الموصل الحدباء..تحتفل من خلال الإعمار والاستقرار الأمني

ريبورتاج 2020/12/09
...

الموصل: شروق ماهر
 
يستعد ابناء محافظة نينوى لإحياء الذكرى الثالثة لتحرير محافظتهم من أيدي عصابات (داعش) الارهابية في ظل استقرار أمني وتقدم في عجلة الاعمار والتحديات التي تواجهها البلاد، إذ حققت محافظة نينوى ثاني اكبر المحافظات العراقية استقراراً أمنياً يرافقه دحر وسحق لآخر معاقل عصابات داعش على ايدي القوات الامنية من جيش وشرطة وحشد شعبي وجهاز مكافحة الارهاب، ليحتفل الموصليون بعرسهم الجميل وسط ذكريات الدمار التي رافقتهم مع يوميات اعمارهم لمحافظتهم.
رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي  اعتبر هذا اليوم يوما خالدا لـ“إن العراقيين سجلوا بتحرير الموصل “صفحة بيضاء أخرى في تاريخهم، كتبوها بتضحيات أبنائهم، وبتلاحمهم وتآخيهم لأجل وحدة العراق، ولأجل قبر ظلمة الإرهاب وكف حالك آثامه عن كل العالم”.
وأضاف الكاظمي بحسب مكتبه الإعلامي: “تفتخر الأمم بانتصاراتها على عتاة التاريخ، الذين كانوا رمزاً للوحشية والعنصرية وأعداء للإنسانية، ومن حق العراقيين اليوم أن يفتخروا بذكرى نصرهم الأبرز، على من جمع كل الموبقات وأخرجها بشكل استهدف وجودهم وديمومة عيشهم على ضفاف النهرين العظيمين”.
 
ذكرى التضحيات
كما أبدى محافظ نينوى نجم الجبوري والقائد العسكري في تشكيل قيادة عمليات التحرير في محافظة نينوى، في تصريح لـ (الصباح) بأنّ محافظته تحتفل سنويا بذكرى يوم التحرير الذي جرى منتصف عام 2017، إذ تسجل هذه الايام في نفوس الموصليين حدثا مهما لم يشعر به ويعشه إلا سكان الموصل، بعد ان سقطت ثاني اكبر المحافظات العراقية على يد عصابات داعش، وحولت هذه المحافظة الى ظواهر من القتل والسبي والابتزاز والخطف وكل ما صنعه الارهاب الداعشي في هذه المحافظة».
ويردف الجبوري قائلا: «ان سكان محافظة نينوى والبالغ عددهم اكثر من ثلاثة ملايين نسمة كانت لهم وقفات مشهودة على صعيد استعادة مدينتهم، ومن ثم هزيمة هذه العصابات».
وبشأن التحديات التي ما زالت تواجه المحافظة يقول الجبوري: «ان التحديات كبيرة، لكننا تمكنا من استعادة بعض الجسور واعادة اعمارها، فضلاً عن بناء مدارس وتعبيد طرق، فضلا عن عودة قسم من المستشفيات إلى العمل بكامل طاقتها، وهناك مستشفيات أخرى في طريقها إلى العمل بصورة كاملة للعمل بالرغم أننا نمر بجائحة كورونا التي أثرت كثيراً في طبيعة عملنا، وقيّدت الكثير من الاعمال التي كان يمكن أن نعملها، الا ان عجلة الاعمار متواصلة حتى يوميا هذا».
 
طاقات وقدرات
واضاف الجبوري بأن “نسبة الاعمار تتقدم وبشكل كبير، وان الحكومة الاتحادية متفائلة بالمستقبل، لا سيما أن أهالي المحافظة متعاونون تماماً على صعيد أهمية المحافظة على محافظتهم وبنائها بما يملكون من قدرات وطاقات، ومن ثم فإن مستقبل نينوى يبقى مستقبلاً واعدا ومهماً، مهما كانت الصعوبات، خصوصاً أن نينوى ثرية بمواردها، إن كان في مجال الزراعة أو النفط أو السياحة والسياحة الدينية 
 والكبريت والغاز”.
ووصف الجبوري بأن “شعب الموصل شعب المناضلين الذين تحملوا الظلم والابادات خلال ثلاث سنوات، فضلا عن تدمير في مباني محافظتهم، وتدمير البنية الثقافية والسياحية ايضا، الا انهم  استطاعوا اعادتها في سقف زمني قصير جدا وبالتكاتف معاً، إذ لقنوا الارهاب درسا لمرتين: مرة بالانتصار عليه عسكرياً وميدانياً، ومرة من خلال البناء والإعمار”.
 
تفاؤل
وقال طارق سمير  التدريسي في جامعة الموصل ان “اغلب مثقفي واساتذة محافظة نينوى متفائلون  بالمرحلة المقبلة في محافظتهم بعد مرور ثلاثة أعوام على التحرير، وان محافظة نينوى تزدهر بالاعمار واستتباب في الامن، وأن الوضع الذي تعيشه محافظة نينوى اليوم من أمن يعود للقوات الامنية أولا، وثانيا لتكاتف الشباب العاملين اليوم صفاً بصف من اجل نهوض مدينة الموصل بشكل خاص والمحافظة بشكل عام”.
ويضيف مختار منطقة “الزنجيلي” المنطقة الاكثر تدميرا خلال سيطرة عصابات داعش السيد خليل الجبوري لـ (الصباح): أن “شعوره بفرحة التحرير شعور له لذة وطعم بالحياة خاص من نوعه، لأن الحكومة المحلية والمركزية تمكنت من اعادة منطقتهم للحياة بعد تدميرها بالكامل على يد عصابات داعش في وقت زمني، مع تقديم تعويض المتضررين عن الدمار الذي لحق بهم”.
وأضاف خليل “الحياة كانت خلال سيطرة عصابات داعش غائبة عن المدينة القديمة، والجثث منتشرة في كل مكان حتى وصلت القوات الامنية واعادت الامن الذي غيّب عن محافظتنا ومدننا لأكثر 
من ثلاثة أعوام”.
وأشار الى أنه “بعد ان أعيدت الخدمات الى المدينة عاد اليوم جميع أقاربه وأشقائه من مخيمات النزوح، ودخلوا مناطقهم ومنازلهم في عودة جديدة تفتح النور مجددا الى محافظة نينوى ومركزها الموصل”.
 
ثلاثة أعوام
بدوره أكد الناشط حسين المحلاوي أن “دخول ثلاثة اعوام على تحرير محافظة نينوى يشكل دورا كبيرا في نفوس اهالي المحافظة التي كانت منكوبة، اذ ان أبرز ما سيطر عليه سكان الموصل هو اعمار أحياء مركز محافظة نينوى، واعادة تأهيل  الواقع الصحي، إذ تمكنت الحكومة من اعادة اعمار وبناء المستشفيات الحكومية ومعالجة ما لحق بها من تخريب وتدمير خلال العمليات العسكرية التي شهدتها
 المدينة”.
مبيّناً أن “مستشفيات مهمة مثل السلام والشفاء تعود للحياة بعد ان تمكنت العصابات الداعشية من حرقها وتفجيرها خلال عمليات التحرير”.
كما كان لترميم واعمار الشوارع والازقة والمناطق الترفيهية والسياحية حظ اخر في اظهار وجه المدينة الحضاري، فضلا عن استئناف ازدهارها السابق، يجزم بائعة البسطيات والمحال التجارية المدينة بدأت تعود تدريجياً نحو اصالتها المعروفة بقيم وعادات وتقاليد الموصليين القديمة.
التجوال عبر هذه الشوارع والازقة يأخذ المواطن العراقي لمعنى الاصرار على عدم الاستسلام وتحدي الظروف والازمات التي خلفتها قوى الظلام الداعشية.
 
صفحات بيضاء
اما بيوت الموصل القديمة والتي تميزت بطراز معماري اثري، فقد حاول المعنيون بها من استعادة ما هدم منها، كما كان لغيرها من البيوت التي لم يتمكنوا من اعادة تأهيلها بسبب تهالكها وطمس معالمها، الا انهم قد تمسكوا بمظهرها من منطلق ان تبقى شاهدة على الدمار الذي خلفه الارهاب، ووصمة عار تلاحق عبر الازمان مفتعلي هذه
 الجرائم.
اما مسؤول لجنة الاعمار في محافظة نينوى عبد القادر دخيل فقال لـ(الصباح) "ان   الملاكات الهندسية والفنية في بلدية وبلديات الموصل شرعت باعادة اعمار وتأهيل  ثاني سايلو يقع في ناحية القيارة جنوب الموصل، بعد ان شرعت الكوادر الهندسية خلال الشهر الماضي بتاهيل اول سايلو تعرض للدمار من قبل داعش غرب  الموصل بعد  خروجه عن الخدمة لمدة اكثر من اربعة وهو 
الان يواصل اعماره"
واضاف دخيل ان"مدة انجاز هذا السايلو حددت بنحو ثمانيةاشهر، وان مبالغ اعمار السايلو صرفت من مبالغ الاعمار والاستقرار التي صرفتها الحكومة المحلية لمحافظة نينوى وان استيعاب السايلو تصل الى30 الف طن".
مدير تربية نينوى يوسف السبعاوي تحدث لـ(الصباح) "ان الملاكات العاملة في تربية نينوى وبلديات نينوى اعادت اعمار وتأهيل نحو 18 مدرسة في ايمن وايسر الموصل والمدينة القديمة، وتم افتتاحها تزامنا مع انطلاق العام الدراسي 
الجديد".