تاريخ السرقات الأدبيّة

ثقافة 2019/01/25
...

عبد الكناني
ويأتيك حديث السرقات الادبية فيصدمك أنّه يعود الى حقب بعيدة في التاريخ الاسلامي، وقد استدللنا لبعضها من خلال كتاب العلامة والفقيه والشاعر جلال الدين السيوطي (849 – 911هـ) الموسوم "الفارق بين المصنف والسارق" الذي قام بتحقيقه المحقق الكبير والباحث والمؤرخ والشاعر هلال ناجي (رئيس اتحاد المؤلفين والكتاب العراقيين سابقا) والصادر عن دار عالم الكتب اللبنانية في العام "1998" كشف فيه عن سرقة اربع كتب له من قبل شخص ائتمنه عليها او استعارها من طلابه ونسبها لنفسه مسجّلا أكبر سرقة في تاريخ الادب العربي بعد السرقات الشعرية التي ثبتت في مراحل سابقة من تاريخنا العربي والاسلامي وخرجت على أنّها متسقة مع مقولة "وقع الحافر على الحافر". 
 
القسطلاني
ويذكر المحقق هلال ناجي في تقديمه وتعريفه بالمخطوط, ان المصنف يتحدث فيه السيوطي عن سارق سطا على كتابيه "المعجزات والخصائص" فسرق مافيهما بعبارته. وذلك السارق القسطلاني (شهاب الدين احمد بن محمد الخطيب الشافعي المصري) المعاصر للسيوطي والذي استعار مصنّفي السيوطي من بعض تلامذته وبشفاعة من بعض بني العباس. واصدر كتابيه تحت عنواني "المواهب اللدنية والفارق" واللذان هما كتابا السيوطي لانطباق مضمونيهما مع الكتابين المسروقين واشارت لذلك القرائن ايضا مع تتبع احوال التأليف ومكانه والاحوال التي واجهت الكاتب والاعاقات وغيرها.
وفي بداية مصنفه "كتابه" يصف السيوطي القسطلاني فيقول: هل أتاك حديث الطارق (وما ادراك ما الطارق" الخائن السارق والخائن المارق الذي توسّل الينا بأولاد الحنفاء وتوصل الينا بابناء الخلفاء فاوسعناه بشرا فقابله بجفاء وعاملنا بغدر اذ عاملناه بوفاء وتطفل علينا الموائد فانعمنا له بشيء مما لدينا من الفوائد، واذنا لطلبتنا ان يسمحوا له باعارة مصنفاتنا الدرر الفوائد إكراما لمن تشفّع به من بني العباس وإبراما لحبل ودادهم الذي هو عندنا محكم الاساس. فما كان من هذا العديم الذوق إلّا أنه نبذ الامانة وراء ظهره وخان وجنى ثمار غروسنا وهو فيما جناه جان واغار على عدة كتب لنا أقمنا في جمعها سنين وعمد الى كتابي "المعجزات والخصائص" فسرق جميع ما فيها 
بعبارتي.
ثم وضح فضيحة السارق بأدلته القاطعة والدقيقة بقوله: ولقد ابهمت نقولا عن ائمة فاوردها على ابهامها, ولو سئل في اي كتاب هي لم يدر خنصرها من بنصرها. 
 
أكبر السرقات
خلاصة القول ان السرقات الادبية ليست جديدة على الواقع الادبي فقد اكتشفت في تلك الحقب البعيدة الكثير من السرقات رغم بعد المسافات بين المدن والامصار وصعوبة الاتصال ووسائط النقل البدائية، وما حكم ابن الفارض بين شاعرين كاتب وسارق سوى دلالة على هذا الامر. ووضعت كتب عن السرقات خاصة الشعرية في تلك الازمان ومن بينها كتاب "الحجة في سرقات بن حجة". فضلا عن افراد علماء البيان ابوابا في كتبهم في السرقات الشعرية. فكيف بنا اليوم في ظل التطور التكنولوجي ووسائل الميديا وغيرها؟، ومع ذلك سجلت اكثر السرقات الادبية في العقود الاخيرة من القرن العشرين وماتلاها وسنتوقف باذن الله في كتابات اخرى على اهم السرقات ان كان على المستويين المحلي والعربي او الكوني.