العنف الصامت

اسرة ومجتمع 2020/11/24
...

نورا خالد
ما زالت المرأة تعاني من قضية تتحمل الدولة والمجتمع مسؤوليتها، هي التحرش، فبدلاً من أنْ تكون الضحيَّة أصبحت في مجتمعنا الجاني لمجرد وجودها في الشارع أو لارتدائها ملابس يرى البعض منهم أنها غير مناسبة أو لا تتماشى مع توجهاتهم، بل تعدى الأمر الى التحرش بهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي أتاحت نوافذه مساحة واسعة للمتحرش من دون الإفصاح عن هويته الحقيقيَّة حتى أصبحت ملاذاً آمناً للمتحرشين بعيداً عن محاسبتهم، وبذلك أصبحت على يقين أنه لا علاقة للمظهر الخارجي للمرأة بمسألة التحرش، فسواء كانت المرأة محجبة أو سافرة، في الشارع أم في البيت فهي تتعرض الى التحرش اللفظي بكلمات تخدش حياءها.
في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد أصبحت المرأة تتكتم على ما تتعرض له من انتهاكات خوفاً من الفضيحة أو ردة فعل الأهل، التي تقود الى مشكلات كبيرة تكون هي المتهمة الوحيدة فيها وهذا ما يمنعها من البوح بما يحدث لها حتى لأقرب الناس لها.
تشير إحصائيَّة لهيئة الأمم المتحدة الى أنَّ واحدة من كل أربع نساء تتعرض للتحرش بشكل يومي، ما يجعله مشكلة عالميَّة، وشكلاً من أشكال العنف وانتهاكاً لحقوق الإنسان وحرية المرأة.
ينصّ القانون العراقي على عقوبة السجن لعامٍ واحدٍ أو غرامة ماليَّة يحددها القاضي لكل من ارتكب جريمة التحرش، وتشير المادة 111 من قانون العقوبات العراقي إلى أنَّ ذلك يحدده نوع الضرر وعزل هذا النوع من الجرم (التحرش) عن جريمة الاعتداء الجنسي (الاغتصاب) التي تتراوح عقوبتها بين الإعدام والسجن مدى الحياة.
ولكنْ هل أنَّ معاقبة المتحرش كافية للقضاء على هذه الظاهرة المستشرية في مجتمعنا؟
نعم.. نحتاج الى عقوبات رادعة، لكنَّ الأهم هي التربية الأسريَّة التي تسبقها وتنشئة الأجيال على ضرورة احترام حرية الآخر، ومن خلال إقامة حملات التوعية في المدارس والإذاعة والتلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي التي تبين عواقب التحرش الوخيمة على المجتمع من أجل الإسهام في تقليل هذه الظاهرة غير الحضارية، والأهم من هذا كله القضاء على أسبابها التي تنحصر غالباً بانتشار الأمية والبطالة والكبت الجنسي المزعوم رغم كل هذا الانفتاح عبر السوشيال ميديا.
ـ