مرافق المريض..داعم معنوي أم معرقل للخدمات والنظام؟

ريبورتاج 2020/12/14
...

بغداد: عواطف مدلول
 
في أغلب الحالات الحرجة التي يمر بها المريض، عادة ما يحتاج الى شخص مرافق له، ليعينه على تجاوز أزمته، ويلبي احتياجاته التي لا يستطيع فعلها بنفسه، سواء بالمستشفى او المنزل، فيكون بمثابة الممرض او الطبيب له ووجوده لا غنى عنه، وعادة ما في كل اسرة هناك من يتقن اداء ذلك الدور الانساني، ويزرع نوعا من الأمل والطمأنينة في نفسية المريض.
مرحلة الانهيار
تؤكد سما قيس خلال تعرضها لحالة مرضية اقعدتها في الفراش عدة اشهر، حتى في حالات الاعتيادية وبداية مرضها، كان لأختها دور كبير في تقديم الدعم النفسي لها، لأنها وصلت الى مرحلة الانهيار بسبب التفكير الزائد والقلق والخوف من عدم الشفاء وتفاقم سوء وضعها، ولولا ذلك لما تمكنت من تجاوز تلك المحنة موضحة:  "لقد عملت أختي على التخفيف من ألمي بوقوفها الى جانبي، وشجعتني على الصبر لعبور تلك الازمة، وبالرغم من صعوبة تلك الايام، لكن مهمتها كانت اصعب، لأنها رافقتني وتواجدت معي باستمرار طوال اليوم، خلال مراجعتي للاطباء والمستشفيات، وتحملت مزاجي السيئ وعجزي عن التعامل بايجابية مع المرض وقتها".
 
رحلة سفر
في حين يرى محمود سامي، لا بدّ من وجود شخص مرافق لكل مريض، لاسيما في ما يخص كبار السن والاطفال، ويصبح ذلك اكثر ضرورة عندما يتطلب الامر البقاء بالمستشفى لبضعة ايام، والتفرغ كليا له، وبالذات في الوقت الحالي الذي ينتشر به وباء كورونا، والذي يستوجب أخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب حصول العدوى، حيث تقل مناعة اي مريض وبالتالي يكون اكثر عرضة للاصابة بكورونا، مشيرا الى انه لم يتخلَ عن والده المريض وبقي بصحبته حتى في رحلة السفر، لغرض العلاج بإحدى الدول الاجنبية، وهناك صارت المهمة أصعب لأنه واجه معوقات خارج البلد، وما اضطره للاستعانة ببعض المساعدين له، وذلك أسهم في تحقيق شفاء اسرع لوالده وتحسن حالته نوعا ما.
 
الأخت الكبرى
اما السيدة هناء هادي مكي، فقد اصبحت تمتلك خبرة في التعامل مع المريض بعد عدة تجارب خاضتها مع زوجها المتوفى، خلال مرضه وكذلك والدته المسنة، وصارت تلجأ اليها وتستعين بها اغلب افراد أسرتها وحتى صديقاتها، تقول: المرأة اكثر قدرة على التحمل لذلك تصلح كمرافق جيد موثوق به للمريض، مؤكدة انها باتت تسمى (طبيبة العائلة) بعد أن تمكنت ولمدة سنوات طويلة من اكتساب مهارات طبية وعلاجية عديدة، ولان لديها قابلية في الاهتمام بكل ما يخص المريض والاعتناء به، وبحسب قولها فهو يحتاج الى من يرعاه ويهتم بنظافته ويحرص على معرفة أوقات نومه ومواعيد دوائه وكل التفاصيل الدقيقة الاخرى،  وتضيف مكي: تعلمت من الاطباء اثناء تواجدي بشكل دائم في المستشفيات، لمرافقة اي مريض من أسرتي طرق واساليب التعامل الصحيح، حتى أنني كنت أقدم العون والارشادات وبعض النصح لكل شخص يرافق مريضا اخر التقيه في المستشفى، من جانب اخر بوصفها الاخت الكبرى في البيت، فهي تحيط افراد اسرتها بحنانها وعنايتها، وكانها ام ثانية لهم مهما تقدم بهم العمر، تصف والديها بأنهما الاقرب لها لذا تسعى لتوفير اجواء الراحة لهما، كونهما في سن كبير وعرضة للمرض بسهولة وباستمرار، فتحاول ان تكون متفرغة تماما لمساعدتهما في تلك الظروف.
 
وعي تام
يرى الدكتور محمد وهيب العبيدي (اختصاص باطنية وقلبية وصدرية): "من الافضل حضور مرافق واحد مع المريض، وبشرط أن يكون انسانا متعلما ومثقفا ويمتلك وعيا صحيا تاما وملما بالجوانب العلمية، كذلك أن يكون على قدر جيد من المعرفة بطرق واساليب التعامل مع الملاكات الطبية، اما بالنسبة لكورونا نحذر دوما من الزخم والعدد، الكثير الذي يتردد على العيادة او المستشفى، تجنبا لحدوث العدوى وانتقال المرض لبقية المرضى، وغالبا ما نقوم بتوجيه من يحضر بالنيابة عن المريض، لأننا لا نستقبله بنفسه".
ويختتم "ان من سلبيات ان يكون هناك اكثر من مرافق ارباك المريض وكذلك الطبيب ونشر الفوضى والتأثير في الاخرين، خاصة في الوقت الحالي الذي يجب أن يحرص الجميع على الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي".
 
أنواع المرافقين
وبين العبيدي أن "هناك أنواعا عدة من مرافقي المرضى، فمنهم من يصل عددهم الى اكثر من خمسة مرافقين للمريض الواحد، ويكون عمل هؤلاء سد الممرات في المستشفى، اضافة الى الضجيج الحاصل بسببهم في المشفى، وهناك نوع اخر مهمته التدخل بعمل الطبيب، فهو ذلك الذي يعطي الاستشارات الطبية، وهناك النساء المرافقات  مهمتهن النواح والبكاء وتدمير نفسية المريض، فضلا عن ذلك المرافق الذي يكون عمله التدخين في اماكن الاستراحة وشرب الشاي والتدخل بامور الاخرين، اذ يكون مهملاً لمريضه، وايضا ذلك المرافق الذي تكون مهمته هي الاتصال بالهاتف طول الوقت لنقل أخبار المريض، كأنه اعلامي في إحدى القنوات، والكثير من المرافقين تكون مهمتهم عرقلة النظام والقوانين.