إجعلْ شارعك نظيفاً كما بيتك

ريبورتاج 2020/11/18
...

آمال محسن
لايكاد يمر يوم من دون أن نرى ذلك المنظر المأساوي من كميات النفايات المطروحة بشكل يومي ومستمر في الطرقات من دون مبالاة، الا ان هذه الأفعال تتنافى مع السلوك المجتمعي القويم، وتعاليم الدين الذي اوصى به في اماطة الأذى عن الطريق، فهذه السلوكيات من العادات الخاطئة والممارسات اللاأخلاقية حينما تلحق الضرربالمجتمع، وتشوه مظهره الحضاري، لما لها من تأثير سلبي في الذوق العام، ولا بد من تكاتف جميع الأطراف سواء كانت جهات حكومية او مواطنين من أجل القضاء على هذه الظاهرة.
المواطن أولاً
كل يوم نجد أكواماً من النفايات والأوراق المتطايرة وعلب المشروبات الغازية في الشوارع، ولم نقوَ على تنظيفها، هذا ما قاله علي رشيد عامل نظافة (٢٤عاماً) والذي يمارس مهنته منذ مايقارب اربع سنوات، مبيناً: "منذ أن بدأت بالعمل حتى الان لم يتغير سلوك الناس، منهم من يرمي النفايات من السيارات على اعتبار انه لايريد أن تتسخ مركبته، ومنهم من يرميها بالقرب من الحاوية بدلا من رميها في المكان المخصص، فلا بد للمواطن أن يسهم في نظافة البيئة، وأن يضع النفايات في كيس محكم داخل الحاوية، ويلتزم بمواعيد حضور عجلة البلدية التي تجمع النفايات من المنازل، اذ ان الحفاظ على البيئة يبدأ من المواطن دون الحاجة الى من يحسسه بذلك".
تربية وتوجيه
الى جانب ذلك تبين ام محمد : " اعمل كأم على تعليم أطفالي وتوجيههم لحماية البيئة واحترامها والتعامل معها كأنها حاجة ضرورية لنا وللجميع، فأنا اغرس فيهم أهمية الأشياء المحيطة بهم والاستفادة قدر الامكان من محاولات تدوير الحاجات المنزلية الزائدة، وكيفية تحويلها الى اشياء مفيدة بقليل من الجهد لتلافي رميها في
 النفايات.
وتسترسل ام محمد بالحديث "ان تعلم آداب النظافة منذ الصغر على المستوى الفردي او العام هو بالتأكيد صفة حميدة وذو فائدة كبيرة لمستقبلهم".
ولان الطفل بطبيعته يلتقط كل تصرف وسلوك ، فالأطفال يجدون متعة في أحداث الفوضى، ورمي الأوراق والرسم على الحائط، لذلك لا تكفي المعرفة وإعطاء المعلومات وتهديد الطفل، الا ان الامر يتطلب الممارسة الفعلية، لان من الصعب تغيير الاتجاهات والسلوكيات في مراحل لاحقة، لانهاستصبح عادة من الصعب إزالتها، وتردف ام محمد "لا يقتصر هذا الأمر في المنزل فقط، وإنما في مختلف الاماكن كالشارع والمدرسة والحديقة".
 لذلك يجب على المواطن أن يكون صديقاً للبيئة وعلى الاهالي أن ينصحوا أبناءهم من باب المحافظة على النظافة، لانهم القدوة لابنائهم، وليس من خلال التوجيه لان الأفعال يكتسبها الصغير، مما يشاهده ويسمعه اذ ان النظافة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالثقافة.
 
حرق
المدير الاداري في أمانة بغداد عماد القيسي أكد أن "في كل دائرة بلدية يوجد قسم خاص بالوعي البلدي للمواطن، وتنظيم الأوقات المحددة لرمي النفايات، إذ قامت البلدية بتوزيع الأكياس والمكبات البلاستيكية لاستعمالها، وإقامة حملات واسعة للنظافة في الازقة والشوارع، مع ان دائرة البلدية تبذل جهوداً كبيرة في الحد من تكدس النفايات، الا ان هذه الجهود تذهب هدراً بسبب المواطن الذي لايرتقي لمستوى الاهمية بنظافة البيئة والمكان الذي يتواجد فيه، وهناك تقصير من بعض المواطنين، فعمال النظافة يقومون بأداء اعمالهم بشكل يومي، اذ لا يكاد ينتهي اليوم حتى نجد كماً هائلاً ويستمر لبقية اليوم".
ويشير القيسي الى أن "بعض الجهات تقوم بحرق النفايات، الا ان الأمانة غير مسؤولة عنها مع انها اصدرت أمراً منعت فيه كل منتسبي البلدية بعدم حرقها ، وان دائرة البلدية تتابع هذا الموضوع".  
مضيفا " ان المواطن بحاجة الى ثقافة نظافة، وثقافة حب الوطن في هذا البلد والخوف عليه، لان رمي الأوساخ في الأماكن غير المخصصة لها بات حالة طبيعية لدى البعض، لاسيما في الشوارع الرئيسة، مع انهم ينتظرون من البلدية أن توفر كل شيء سواء في المناسبات الدينية اوالشعبية، فأحيانا كثيرة ترى الساحات مليئة ببقايا الطعام والاكياس الفارغة ومخلفات اخرى بعيدة عن الذوق والسلوك الحضاري، والسبب في انتشار هذه الظاهرة هو عدم الشعور بالمسؤولية، فالمواطن هو المسؤول الأول عن النظافة، لذلك عليه أن ينظر الى الممتلكات العامة على أنها خاصة، وبالتالي من واجب الدولة أن تخصص الحاويات لذلك، من انتظام مرور عجلات النظافة وانتشال العمال للنفايات في مواعيد يومية، للتخلص من العبث بها وانتشارها بشكل عشوائي".
ويردف القيسي "لايمكن إصلاح هذا السلوك الا بتطبيق قانون صارم مثل ما تقوم به مديرية المرور بفرض الغرامات الكبيرة، لتكون رادعاًلمن تسول له نفسه رمي النفايات".
 
مسؤولية الجميع
الباحث النفسي والاجتماعي الدكتور عبد الكريم خليفة اوضح ان "الثقافة البيئية شبه مفقودة، فاقامة الندوات الخاصة بالبيئة واللافتات لا تعد علاجاً للبيئة ولا تحل المشكلة، فحلها يقتضي التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية، وبذل الجهود الحثيثة، وتعميق السلوكيات الايجابية في الحفاظ على بيئة خالية من الملوثات، فانتشار القمامة على طول الطريق يدل على وجود حالة عامة من الإهمال وعدم الاكتراث، ومن يحاول إلقاء المسؤولية على أطراف أخرى اويختلق أسبابا واهية مثل عدم وجود حاويات كافية، فالانضباط بالنظافة ينبغي أن ينبع من الذات بعيداً عن الاتكالية التي تعودت عليها هذه الفئة من المجتمع، حتى لو كانت الشوارع مليئة بالاوساخ بنسب معينة، فليس من واجب المواطن فقط أن يقوم بتنظيف الشارع، بل يجب ايضا أن يحافظ على نظافته".
مشيرا الى "اننا يجب أن نشعر بعمال النظافة الذين يقفون ساعات طويلة في الصيف والشتاء لتنظيف مايلقيه الناس من أوساخ، وعلى الجميع أن يشعروا بهم ويساعدوهم لا أن يزيدوا من اعبائهم".