السيارة الطائرة... الحلم أصبح حقيقة

علوم وتكنلوجيا 2020/11/18
...

  برلين: بي بي سي
 
السيارات الطائرة التي قد تبدو أنها تنتمي للمستقبل، أصبحت حقيقة الآن بعد تطوير مركبات طائرة عديدة بالفعل، بدءاً من أجهزة الطيران الشخصي «الجيتباك» وصولاً إلى سيارات الأجرة الطائرة. 
السيارات الطائرة أصبحت حقيقة، وقد تغير الطرق التي نتنقل ونزاول بها أعمالنا، وحتى الطرق التي نمارس بها أنشطة الحياة اليوميَّة في العقود المقبلة. فالتطورات التي تحققت في مجال زيادة سعة البطاريات وعلوم المواد ونظم المحاكاة بالحاسب الآلي، مهدت الطريق لتطوير طائفة من المركبات الطائرة، بدءاً من الطائرة الشراعية الكهربائية إلى الطائرة ذات الأجنحة الثابتة والطائرة رباعية المراوح من دون طيار.
 
فولوسيتي الألمانية
وتروج شركة «فولوكوبتر» الألمانية على سبيل المثال لمركبتها «فولوسيتي»، بوصفها أول سيارة أجرة طائرة تعمل بالكهرباء ومرخصة للأغراض التجارية، وستعمل هذه المركبة لاحقا من دون طيار.
ويقول فابيان نيستمان، نائب رئيس الشؤون العامة بشركة فولوكوبتر: «إن مركبات فولوسيتي ستستخدم في خدمات مشابهة لخدمة «أوبر بلاك» أو أي من خدمات النقل الفاخرة»، لكن الفرق أن فولوسيتي ستتسع لراكب واحد، ما يعني ارتفاع تكلفة الرحلة في البداية.
لكن الشركة تأمل أن تنجح في كسب ثقة الزبائن قبل أنْ تصبح مركباتها ذاتية القيادة تماماً. وسيكون النموذج ذاتي القيادة بلا أجنحة وسيعمل بالكهرباء وسيدار بتسع بطاريات تنقل الراكب بين شبكة من الموانئ الجوية مخصصة للطائرات التي تقلع وتهبط عموديا في المدن. ومن المتوقع أن تحلق أول رحلة تجارية على متن «فولوسيتي» في عام 2022.
وستكون تكلفة أول رحلة 300 يورو للتذكرة الواحدة، لكن نيستمان يؤكد أنَّ السعر لاحقاً لن يتجاوز كثيراً أسعار الخدمات المنافسة، مثل «أوبر بلاك»، ويقول نيستمان: «لا نريد أن تكون هذه الخدمة وسيلة ترفيه للأثرياء، بل ستكون جزءاً من رحلة متكاملة متاحة لأي شخص في المدينة».
 
تعاون مع تويوتا
وأبرمت شركات أخرى شراكة مع شركات سيارات لتطوير نماذج سيارات طائرة للاستخدام التجاري. وبالتعاون مع شركة «تويوتا» على سبيل المثال، أطلقت شركة «سكاي درايف» الناشئة اليابانية رحلة تجريبية لسيارة الأجرة الطائرة الكهربائية التي يقال إنها أصغر مركبة كهربائية في العالم تحلق وتهبط عموديا.
ونجحت الشركة في إطلاق أول رحلة لمركبتها «إس دي- 03» لعدة دقائق الصيف الماضي. ويقول تاكاتو وادا، ممثل شركة «سكاي درايف: «لم يتوصل البشر حتى الآن لحل لمشكلة الازدحام المروري، حتى من خلال البدائل مثل السيارات الكهربائية أو قطار فرنسا فائق السرعة. ولعل مركبات سكاي درايف للتنقل هي محصلة للطلب المتزايد من الزبائن والتطورات التكنولوجية».
وقد استفادت بالفعل شركات عديدة مثل «ليليون» و»ويسك» و»جوبي أفييشن» و»بيل» وغيرها من الابتكارات الحديثة، مثل الدفع الكهربائي، الذي يقلل من الضجيج، وزيادة قدرة البطاريات على اختزان الطاقة للتحليق لمسافات أطول. ولا يفتقر هذا المجال الوليد إلى تصميمات للمركبات القادرة على الإقلاع والهبوط العمودي أو التحليق لارتفاعات خيالية.
وطورت شركة «غرافيتي إنداستريز» للملاحة الجوية بدلة نفاثة بقدرة 1.050 حصان للطيران الشخصي. ويقول ريتشارد براونينغ، كبير طيارين الاختبار ومؤسس الشركة: «إن هذه البدلة النفاثة لا يستخدمها إلا المتخصصون والطيارون العسكريون في الوقت الحالي. لكن يوما ما قد يرتديها مسعف ويحلق بها في الجو كالأبطال الخارقين ليتخذ قراراته بنفسه حول من يحتاجون للإنقاذ».
وأبرمت مؤسسة خدمات الإسعاف الجوي لشمال المملكة المتحدة، شراكة مع شركة «غرافيتي إنداستريز» لمحاكاة مهمة بحث وإنقاذ. وحلق براونينغ بالبدلة النفاثة من واد وعر في مدينة ليك ديستريكت إلى موقع الحادث المصطنع في 90 ثانية، في حين أن هذه المسافة تستغرق سيرا 25 دقيقة.
 
حلم النقل الجوي
ويقول باريمال كوبارديكار، مدير معهد أبحاث الملاحة الجوية التابع لوكالة ناسا: «يداعب حلم النقل الجوي مخيلة البشر منذ قديم الزمن، وقد تهيأت الفرص الآن لتصميم مركبات يمكنها نقل السلع والخدمات إلى مناطق تعجز الطائرات عن الوصول إليها».
ويتولى كوبارديكار مسؤولية استكشاف فرص الطيران ذاتي القيادة والنقل الجوي المتطور، مثل مركبات التحليق والهبوط العمودي، في ضوء عوامل عديدة، مثل كفاءة المركبة، والفضاء الجوي، والبنية التحتية، وأنماط الطقس، ونظام تحديد المواقع العالمي، ومعايير الضجيج، والصيانة، وسلسلة الإمداد، وتوافر قطع الغيار. وهذا يكشف عن مشاكل عديدة وغير واضحة ينبغي التعامل معها وحلها قبل أن يتحول نظام مشاركة الركوب في مركبات طائرة إلى حقيقة.
ولن تغير المركبات ذات الإقلاع والهبوط العمودي وجه قطاع النقل فحسب، بل سيكون لها تبعات واسعة النطاق على التوازن بين العمل والحياة الشخصية وطرق الاستهلاك والتصميم الحضري وحتى الرعاية الصحية والبيئة. وربما بحلول 2030، سيكون بوسع المستهلكين الضغط على زر لطلب سيارة أجرة طائرة تنقلهم من مكتبهم مباشرة. وفي العقود اللاحقة، قد لا نحتاج للنزول إلى الأرض ما دمنا نزاول أعمالنا وحياتنا فوق المدن في السحاب.
ويقول كوبارديكار: «إن ميلا واحدا تقطعه جوا قد ينقلك إلى أي مكان تريده».