آفاق الماضي

اسرة ومجتمع 2020/12/25
...

سعاد البياتي 
 أجمل وأمتع الذكريات ماكان لها امتداد وارتباط روحي ووجداني مع الطفولة النديَّة.. فهي دائما لها وقع وحنين الى ذلك الزمن الصافي والبريء، الذي يخزنه 
الرام الرباني في الذاكرة الانسانية العجيبة.. ورغم ان تقدم العمر يمنحنا بعض السعادة والتوجس من أقدارنا، إلا أن ماينضج  في عقولنا يكون أحلى وألذ وأعمق تفكيرا وقرارا وحبا وتماسكا للاشياء.. إنَّنا نتوق الى عالم الصخب والمرح الطفولي بعيدا عن التعقيدات والالكترونيات التي أخذت أطفالنا وأسرنا الى عالم آخر لاينتمي الى الحميمية بشيء، فكلما أردت التحدث الى ولدي بموضوع ما وجدته منشغلا عني بهاتفه الذكي الذي اصبح جزءا لايمكن التخلي عنه للحظات.. ماقد يجعلني 
أتحسَّر على أيامنا الماضية المليئة بالحب والتقارب وتبادل الآراء والمشاكل وكأنَّنا روح واحدة.. وهدف واحد!
أين سارت بنا التكنولوجيا 
والى اي سبيل ستأخذنا وهي تزحف بنا الى آفاق بعيدة عن ماضينا الجميل حينما تكون اداة تستعبد من يسترخصها لاهداف سيئة.
لذلك استرق دائما اللحظات الحالمة أقلِّب صفحات الماضي المفعمة بالمشاهد والصور بحلوها ومرها، ولايسعني إحصاءها في 
موضوع صغير لكنها تمنحني كما هائلا من الحنين والشوق لكل ما كنا نلتمس فيه الصفاء والعذوبة والبساطة غير المتكلفة، اذ 
وهبتنا الحياة الامثل وصقلت شخصيتنا بديمومة العطاء لمستقبل يكتمل بالجهد والنجاح في التعليم وفي تقبل نصائح الامهات، فكلمة  (عيب) لا تؤلمنا ولا الضجر من حديث توبيخ من أبينا يقهرنا.. هذا يعني أننا تربينا في بيئة تزرع 
فينا كل يوم بذرة أمل وحب وراحة بال وخير حصدناه الآن. 
إنَّها أيام بعيدة لم يتبقَ منها سوى الاشتياق، 
وهي أنس الزمن القاسي والمربك بكل تفاصيله 
واحداثه الغارقة في القساوة والعنف والمرض.. لتكون لها طعم لذيذ نتوق لاستعادته كلما عاد بنا الحنين! الى الايام البعيدة والقريبة من القلب..