تشومسكي في بغداد..منصة المستنصرية الالكترونيَّة نافذة الجامعة نحو العالم

ريبورتاج 2020/11/30
...

  فجر محمد
 
في الساعة الثامنة مساء بتوقيت بغداد وبواقع اربعة ايام في الاسبوع، تبدأ المنصة الالكترونية في الجامعة المستنصرية، باستئناف عملها المباشر لتحتضن علماء ومفكرين وروائيين من دول العالم المختلفة، وتبدأ الاشعارات الالكترونية، بالوصول الى الاساتذة والطلاب وجميع من يرغب بالولوج الى هذا الفضاء الواسع، الذي يغيب الحدود الجغرافية ويلغيها تماما، فتارة تجلب المنصة ضيفها من قارة أميركا لتنتقل بعدها الى افريقيا ثم آسيا وأوروبا.
عميد كلية الآداب في الجامعة المستنصرية الدكتور عبد الباقي بدر، يصف تجربة المنصة الالكترونية بالناجحة والمثمرة، التي اتاحت الفرصة للعالم اجمع الاطلاع على ثقافة العراق وحضارته، وذلك عن طريق المنصة الالكترونية، التي كانت في البداية بمثابة نادي كتاب ثم تحولت الى منصة عالمية.
 
جمهور متنوع
على الرغم من توقف الانشطة المختلفة بسبب جائحة كورونا، الا أنها أتاحت في الوقت نفسه، المساحة الكافية لانطلاق المنصات الالكترونية وانفتاحها على العالمية، فعلى سبيل المثال وجهت منصة المستنصرية الدعوات لاساتذة ومفكرين وروائيين وشخصيات، لها حضور عالمي واجتماعي واسع، وبحسب عميد الكلية فإن هذا المنبر الالكتروني، قد استقبل اهم المفكرين في العالم ومنهم نعوم تشومسكي.
عميد الكلية قال:
"ان المحاضرة التي قدمها تشومسكي كانت فريدة من نوعها، اذ اخذ الحضور في جولة وأبحر في موضوعة اللغة وتشكلها، بدءا بالاطفال وانتهاء بالبالغين، فضلا عن مواضيع ثقافية واجتماعية وغيرها من المجالات، اذ إن المفكر العالمي تشومسكي،  لم يبخل على الجمهور المتلقي بأي معلومة او اجابة يريدونها".
 
العالميَّة
 لا يخفى على المتابع أن المنصات الالكترونية أصبحت اليوم محطة لجذب فئات عمرية مختلفة، ويثني امين مجلس كلية الاداب ومدير منصة نادي الكتاب مهند عاصم على عمل المنصة، واصفا اياها بنافذة كلية الاداب نحو العالمية والوصول الى الآخر، ويتلخص العمل الفني بتخصيص رابط على منصة الزووم التي تضم في الواقع ما يصل الى 500 مشترك، وتمَّ تعميم الرابط على قناة ورش كلية الاداب التي اغلب مشتركيها باحثون وعلماء من دول العالم المختلفة، مع وجود الاشعارات الالكترونية  في برنامج "الواتس اب" لتبليغ المشترك بشخصية المحاضر والموضوع المطروح ليتسنى لهم المشاركة وتهيئة الاسئلة.
تحويل المحنة
تناولت المنصة مختلف المواضيع منها اثر جائحة كورونا على المجتمع العربي، والمحاضرة الاخرى عما بعد المجتمعات الذكورية، بينما قدمت محاضرة من الجزائر عن كورونا بين الهندسة الجينية وسيناريوهات المستقبل، وموضوع عن ترجمات القرآن الكريم والحوار العابر للثقافات، كما كانت هناك محاضرة في المنصة عن عالم ما بعد كورونا نحو تحويل المحنة الى امكانات خلاقة، فضلا عن الابحار بالموسيقى من خلال محاضرة قدمت من السعودية، كما قدمت محاضرة في العنف المنزلي من قبل احد اعضاء مجلس العموم البريطاني.
 
ورش محليَّة
لم يقتصر عمل المنصة على المحاضرات العالمية، بل تناولت ورشا محلية منها تدني المستوي التعليمي لطلبة الجامعة، اذ بينت الاسباب والنتائج، كما بحثت في سلوك فيروس كورونا واساليب الوقاية النفسية منه، فضلا عن الاثار الاجتماعية والنفسية للحجر الصحي على افراد المجتمع، وايضا كانت محاضرة عن مواجهة الهلع من عدوى كورونا من الجانب النفسي، كما قدمت ورش عمل عن الأمراض والأوبئة في العراق المعاصر، وايضا كانت هناك محاضرة عن امكانية وجود حياة على كوكب آخر غير الأرض، ضمن دراسة تحليلية في الانثروبولجيا الطبيعية، فضلا عن تقديم دراسة في مهارات الذكاء الرقمي، وايضا محاضرة عن الثقافة والامراض واخذت جائحة كورونا كأنموذج، ومن الدراسات التي قدمت في الورش دور الاعلام في توعية الجمهور لمواجهة خطر جائحة كورونا، فضلا عن ستراتيجيات العلاقات العامة المستخدمة خلال 
الجائحة.
 
مشاركة دوليَّة
من اللافت للنظر ان المنصة الالكترونية استضافت علماء وباحثون من مختلف دول العالم، منهم اساتذة في الجامعات التركية والتونسية واللبنانية وغيرها من الجنسيات، ولم تكن المحاضرات منحصرة في جانب واحد، بل تناولت مواضيع اجتماعية واقتصادية وفكرية 
مختلفة. 
 
مؤتمر عالمي
قدمت كلية الاداب في الجامعة المستنصرية مؤتمرا علميا افتراضيا يختص بجائحة كورونا من منظور العلوم الانسانية، وشاركت فيه جامعات عالمية، منها العلوم الاسلامية في لندن ببحث موسوم عن الجائحة في المنظور الاجتماعي، كما كانت هناك مشاركة من كلية الاداب ذاتها عن التحليل الفيزيقي للفيروس واثره في الفرد والمجتمع، فضلا عن بحث من جامعة باتنة الجزائرية ببحث عن مستوى الضغوط النفسية وستراتيجيات التعامل، لدى طبيبات الامراض المعدية على مستوى مصلحة الحجر الصحي لمرضى كورونا، وكذلك بحوث اخرى تناولت مواضيع ترتبط بشكل مباشر بالجائحة، خصوصا الرعاية الصحية والعقلية خلال فترة تفشي الوباء.
 
صقل المواهب
لم تعد الصحافة الورقية هي سيدة الموقف، بل اخذت تزاحمها نظيرتها الالكترونية، فضلا عن البرامج والتطبيقات المختلفة، التي اخذت مكانها على المنصات الالكترونية، وبإمكان طلبة الاعلام اليوم ان يطوروا انفسهم من خلال متابعة المنصة الالكترونية، هذا ما بينه رئيس قسم الاعلام في كلية الاداب الدكتور دريد شدهان وتابع القول:
"ان النشاطات الالكترونية ليست موجهة الى الاساتذة وحسب، بل بإمكان الطلبة المشاركة فيها، وهذا ما تتيحه الجامعة لطلابها، فالمنصة في بداية عملها كانت عبارة عن ناد للكتاب فقط، ثم ما لبثت إن وصلت الى العالمية، وبفضل هذا العمل تمكنت الكلية من التواصل مع نظيراتها العربية".
 
الجائحة
ويشير رئيس قسم الاعلام الى أن التوقف الاجباري الذي حدث قبل اشهر، اتاح الفرصة للتواصل الالكتروني عوضا عن التقليدي، وهذا ادى الى نجاح عمل المنصة اكثر، فضلا عن المواقع الالكترونية التي خصصت للطلبة كي يتواصلوا مع
أساتذتهم.
 
واقع افتراضي
 مدير ضمان الجودة وأحد المشرفين على المنصة الدكتور علي سعد يبين ان بداية فكرة المنصة الالكترونية، كانت مع ظهور جائحة كورونا واصبحت هناك صعوبة بوجود الطلاب والاساتذة في الجامعة للمشاركة، في ما يعرف بقراءة كتاب، لكن بسبب صعوبة الحضور واستكمال المؤتمرات والورش تحول الى الواقع الالكتروني، ولذلك  صممت  منصة محلية في البداية باستخدام برنامج الزووم، مع وجود  اساتذة من خارج الجامعة والبلاد يقدمون ورش، ومع وجود الرابط الالكتروني، تم تصميم قناة عامة للتواصل مع الباحثين والاساتذة حول العالم، وختامها كان مع من يعد أباً للسانيات ومفكر اليسار الاميركي وهو نعوم تشومسكي.
 
معارض الكترونيَّة
مدير ضمان الجودة، اشار الى انه في السابق كان هناك احتياج للفيزا ودعوات الحضور وفي ظل جائحة كورونا تحول، الامر الى الالكتروني وسيستمر عمل المنصة، حتى لو عادت الحياة بشكلها الطبيعي السابق من خلال اقامة الورش والمؤتمرات ستكون الكترونيا، وفي النية القيام  بمعرض الكتروني للمؤلفات والكتب.