زينب صاحب
مشكلات أسرية وخلافات زوجية، يسببها مجتمع الكتابة {واتباد» لنشر الكتب واتاحة الفرصة امام الجميع للمشاركة وخوض تجربة كتابة المقالات والقصص والأشعار، وغيرها من الأعمال الأدبية والدمج بينهم وبين كبار الكتاب، لتبادل الخبرات كمحاولة للصعود بهذه الأنامل الواعدة الى قمة الثقافة، الا انه أطاح بالبعض منهم الى قاع الخلافات والصدامات الاجتماعية، لينهي مشوارهم قبل بدايته، تاركاً خلفه العديد من الصراعات داخل بعض الأسر والتي قد تنتهي بالخراب.
أسرار
على الرغم من ايجابيات هكذا نوع من التطبيقات على الشباب وتطويرهم واشغالهم بما هو مفيد، إلا أن الأمر لا يخلو من الصعاب والسلبيات، اذا ما استخدم بالشكل الصحيح، فقد تفاجأ الشاب أحمد محمود بنشر أسرار بيته، والمشكلة التي وقعت بينه وبين زوجته، بسبب قصة على موقع «الواتباد» من قبل احدى الكاتبات المبتدئات، ليقوم برفع دعوى قضائية عليها، وعند المواجهة قالت الناشرة: إن زوجة المُدعي هي من روت لها هذه التفاصيل، وإن الذنب لا يقع عليها وقام بعدها بالانفصال عن زوجته، وقد عبر أحمد عن أسفه على نهاية زواجه، وفراقه عن طفليه وقال: «لم يبق سر مختبئا بوجود هذه المواقع».
وقد شاطرته المعاناة نفسها الشابة ريا فالح (28 عاماً) عندما نشرت صديقة لها قصتها مع زوجها السابق من دون استئذان، حيث صدمت بنشر تفاصيل ما مرت بها حرفياً وبفارق صغير هو تغيير الأسماء الحقيقية، وعلى الرغم من إنكار الكاتبة وادعائها، بأن هناك قصصا مشابهة كثيرة، وليست هي المقصودة في هذه الرواية، إلا ان صداقة الطفولة انتهت بالخراب، فقد قالت ريا وعيناها مغرورقتان بالدموع: «وثقت بها وأمنتها على سري، وبفعلها هذا كسرت الثقة، ولا يمكنني الاستمرار بصداقتي معها».
روائيون ولكن!
بعد انتشار»الواتباد {سنة 2006} تأمل كثيرون بامكانية وصولهم الى الشهرة في عالم الكتابة، وشرع كل هاوٍ بترك القصص على هذه المنصة، وهناك من نقل العبرة من خلال قصته المأخوذة من أرض الواقع، وآخرون نسجوا الأحداث من وحي خيالهم، وصنف اخر نقل تجربته الشخصية، سواء كانت ملهمة او لأخذ الدروس منها ولم يتوقع أحد ما ينتظره من عواقب.
عائشة محمد (24 عاماً) نقلت قصة لإحدى الفتيات بعد أن طلبت منها الأخيرة نشرها، حيث روت لها معاناتها مع أسرتها بكل حذافيرها، وبعد الانتهاء والنشر طلبت الفتاة من الكاتبة حذف القصة، بعد ان عرفت أسرتها بذلك، وقاموا بتهديدها، مُدعين أنها فضحت الأسرة، واعتمدت على كلام مراهقة، من دون التأكد من حقيقة الأحداث، وقد قالت عائشة:»دخلت عالم المشكلات بدلاً من دخولي عالم الروائيين».
وهذه القصة مشابهة لما حدثت مع نور الدين قاسم (26 عاماً)، الذي تلقى هجمة من المتابعين داخل «الواتباد»، بعد أن نشر قصة من وحي خياله، أراد بها ايصال رسالة للفتيات محذرهنّ من ألاعيب بعض الشباب للايقاع بهنّ، مما أثار غضب الشباب الذين أعدوا ما نقله فيه تعميما واساءة على هذه الفئة، مما أضطره الى مغادرة الموقع وغلقه تماماً وقال: «لم أجد فيه ما كنت أتوقعه فباءت أحلامي بالفشل».
قصص بلا هدف
بعد أن لاقى «الواتباد» شعبية كبيرة في العراق وعلى وجه الخصوص بين فئة المراهقين، الذين انجرفوا وراء ما ينشر، متأثرين بالأحداث المنقولة من خلاله من دون وعي ودراية، حتى اشتكت بعض الأمهات وعبرنّ عن مخاوفهنّ من الآثار السلبية، التي عاد بها على المجتمع والمراهقين من أولادهنّ، وهذا ما تحدثت عنه ام سجاد التي لاحظت تغييرا في أفكار ولدها المراهق، والذي انجرف وراء أحداث احدى الروايات المنشورة في «الواتباد»، والتي حثته على العنف والسادية، وهذا ما يخالف عادات وتقاليد المجتمع وأعرافه على حد قولها.
أماني بهاء (22 عاماً) من محبي فرقة «bts” وهذا ما دفعها للدخول في مجتمع “واتباد” للكتابة، بعد أن نشرت فيه العديد من القصص عن أعضاء هذه الفرقة، وبدأت بالاندماج مع ما ينشر وتفاعلت مع الأحداث الملهمة والمعبرة على حد قولها، إلا ان والدتها اعترضت على هذا المحتوى ووصفته بـ {الاباحي}، وقامت بمنع ابنتها من الاطلاع على كتاباته قائلة: “ما الغاية من نشر قصة، فحواها ان رجلا يغتصب فتاة واخر يعنف زوجته؟”.
رؤية
الروائية هبة محمد صفاء ترى ان مهمة الروائي هي التوعية وتصحيح المفاهيم المغلوطة داخل المجتمع، وان «الواتباد» جاء بكتاب ينشرون القصص من دون هدف ورسالة، مجردين من المعرفة بشأن قواعد وضوابط الكتابة، حيث قاموا بنقل وترسيخ الأفكار المريضة، مثل العنف والاغتصاب والاباحية وما الى ذلك، وبدلاً من محاربتها كسوها بكساء الحب والرومانسية، وجعلوها تبدو كالأحلام الوردية وقد قالت: «الواتباد يحتاج الى الكثير من الرقابة».