هولي ويليامز

 ترجمة وإعداد: ليندا أدور

هو الركن الأساس لاحتفال الأسر خلال موسم أعياد الميلاد في عموم أنحاء بريطانيا، لكن عددا قليلا من المدن تلتزم بإقامته سنويا، مثلما تفعل مدينة يورك، شمال غرب انكلترا، إنه "البانتومايم" (فن الحركات الإيحائية أو الإيمائية والتمثيل الصامت)، الذي يقام عرضه السنوي على مسرح يورك الملكي، حيث تتسابق أجيال من الأسر لحجز مقاعدها عاما تلو آخر وهي تصطف بطوابير طويلة أمام منافذ بيع التذاكر.

على الرغم من تخلي الاسطورة بيرويك كالر، عن تمثيله دور "السيدة"، في العام 2019،الذي أداه على مدى 40 عاما، احتفظ "البانتومايم" بتحقيق أعلى الإيرادات في شباك التذاكر، وطقسا ثابتا بموسم الأعياد في يورك. لكن الميلاد هذا العام جاء مختلفا، اذ يحل موسمه مع دخول يورك المستوى الثاني من الاغلاق الذي سيرفع قريبا، ما يعني السماح بافتتاح المسارح لجمهور متباعد اجتماعيا وبطاقة استيعابية أقل، غير أن الإحجام عن الذهاب للمسرح عبر وسائل النقل العام دعا القائمين عليه لتغيير ستراتيجيتهم.

 

مجازفة جريئة

خطرت لتوم بيرد، المدير التنفيذي لمسرح يورك الملكي، بعد علمه بتخوف الناس من الحضور بالحافلة، فكرة جديدة، وهي "إن لم يستطع الناس الذهاب الى مسرح البانتومايم، سيذهب البانتومايم إليهم"، وهكذا ولد "البانتومايم المتنقل"، فسواء كانت جائحة أولا، يبدو أن روح المجازفة الجريئة قد فاقت التصورات بالفعل.

من خلال عرض صغير برفقة خمسة ممثلين فقط، سيذهب "البانتومايم المتنقل" بزيارات الى مسارح مجتمعية في عموم أنحاء يورك، التي يسكنها نحو 200 الف شخص، كالمدارس الابتدائية والكنائس والقاعات والمكتبات والمراكز الرياضية، بعضها سيتسع لـنحو 20 وأخرى ربما لمئة شخص، ليتمكن الجمهور من مشاهدة العروض من مسافة قريبة من منازلهم. تقول جوليت فورستر، مديرة البانتومايم: "يمكن أن نحول المكان الى مسرح، وهذه أبسط هدية يمكن تقديمها للجمهور بحلول أعياد 

الميلاد". 

يقول بيرد إنه تم الإعداد لتقديم ثلاثة عروض بانتومايم سيكون بإمكان الجمهور اختيار العرض الذي سيشاهدونه من بينها عن طريق الانتخاب، وهي ديك ويتينغتون وجاك وشجرة الفاصولياء وبياض الثلج.

 

هروب لعالم آخر

أما في جزيرة سكاي الاسكتلندية، ستكون عروض البانتومايم فيها هذا العام مختلفة بعض الشيء، بعد أن قدم دانييل كولين مقترحا، بعد النجاحات التي حققتها بعض النشاطات التي اقيمت في فصل الصيف بحضور الجمهور بسياراتهم، بتقديم البانتومايم بذات الطريقة في مواقف السيارات، التي نظمت لتستضيف العروض على مسرح صمم خصيصا لهذا الغرض، تعلوه شاشة عرض كبيرة، فضلا عن تنظيم وقوف السيارات الصغيرة والكبيرة لضمان مشاهدة واضحةن يقول كولين، منتج أول عرض "بانتومايم السيارة"، انه سيتم تقديم قصة "رابونزل" الخيالية للأخوين غريم، بنكهة اسكتلندية، بينما قد يفضل بعض التقليديين قصة "سندريلا"، بقوله: "لكون الساحرة الشريرة في قصة "رابونزل" تكره النور والضياء، سيشارك الجمهور بإعمائها من خلال أضواء السيارات، الى جانب دمج صوت الأبواق مع العبارات الكوميدية فيها"، مشيرا الى أن هذا العمل "خلق فرص عمل للكثير من الممثلين والفنيين هنا، فضلا عن جمع الأموال لصالح بنك الطعام المحلي". بالانتقال الى مدينة كوفنتري، غرب انكلترا، يقول إيان لوكلان، الذي يقدم فن البانتومايم منذ ما يقرب 30 عاما، ان هذا العام مختلف تماما، اذ سيقدم العرض من دون حضور أي شخص، فبعد قرار مسرح بلغراد في كوفنتري بتأجيل عروضه حتى العام 2021، قرر لوكلان، الذي يمتلك خبرة واسعة في مجال برامج الأطفال، تصوير عرض البانتومايم خاصته ليتمكن الجمهور من مشاهدته عبر الانترنت. وجرى تصوير "جاك وشجرة الفاصولياء، داخل الاستوديو باستخدام أدوات البانتومايم ذاتها، مع المحافظة على المزيج نفسه من الأغاني والرقصات والمواقف الكوميدية، لكن من دون حضور 

الجمهور.

يقول المخرج غاري ستار، الذي يستعد لتنظيم "بانتومايم السيارة"لفيلم "سندريلا" بمشاركة تسعة ممثلين: ان المشاهدة داخل السيارة ستوفر تجربة مختلفة: "ستحصل الأسر على مساحة خاصة من الراحة، فضلا عن الاستمتاع بأجواء الميلاد"، مضيفا "نحن نحاول أن نبعد الناس عن الواقع الذي نعيشه، و"البانتومايم" هو هروب بطبيعته، فهو يأخذك الى عالم آخر مختلف على الدوام".