بغداد: قاسم موزان
في كثيرمن الاحيان نصادف شخصا لايروق له الاخر ولا يتقبل وجوده، ويكن له الكراهية من دون سبب مقنع، ولعل تفسير الحالة تخضع لعدة اسباب افتراضية، بشأن هذا الموضوع استطلعت صفحة اسرة ومجنمع اراء عدد من المهتمين.الى ذلك اوضحت التدريسية في قسم الاجتماع /كلية العلوم الانسانية/ جامعة السليمانية د. جوان بختيار بهاء الدين أن الكره شعور سلبي يظهر أحياناً بشكل تعابير او ممارسات سلوكية، قد تكون عنيفة لتصل لدرجة ايذاء المقابل،
وقد تكون المشاعر مكبوتة لتؤدي الى ايذاء الذات، وتضيف، يشعر بالكُره الانسان من دون سبب، فلا يمكن ان تتكون مشاعر الكره من العدم، فقد تكون المشاعر عدم تقبل، او انسجام، لتُفسر بأنها كره او انها بمرور الزمن تتحول الى كره، عادة ما يكون هناك سبب أو اسباب لهذه المشاعر، بعض منها ظاهري ومعلوم، وبعض منها قد يكون او مخفيا، الظاهر منها هي مواقف وتجارب سلبية تؤثر في الانسان وتترك اثراً كبيراً بالشكل الذي يجعل الاثر ينعكس ويظهر اما لفظاً او سلوكاً. اما المخفي منها يكون لمواقف سابقة قد تكون مباشرة او سماعية ( صورة نمطية ) تكونت وتناقلت شفاهيةً بشأن شخصٍ ما، او قضيةٍ ما او دينٍ ما، لتبقى هذه الفكرة السلبية مترسخة وتنعكس ظاهريا مسببةً مشاعر سلبية من نفور او عدم تقبل او كراهية، دون أن يشعر الانسان بسبب هذه المشاعر كونها موجودة نتيجة تراكمات سابقة بالذهن، وقد تحدث حالة الكره بالتشبيه بين شخص وآخر.
ميكانيزم دفاعي
وقال المختص في علم النفس التربوي د. سعد مطرعبودك تأتي هذه نتيجة لافعال لا ارادية تنشأ من خلال تجربة مؤلمة مخزونة باللا وعي يستثيرها موقف او صورة او رمز، فالشخص الذي تتولد لديه الكراهية، قد يكون قد تحرك لديه المخزون من المشاعر السلبية، استثمرها شخص ما شبيه للخصم أو له علاقة بحدث ما، فقد يكون الأب قاسيا، فالابن لايستطيع مواجهته بالكراهية المباشرة، فيخزنها باللا وعي، فتنتقل الكراهية لاشعوريا وقد يكون الانتقال من موضوع إلى آخر أو من مكان لآخر يمقته الشخص المأزوم، فتنتقل كراهيته إلى ذلك الموضوع أو ذلك المكان، وتسمى هنا هذه العملية بالازاحة، تابع الكراهية غير المسببة (ميكانزم. دفاعي لتفريغ المشاعر السلبية) لإعادة توازن الذات نتيجة تراكم لا شعوري تمخض عن تجارب مريرة أو ثقافة مهترئة أو تربية خاطئة.
تهديد السلم المجتمعي
بينما اكد زيرفان امين ماحستير دراسات السلام وحل النزاعات المحاضر بجامعة دهوك في بداية حديثه، ان الكراهية سواء أكانت فرديا ام جماعيا، فإنها تهديد الاستقرار والسلم المجتمعي، اما بشأن الظاهرة اشار امين الى وجود عدة تفسيرات، منها: أن العقل الباطن يقييم الشخص المقابل، و حركات جسده، ونبرة صوته، وإيماءات وجهه، ولغة جسده، فيخرج باستنتاج، بناء على خبرته السابقة وملكاته العقلية، وخلفيته الاجتماعية، فالثواني الستون الأولى كفيلة بتقييم الشخص، الذي نراه للمرة الأولى وأخذ إنطباع عنه (نحبه أم نكرهه).
اما التفسير الثاني، العقل الباطن يبث ذبذبات، فإن تلاقت مع ذبذبات عقلنا الباطن وتوافقت معها، فالنتيجة ستكون المحبة بيننا. أما إن كانت أدنى أو أعلى من ذبذبات عقلنا الباطن ولم تتوافق معها، فالنتيجة ستكون خلق حالة من عدم التناغم، ومن ثم كره المقابل. وهناك تفسير آخر، أن عقلنا الباطن يحذرنا بأن الشخص لا يجب الوثوق به، لأن لم يتكلم به، لا يتطابق مع حركاته، أي أن لغته المنطوقة غير مطابقة للغة جسده، فسيكون الشخص بحالة من عدم الارتياح، إلا أنه أحياناً نتجاوز تلك التحذيرات هناك، أما التفسير الرابع، فهو أن لكل جسد طاقة يصدرها ولها مدى خاص بها، فإن كانت طاقة دافئة وشعرنا بدفئها وارتحنا لها، فالنتيجة الارتياح، وإن كانت طاقة باردة (شخصية باردة) أو كانت طاقة حارة جداً (إي تجاوز ذلك الشخص حدوده الشخصية والاجتماعية) منذ البداية، فسنكرهه.
منسوب الكراهية
خطاب الكراهية في الحياة لايتحدد بنمط معين من التعبير، ولا نوع محدد من تداول الكراهية، التي غالبا ما تنطلق من روح محبَطة او غير سوية وغير قادرة على تبادل المحبة التي فُطر الانسان عليها. كما يزخر الادب في سردياته المختلفة بأنواع عديدة من خطاب الكراهية، مثلما يحفل بأكثر من ذلك في تبني اللغة التي تشيع المحبة هذا بينه الكاتب والناقد علي سعدون، اذ يحدث ان تكون فكرة الكراهية للآخر متأتية من ارهاصات اجتماعية، تصل الى مستوى الظاهرة بسبب مركبات نقص مجتمعية يسببها الاستلاب والقمع والضغط السياسي على الاجتماعي، فتجد مجتمعات بكاملها تنزع نحو التصارع والتغالب ومن ثم الكراهية للآخر، من دون مبررات وجيهة تبرر مثل هذا الفعل غير المحبب، الذي يتسبب بنتائج تتطور الى سلوك عنيف يسهم بتخريب المجتمع وبالنتيجة ينهار بفعل تلك الكراهية، ولنا في تداعيات ما بعد الحرب الكونية الثانية برهانا على تلك البنية المخربة في الحياة، التي شملت اوروبا من اقصاها الى اقصاها، فضلا عن تجارب اخرى تعد براهين شاخصة على ما نذهب اليه، وسيقف بمقدمتها خطاب الكراهية الذي تشيعه الاختلافات الحادة في الطوائف والاديان والمذاهب من تقاطع معرفي وتاريخي، يسهم بطريقة بشعة في زيادة منسوب الكراهية لدى
الشعوب.
ثقافة مكتسبة
وتعتقد التدريسية في جامعة بغداد رنا جاسم وجود سببين رئيسين، الاول يعتمد على الوسط الأسري والمجتمعي، الذي تربى فيهما الشخص ونوعية الثقافة المكتسبة، وتكون على العموم ثقافة احادية وسطحية، فضلاً عن ذلك يكُون هذا الشخص صورا ذهنية في اللا وعي، فمثل هؤلاء الاشخاص يكره كل شخص لا يتلاءم مع ذوقه، السبب الثاني، ربما فيه شيء من
العلمية.
حيث ان الانسان يحمل نوعا من الشحنات او الذبذبات الكهرومغناطيسية، سواء الموجبة او السالبة، اذا تلاءمت هذه الموجات مع الشخص المقابل، صار هناك انجذاب وتقبل للآخر من دون معرفة سابقة او لقاء، وان تنافرت برزت كراهية المقابل من دون أن يعرفه. انا اميل الى هذا التحليل.