوع المهم، بعد أن قام بواجب الضيافة، اوجز لصحيفتنا العديد من المشكلات، التي تم حلها او ايجاد مخارج ترضي الطرفين، حيث اوضح "ان في احدى المشكلات التي تخص الكفيل استقبلنا احد وجهاء عشائر المدينة، وكانت مشكلة الكفالة هي سبب حضورهم، حيث ان المقترض لم يوف بالوعد، الذي قطعه امام كفيله والمصرف بأن يسدد بشكل شهري ومستمر، لكن سرعان ما قام بالتلكؤ عن التسديد لعدة ظروف لا يسع لنا ذكرها، لكن المهم في الموضوع ان عدم التسديد والالتزام قانونيا يعدان غدرا بالصديق الذي يعد صاحب فضل كبير في ايجاد فرصة الحصول على قرض، وسرعان ما نقوم بايجاد صيغة عشائرية ونسهم بدفع جزء من المبلغ المترتب على المقترض كواجب منا او من ابناء عشيرته، لغرض تمشية الامور لعله يستمر بالتسديد". ودعا الشيخ " ان تكون الكفالة فقط للأقارب من الدرجة الاولى والثانية حتى لا يكون هنالك غبن على الطرف غير المستفيد (الكفيل)، وهذه الاجراءات ليست للعشيرة دور فيها، فهي من اختصاص الحكومة والجهات التشريعية التي نطالبها بإنصاف هذه الشريحة وايجاد الحلول اللازمة لها"