هدى العزاوي
ما أن سمع خبر تحرير الموصل حتى من البعض بأن الخطر قد زال، وان هذه الثلة المتمثلة بـ"داعش" الارهابية قد اختفت ومعها خططها ودسائسها، الا ان مالا نعرفه أن بقايا الشر ما زال على ارض العراق وتحديدا في المناطق المحررة منه، فقد تجد العجلات المفخخة والاسلحة والذخائر ما ان تبحث في زوايا المدينة، وغيرها من العجلات المحترقة والمتروكة، بعد فرارهم من قواتنا البطلة، الا ان هناك تركة اخرى اكثر خطورة مما تراه الاعين.
وعقب الهزيمة الكبرى التي تعرضت لها عصابات "داعش" الإرهابية على يد قواتنا المسلحة؛ وانحسار قطعان تلك العصابات من أراضينا، بقيت التركة الثقيلة التي أورثها هؤلاء المنهزمون في المدن المحررة، والمتمثلة بملايين العبوات الناسفة والذخائر والمتفجرات المنتشرة في أرجائها، ولعل أخطرها العبوات المغطاة بمياه الأنهر والجداول والمرتبطة بقطع الجسور التي فخختها
"داعش".
يحدثنا مدير مركز تدريب مكافحة المتفجرات مديرية مكافحة المتفجرات العميد رياض شوع هويدي لـ"الصباح": إن "معالجة الاجهزة المتفجرة المرتجلة (العبوات الناسفة) من أخطر وأصعب المهام التي يكلفون بها الافراد الذين يتعاملون مع المخلفات الحربية أو الأجسام الغريبة المشتبه بها التي تصنف بأنها خطرة، اذ تكمن خطورتها بأنها تصنع بشكل ارتجالي لا يستند الى مخطط معين ولا يلتزم بشروط السلامة المهنية أو العامة، والأشد خطورة هي تلك العبوات التي تكون مغمورة تحت الماء".
مناشدة
بعد الانتهاء من عمليات تحرير المناطق التي سيطرت عليها عصابات "داعش" الاجرامية، بادرت الشركات بعملية إعادة الإعمار فواجهت بقايا عبوات الإرهاب، يقول العميد هويدي: إنه "في مدينة الفلوجة، عند موقع الجسر الحديدي القديم، حاولت ملاكات إحدى الشركات، انتشال قطع الجسر الذي فخخته وفجرته العصابات الارهابية، حيث كانت تلك القطع مبعثرة ومغمورة في نهر الفرات، وعند نزول الغواصين شاهدوا أن القطع الحديدية المغمورة تحت الماء مازالت مفخخة بحشوات تخريبية متفجرة، ما أجبر الشركة على إيقاف العمل.
فقامت بمناشدة المنظمة المعنية بشؤون الألغام في العراق التابعة للأمم المتحدة (UNMAS) للتدخل، فبادرت هي الاخرى باستدعاء خبراء مختصين بالمعالجة للذخائر تحت
الماء".
دورات
عقب هذا الموضوع في الفلوجة، توصل الخبراء بمديرية مكافحة المتفجرات في وزارة الداخلية عبر معلومات موثقة وشهادات مواطنين، بأن "داعش" فخخت أغلب الجسور في المدن المحررة، وهناك مئات الذخائر والعبوات المرتجلة غير المنفجرة في قطع الجسور المغمورة في الماء، ولأن تفكيك المتفجرات تحت الماء يحتاج إلى خبرة دقيقة، عمد خبراء الداخلية في عام 2017 إلى تقديم طلب الى ممثل الامن الداخلي للسفارة الفرنسية في بغداد بعقد دورة تدريبية لمعالجة العبوات الناسفة تحت الماء.
قامت الحكومة الفرنسية استجابة للدعوة المذكورة، بإدخال 12 خبير متفجرات من وزارة الداخلية مديرية مكافحة المتفجرات في دورة متخصصة، حيث تلقوا تدريبا عالي المستوى في فرنسا لمدة ٣٦ يوما في مدينة مرسيليا.
ويوضح العميد هويدي، أنه "بعد انتهاء الدورة، كان لابد من التدريب على البيئة العراقية، فكان الاختيار حينها في بحيرة الحبانية، وتم التدريب فيها 9 أيام، ومن ثم التدريب 3 أيام في نهر دجلة".
ويضيف هويدي، أنه "أصبحت الفكرة بعد ذلك، بتدريب المستجيب الأول للحوادث النهرية وهم (النجدة النهرية)، وتم اختيار 12 شخصا منهم (من بغداد) وشخصين (من السليمانية) عام 2019 للتدريب على كيفية البحث عن المتفجرات تحت الماء، وكانت مدة الدورة أسبوعا في مكافحة المتفجرات، كما تم التدريب ثلاثة أسابيع في بحيرة دوكان".
معالجات
وتواصلاً للدورات المذكورة، اختيار 12 عنصراً من النجدة النهرية لشرطة الانبار، اضافة الى 12 شخصا من النجدة النهرية لشرطة السليمانية، للتدريب على البحث ومعالجة المتفجرات تحت الماء في السليمانية.
ويضيف العميد أنه "قبل شهر، نفذنا مهمة استطلاع في مدينة الرمادي نهر الفرات، واستطعنا معالجة وانتشال 11 عبوة ناسفة وذخيرة واحدة للمدفع الجهنمي من صناعة عصابات داعش الإرهابية".
منوهاً بأن " معالجة العبوات الاعتيادية على اليابسة تحتاج الى خبير متفجرات، بينما معالجة العبوات تحت الماء تحتاج الى غواص وخبير متفجرات بالوقت نفسه".