عرفت محافظة الديوانية ومنذ القدم بطابعها الزراعي المميز، لخصوبة ارضها ووفرة المياه فيها وامتهان نحو 65 بالمئة من أهلها للزراعة، فكانت وما زالت محاصيلها الزراعية متوفرة في الأسواق المحلية خصوصاً بعد الاهتمام البالغ الذي شهده قطاع الزراعة خلال الفترة الأخيرة في خطوة لتحويل الديوانية الى سلة العراق الغذائية.
الأسرة الفلاحيَّة
يبقى الدور المحوري للارتقاء بواقع الزراعة، كماً ونوعاً مرهوناً بالأسرة الفلاحية التي وجدت في الأرض رزقها، خصوصاً أن أغلبية هذه الأسر لا دخل لها غير ما تجود به الأرض التي تزرعها، غير ان الأسرة الفلاحية نفسها تحتاج الى الدعم الحكومي الذي يمكنها من الاستمرار بعملها.
ويقول محافظ الديوانية زهير الشعلان "ان الحكومة المحلية بذلت جهدها لتحقيق حلم الاكتفاء الذاتي وصولا الى أن تكون الديوانية سلة العراق الغذائية الامر الذي جعلنا نرفع من مستوى التنسيق مع الوزارات والجهات المعنية لاستحصال حقوق الفلاحين التي تعد المصدر الأساسي لمعيشة اسرهم، وقمنا بمتابعة تنظيم الموارد المائية ووجهنا بتنشيط الاستثمار الزراعي، وأنشأنا مراكز التسويق وساحات بيع الخضار"، مضيفا "ان الديوانية قادرة على أن تكون سلة العراق الغذائية، لانها تمتلك المؤهلات الكافية، بما في ذلك خصوبة الأرض ووفرة المياه ورغبة الأسر الفلاحية بزيادة الإنتاج، وسعي الحكومة المحلية والدوائر ذات العلاقة لتنشيط واقع الاستثمار الزراعي وتسهيل مهمة المستثمر وغيرها من المقومات الزراعية".
زراعيًّة بامتياز
يدرك الجميع ان الديوانية باريافها النضرة ومساحاتها الخضراء تعد من المدن الزراعية المنتجة لمختلف المحاصيل الزراعية، خصوصا الشلب والحنطة والشعير والباذنجان والبطاطا والخيار واللوبياء والباقلاء والبصل وغيرها من المحاصيل.
مدير زراعة محافظة الديوانية حسن الوائلي يقول: ان تاريخ الديوانية الزراعي حافل بالخيرات، خصوصا ان محاصيلها الزراعية تسجل حضورها الموسمي في الأسواق المحلية بشكل ملحوظ، مضيفا "ان مديرية الزراعة ضاعفت من الاهتمام بزيادة الإنتاج من المحاصيل الستراتيجية ومثال ذلك زراعة نحو 144 الف دونم من الشلب خلال الموسم الحالي، وتهيئة 220 الف دونم للاستفادة منها في الاستثمار الزراعي لإنشاء عدد كبير من المشاريع الزراعية في مناطق مختلفة من المحافظة، وبالشقين النباتي والحيواني، لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض الى المحافظات الأخرى، خصوصا بعد النجاح الذي تحقق في عدد من المشاريع الزراعية التي باتت تصدر إنتاجها من البيض ولحوم الدجاج والخضار".
الاستثمار الزراعي
يبقى الاستثمار الزراعي رافداً مهماً لتحقيق التنمية المنشودة، لذا فان هيئة الاستثمار في محافظة الديوانية سعت لتنشيط الواقع الزراعي عبر اتخاذ عدة اجراءات، من ابرزها توفير الفرص الاستثمارية وتذليل العقبات أمام المستثمرين.
ويقول مدير هيئة الاستثمار في محافظة الديوانية رزاق حسين شبر "ان الهيئة سعت ومنذ البداية الى تفعيل واقع الاستثمار في المحافظة، خصوصا الاستثمار الزراعي من خلال توفير الفرص الاستثمارية التي يبحث عنها المستثمر وتسهيل الاجراءات الروتينية التي يعاني منها". مشيراً الى أن "الديوانية تعد من المحافظات الملائمة للاستثمار في قطاع الزراعة لأسباب عدة، من أهمها وجود مساحات واسعة، ووفرة المياه، وموقعها الجغرافي المميز وغير ذلك، الامر الذي جعلنا نكرر دعواتنا للمستثمرين لخوض التجربة والاستفادة من الفرص الزراعية التي تعلن عنها هيئة الاستثمار".
أفضلية في الأسواق المحليَّة
ولان المستهلك يبقى هو الفيصل بمقبولية المحصول المحلي عن غيره من المحاصيل المستوردة، اذ يجد المواطنون بالمنتجات الزراعية المحلية غايتهم، لرخص اسعارها وطيب طعمها ورغبة اغلبهم بتشجيع الفلاح ليمارس دوره الطبيعي في الحياة.
ويقول محمود مشيط (55 عاماً) احد تجار الخضراوات "ان الأسواق المحلية ترغب دائما بالتعامل مع المنتوجات الزراعية المحلية لأسباب عديدة، أهمها الإقبال المتزايد من الأهالي على شرائها خصوصا الخضار واللحوم والبيض والسمك والحليب والقيمر والجبن والألبان، ولكن قلتها تعطي المستورد المجال لأخذ مكانها، خصوصا عندما تشح المنتوجات الزراعية المحلية ويقوم التجار بزيادة الأسعار".
مضيفاً "ان الديوانية وخلال الموسم الحالي زادت بشكل ملحوظ من إنتاجها الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وهذا الامر جيد في حال الاستمرار بهذه الزيادة، خصوصا بشأن انتاج البيض والدجاج والسمك".
بينما يقول تاجر الخضار قاسم الخالدي (38عاماً) "ان الاجراءات الحقيقية التي يفترض اخذها لهيمنة المنتوجات الزراعية المحلية في الأسواق، تتمثل بتنفيذ عدد واسع ومدروس من المشاريع الزراعية عن طريق الاستثمار، وإعطاء الفلاحين جميع حقوقهم المادية في الوقت الذي يصدرون به منتوجاتهم ورفدهم بالأسمدة والمستلزمات الضرورية وتقديم الإرشادات الكافية لهم ومتابعة نمو محصولهم وغيرها من اجراءات سريعة".
الكجرات
ولانه من النباتات الغريبة على الزراعة العراقية، اذ لا يزرع الا في الديوانية فان (الكجرات) أو نبات الشاي الأحمر سطرت عن أسباب زراعته في الديوانية العديد من الحكايات وأبرزها ان احد ابناء قرية (الزيدي) في قضاء السنية جلب معه من مكة المكرمة كمية صغيرة من هذه البذور، بعد تعرفه على احد حجاج باكستان، اذ طاب له شراب شاي وردي مائل الى الاحمرار وغرس البذور وراح يعتني بها لتثمر (الكجرات)، فاخذ الآخرون يزرعونه، خصوصا انه ذو فوائد صحية كثيرة، ابرزها انه خافض للضغط، ومقو لعضلات القلب، ويقي من نزلات البرد، ومسكن لألم المفاصل وغيرها من أمراض.
ويقول مدير مشروع تطوير الكجرات في الديوانية ذياب هادي حسن "ان الكجرات يزرع في الديوانية دون غيرها من المحافظات، وان المديرية العامة للزراعة استحدثت هذا المشروع لتطويره لما له من فوائد صحية كبيرة".
ويبين ذياب "ان مشروع تطوير الكجرات ورغم ضعف امكانياته ساعد في نشر زراعة هذا المحصول في عدد من الأقضية مثل السنية والدغارة، وأقيمت دورات إرشادية للفلاحين حول كيفية زراعته والاعتناء به، فضلا عن تزويدهم بالبذور مجانا، وان الكجرات الذي زرع من قبل العاملين في هذا المشروع حقق انتاجا جيدا، خصوصا ان التجربة الأخيرة التي نفذها احد الطلبة أسفرت عن أزهار الكجرات بتسعة ألوان وهي من الظواهر الغريبة بالنسبة لنا".