قاسم موزان
تلجأ بعض الأمهات بغية تشجيع أطفالهن على الأكل او إسكات ضجيجهم الصاخب لانجاز أعمالها المنزلية بإعطاء الطفل الهاتف الذكي، وتعرض له الالعاب الالكترونية وأفلام الرسوم المتحركة، وهو اسلوب تجهل الأم او تتجاهله، لما له من تأثير مباشر في المخ والشرود الذهني مع»بطء تطور اللغة واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط ، كما يقول الأطباء في دراسة لهم من أنها ظاهرة مقلقة.
العزلة نتائجها
قال المختص في علم النفس د. سعد العبيدي إن سعي الأمهات لإسكات أطفالهن عن طريق السماح باستعمال الهواتف الذكية يقترب لأن تكون ظاهرة عالمية، على الرغم من تنبيهات العلماء لآثارها السلبية، حيث الإدمان واحتمالات الاطلاع على مواضيع تفوق القدرات العقلية للأطفال على استيعاب معانيها، الأمر الذي يؤثر في التشكيل السليم للسلوك والقيم، واحتمالات الإصابة بالعزلة. وعلى الرغم من شيوع هذه الظاهرة بين شعوب الأرض، الا ان الواقع يؤشر وجود فروق بين الشعوب والأمم، فالأمهات الغربيات على سبيل المثال يمتلكن من الوعي والمعرفة بالآثار السلبية يفوق الأمهات الأفريقيات والعربيات، ثم أن وسائل اللعب الميسورة للأطفال في البيئة الغربية وسبل اشغال أوقات الفراغ، وحتمية الارسال الى دور الحضانة والروضة المحكومة بقوانين صارمة، زادت من الفروق بوسع الظاهرة بين الشعوب، هذا وعلى وجه العموم وأي كان واقع الظاهرة، فهي من النواحي النفسية، خطأ ترتكبه الأمهات يصعب تصحيح آثاره الجانبية على السلوك المستقبلي للأبناء، لا بدّ من أن تتدخل الدولة من جانبها ثقافياً وتوجيهياً، لمنع اتساعها، وبعكسه سنجد المستقبل محكوما من أجيال شباب قليلي الارتباط بالأسرة والوطن.
اندماج
وتحدثت الثلاثينية أم لؤي، أم لطفلين بحماس: أحاول أن أجذب اهتمام طفلي بالهاتف المحمول من خلال الألعاب والفيديوهات المضحكة، لأطعامهما وتشويقهما، إذ تلعب هذه الأجهزة دورها الكبير في شد انتباههما وتركيزهما، مضيفة»أن أغلب أعمالي المنزلية أنجزها بتلك الطريقة نفسهما لإشغالهما. وترى الشابة زينب محمد، طالبة علم نفس:»أن أدمان الأجهزة اللوحية يبعد الطفل عن محيطه الاجتماعي والأسري، ويسبب له العزلة والاضطرابات النفسية، كالتوحد على الرغم من أنه يزيد من نسبة ذكائه، ولكنه يجعلهم مندمجين في واقع افتراضي، ويؤثر في نموهم الجسدي والذهني ويسبب لهم الخمول والبدانة المبكرة، فضلا عن تأثرهم سلوكهم بمشاهد العنف، والعدوانية المنتشرة كثيرا في منصات الانترنت.
تنصل عن المهام
واشارت المهندسة أفنان قاسم الى ان ابنتها تعاني من هوس الالتصاق الكلي بالجهاز وترفض الأكل الا بمشاهدة الرسوم المتحركة وتقوم هي بنفسها باطعامها وعيون ابنتها وعقلها وانتباهها مشدودة الى لوح الايباد، واستطردت حسين قائلة: إن ابنتها اصبحت تتمتع بذكاء لافت وتسأل اسئلة تفوق عمرها ما يثير استغرابنا.
وصفت السيدة ام هيلين « ربة بيت» لجوء الأم الى الجهاز لطفلها بالخطأ الفادح بغية اسكاته وهي بذلك تتنصل عن مهامها الحقيقية في تربية ابنها والتقرب منه بالكلام والملامح وتقوية علاقته بها والغوص في أحضان الأمومة الذي يعلمه الحنان والشعور الدافئ والأمان، وهنالك موضوع أخطر بكثير، فاستعمال الاجهزة الذكية، والتركيز بها يجعل أعصابه عرضة للتلف او التعب من عمر مبكر، علاوة على امتلاء عقله بمعلومات قد لا تفيده اصلا ولم يعد يستوعب بما هو مفيد.
بينما تتبع ام جود نظاماً في تهدئة طفلها عندما تجبرها اعمال المنزل التي لا تنتهي، فعند بكائه او لعبه بصورة عبثية بادوات المنزل واثاثه، تذهب الى اعطائه جهاز النقالن لكي يركز اهتمامه في الالعاب الموجودة فيه، موضحة « انه المنفذ الوحيد لي للتخلص من عبثيته وبكائه، التي اعتدت أن اراهما فيه كل صباح ومساء.