الموازنة العامة تثير ردود فعل متباينة لدى المحافظات

العراق 2019/01/28
...

بغداد / متابعة الصباح 
أثارت التخصيصات المالية المقررة في الموازنة الاتحادية العامة 2019، ردود أفعال متباينة من قبل نواب وأعضاء مجالس المحافظات والحكومات المحلية فيها، ففي حين أثارت تلك التخصيصات سخط وامتعاض محافظات - وخصوصاً الجنوبية منها - أعرب مسؤولون في محافظات أخرى - إقليم كردستان - عن رضاهم بشأنها، ووجّه مجلس محافظة البصرة، انتقادات شديدة الى قانون الموازنة معتبرا تخصيصات المحافظة أقل من استحقاقها بفارق كبير، بينما توعد برفع دعوى قضائية للطعن ببعض مواد الموازنة، بموازاة ذلك توقع رئيس السن للجنة المالية النيابية أحمد الصفار، أن تطعن الحكومة الاتحادية في بعض المواد الجديدة والمضافة على الموازنة الاتحادية خلال جلسة التصويت عليها نتيجة تجاوزها حجم الانفاق العام.
 
وقال الصفار في حديث صحفي: إن "اللجنة المالية أجرت عدداً من المناقلات لغرض تحقيق العدالة في توزيع الانفاق العام بعد تدقيقنا لأبواب الانفاق العام وإيجاد مبالغة في أبواب الصرف لبعض القطاعات يقابلها ظلم تعرضت له أبواب أخرى خاصة ما يتعلق بالمناطق المحررة وبعض المحافظات التي تعاني من نقص الخدمات إضافة الى ارتفاع الفقر ونسبة البطالة"، مؤكداً "سعينا لاستخدام الموازنة بغية تخفيف معاناة العراقيين".
وأضاف رئيس السن للجنة المالية النيابية، أن "المناقلات التي قامت بها اللجنة المالية كانت تحت سقف الانفاق العام ولم نتجاوز دينارا واحدا لحجم الانفاق العام كوننا لا نمتلك صلاحية الاضافة وفقط لدينا صلاحية التخفيض والمناقلة"، متوقعاً أن "تطعن الحكومة الاتحادية في بعض المواد التي تتعلق بالإضافات الجديدة التي أضيفت خلال جلسة التصويت على الموازنة".
ولفت الصفار الى أن "هناك تقريبا 37 مادة إضافية تمت اضافتها خلال جلسة التصويت وجميعها باقتراح الكتل السياسية وبعض النواب وهي حالة أحرجت اللجنة المالية وكان غالبية أعضاء اللجنة - وأنا منهم - معارضين لبعض هذه الطلبات"، موضحاً أن "بعض تلك الاضافات ربما قد يواجه اعتراضا من قبل الحكومة الاتحادية كونه قد يتجاوز حجم الانفاق العام المقرر بالموازنة".
 
لجنة الاقتصاد
من جانبها، عدت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، الموازنة الاتحادية لعام 2019 تشغيلية لسد رواتب الموظفين فقط وعاجزة عن إكمال المشاريع الخدمية في عموم البلاد، بينما كشفت عن حراك نيابي لمناقلة عدد من المليارات من بعض الوزارات نحو إكمال المشاريع.
وقالت عضو اللجنة ندى شاكر جودت في تصريح صحفي: إن "الموازنة الاتحادية لعام 2019 عاجزة عن إكمال المشاريع الخدمية في عموم البلاد وعلى وجه الخصوص المحافظات المدمرة من العمليات الإرهابية خلال الأعوام السابقة"، لافتة إلى ان "الموازنة الحالية تشغيلية وتقتصر على توفير الرواتب للموظفين فقط".
وأضافت أن "إكمال المشاريع الخدمية في المناطق المتضررة من داعش الإرهابي يحتاج إلى سنوات عديدة لإتمامها وذلك للحاجة الكبيرة للأموال"، مبينة أن "الحكومة ملزمة بتشجيع المستثمرين على القيام بالمشاريع الاستثمارية في البلاد من خلال توفير البيئة المناسبة لهم وعدم هروب المستثمر".
وبينت جودت، أن "هناك مساعي وحراكا نيابيا على مناقلة عدد من المليارات من بعض الوزارات نحو إكمال المشاريع لتوفير أموال كافية لسد حاجة بعض المناطق المتضررة"، موضحة أن "مخاوف سرقة الأموال من بعض الجهات السياسية دفعت بعض النواب لعدم تأييد تلك المساعي لمناقلة الأموال نحو إقامة المشاريع".
 
حصة الإقليم
وتباينت آراء النواب وممثلي الحكومات المحلية في المحافظات إزاء الموازنة، فلقد عبّر رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، عن ارتياحه بشأن ما خصصته لمحافظات الإقليم، مؤكداً أن "موازنة العام الحالي هي الأفضل بالنسبة للإقليم منذ سنوات".
وقال بارزاني في مؤتمر صحفي في أربيل: إن "مجلس النواب صادق على موازنة 2019، وهي أفضل موازنة بالنسبة للإقليم منذ سنوات عديدة"، وأضاف، أن "المشاكل بين أربيل وبغداد عديدة، لكن إقرار موازنة 2019، وأخذ الحكومة الاتحادية بالاعتبار الملاحظات الكردية عليها هي خطوة في سبيل حل المشاكل بين الاقليم والمركز"، مؤكدا "ضرورة حل تلك المشاكل وفق الدستور".
وأضاف، "نجدد دعمنا لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي ونعبر عن تقديرنا لما يبذله من جهود"، متابعاً: "نتلمس نية جدية من عبد المهدي لحل المسائل الخلافية مع أربيل ونحن لن نتردد في استثمار هذه الفرصة عبر إجراء المفاوضات مع بغداد خلال مدة عام لحل جميع المشاكل بيننا"، وأكد بارزاني أن "الوضع الاقتصادي في إقليم كردستان يتحسن بشكل افضل من السنوات الماضية"، مقدما شكره لـ"المواطنين والموظفين والمقاولين الذين تحملوا هذه المصاعب خلال هذه السنوات".
 
ارتياح أنباري
مجلس محافظة الانبار، أكد بدوره، أن الميزانية المالية المخصصة من قبل الحكومة المركزية للمحافظة بلغت 255 مليار دينار عراقي، مشيراً إلى أنها ستسهم في انجاز العديد من المشاريع المتوقفة.
وقال عضو المجلس فرحان محمد الدليمي في تصريح صحفي: إن "الحكومة المركزية خصصت ميزانية مالية للمحافظة لهذا العام 255 مليار دينار، وهذه الموازنة ستسهم في إنجاز العديد من المشاريع الخدمية المتوقفة بسبب قلة التخصيصات المالية خاصة المشاريع التي وصلت الى مراحل إنجاز متقدمة".
وأضاف الدليمي، ان "الميزانية المالية المخصصة للمحافظة بحدود 135 مليار دينار أضيف اليها مبلغ 120 مليارا لإعادة إعمار المشاريع المتضررة في المحافظة"، مبيناً أن "خطة الحكومة المحلية في آلية صرف ميزانية المحافظة ستخضع لضوابط تنص على صرف مبالغ مالية للمشاريع المستمرة التي وصلت نسبة الاعمال فيها الى أكثر من 70 بالمئة".
وأشار عضو مجلس محافظة الأنبار، إلى أن "هذه الميزانية سيتم توظيفها لإقامة عدد من المشاريع الخدمية في عموم مدن المحافظة".
جدير بالذكر، أنه بالإضافة إلى الإقليم والأنبار، أعرب نواب من محافظة ديالى عن رضاهم بشأن التخصيصات المالية في الموازنة لمحافظتهم.
 
سخط البصرة
في المقابل، أعرب ممثلون عن محافظات جنوبية عن سخطهم بشأن ما خصص لمحافظاتهم في الموازنة، حيث توعد مجلس محافظة البصرة برفع دعوى قضائية للطعن ببعض مواد الموازنة.
وجاء في بيان صادر عن مكتب المتحدث الرسمي في مجلس المحافظة تلقته "الصباح"، أن "تخصيصات البصرة التشغيلية والاستثمارية في قانون الموازنة أقل بكثير من استحقاقاتها المالية بموجب الدستور والقوانين النافذة، وهو ما يحتم على المحافظة رفع دعوى قضائية للمحكمة الاتحادية للطعن في بعض مواد قانون الموازنة"، مبيناً أن "أغلب مواد القانون وضعت بشكل عشوائي، وتفتقر لمعايير قابلة للقياس، لاسيما في مجال توزيع النفقات والدرجات الوظيفية، كما فيها تفضيل واضح وغير مبرر لبعض المحافظات والوزارات على حساب أخرى، مما يؤشر فوضوية وخللاً كبيراً في عمل الحكومة الاتحادية وسياقاتها المتبعة ممثلة بوزارتي المالية والتخطيط، وعدم جدية مجلس الوزراء في دراسة الخطة المعروضة عليه ومعالجة اخفاقاتها قبل الموافقة عليها وعرضها على مجلس النواب، مضافاً للفوضوية والمزاجية والمحاباة والتواطؤ وغياب آليات صحيحة للعمل في مجلس النواب، لا سيما اللجنة المالية من خلال حشو الموازنة بمواد ونصوص صاغتها المزاجية والاتفاقات البينية على حساب المصالح العامة للدولة، مع غياب الاحترام للنصوص الدستورية والقانونية النافذة عند مناقشة مشروع قانون الموازنة والمصادقة عليه".
ولفت البيان البصري، الى أن "مشروع قانون الموازنة المصادق عليه يفتقر الى الصياغة القانونية الواضحة والشفافة والدقة، مما سيؤدي قطعاً لإرباك في تفسير في بعض النصوص، وتعليق الكثير من النصوص في القوانين النافذة بحجة أن قانون الموازنة هو قانون حاكم على بقية القوانين، وهي حجة واهية، ولو صحت فهي مخالفة للسياسة العامة للدولة التي تضمنتها التشريعات النافذة"، مضيفاً أنه "من خلال قانون الموازنة يتضح أن السلطات الاتحادية فرضت نفسها وصياً على جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها، وهو ما يخالف الدستور الذي وزع الاختصاصات بين السلطات الاتحادية والمحلية، وحدد الصلاحيات في ما يتعلق برسم السياسات وتنفيذها وتوزيع الثروات ومعايير ذلك بشكل واضح، مضافاً لمخالفة تلك السلطات سياقات تعديل القوانين وإلغائها أو تعليق العمل بها، وهو ما يفقد جميع الجهات والمؤسسات الحكومية القدرة على إعداد خططها التنموية الستراتيجية والسنوية".
 
بين ذي قار وبابل
من جانبه، عدّ النائب الأول لمحافظ ذي قار عادل الدخيلي، أن موازنة تنمية الأقاليم 2019 لا تتناسب مع "محرومية" ذي قار، مشيراً الى أن آلية توزيعها بين المحافظات "غير عادلة أو منصفة".
وقال الدخيلي، في بيان تلقته "الصباح": إن "حصة محافظة ذي قار في موازنة تنمية الاقاليم لعام (2019) مجحفة ولا تتناسب مع حجم السكان، فضلاً عن أنها لم تراع حجم المحرومية التي تعاني المحافظة".
وأضاف، ان "الموازنة لم تنصف المحافظة كونها من المحافظات المنتجة للنفط"، مؤكداً "عدم رضا الحكومة المحلية عن الآلية التي تم اعتمادها لتوزيع الموازنة العامة بين المحافظات العراقية ".
النائب عن محافظة بابل منصور البعيجي، أكد أن المحافظة لم تنصف في موازنة العام الحالي وأن ما تم تخصيصه من أموال للمحافظة لا تكفيها ولا تسد حجم الانفاق فيها، مشيرا إلى أن "حصة الأسد" ذهبت الى إقليم كردستان.
وقال البعيجي في بيان تلقته "الصباح": إنه "بالرغم من المناشدات وتقديم الطلبات لإنصاف محافظة بابل من قبلنا كممثلين عن المحافظة إلا أنه مع الأسف الشديد لم تؤخذ بعين الاعتبار ما تعانيه بابل وتم تخصيص القليل من الأموال بالموازنة للمحافظة التي نعتبرها مظلومة".
وأضاف، أن "الموازنة تمت صياغتها بطريقة المحاباة فهناك محافظات أخذت أكثر من استحقاقها ومحافظات ظلمت بالموازنة ولم تعط نصف ما تستحق وهذا الأمر تتحمله اللجنة المالية والحكومة لأنها من أضاف وحذف وعدل بالموازنة"، مبيناً أن "إقليم كردستان أخذ اكثر من استحقاقه في موازنة العام الحالي وتم تضمين حقوق الاقليم مقابل تصدير 250 الف برميل والحكومة تعلم جيدا أن الاقليم لن يلتزم؛ بينما محافظة البصرة التي تعد رئة العراق ظلمت ولم تعط استحقاقها".
ودعا البعيجي إلى "مراعاة المحافظات التي تم تهميشها بالموازنة وتخصيص مبالغ مالية لها عن طريق تبويب أموال لها وانصافها، وألا يكون هناك ظلم أكبر يقع على محافظاتنا التي تعاني الاهمال والحكومة لا تحرك ساكنا بالرغم من مناشداتنا الكبيرة ولكن لا توجد آذان صاغية".
 
درجات ووظائف
إلى ذلك، أعلنت النائب عن محافظة نينوى ليال محمد علي، شمول 65 ألف شخص بالتعيينات الجديدة التي أقرها مجلس النواب.
وقالت النائب في بيان تلقته "الصباح" إن "التعيينات تشمل 31 ألف درجة في وزارة الكهرباء، وفي الصحة 17 ألف درجة، وفي الداخلية 5 آلاف درجة"، وأضافت أن "لوزارة الدفاع 5 آلاف درجة وجهاز مكافحة الإرهاب 3 آلاف درجة و وزارة التعليم العالي ألف درجة ووزارة المالية 500 درجة و هيئة الاعلام والاتصالات 300 درجة و شبكة الإعلام العراقي ومؤسسة السجناء والشهداء 100 درجة لكل منها".
من جانبه، أعلن النائب عن تحالف سائرون برهان المعموري، تصويت مجلس النواب على تثبيت 6500 منتسب من "سرايا السلام" في قاطع سامراء.
وقال المعموري في تصريح صحفي: إن "مجلس النواب صوّت على تثبيت 6500 منتسب من الحشد الشعبي في قاطع سامراء، على الملاك الدائم إكراماً لتضحياتهم، فالحشد الشعبي الذي قاتل الإرهاب يستحق تثمين جهوده"، وأشار الى أن "الدرجات 6500 المخصصة للحشد الشعبي ستكون من حصة قاطع سامراء وهو من مسؤولية سرايا السلام"، وأضاف أن "هناك 12 ألف منتسب منتشرون في قاطع سامراء، وتثبيت نصفهم هو جزء قليل 
من حقهم".
بدوره، كشف وزير الهجرة والمهجرون، نوفل بهاء موسى عن تخصيص مالي لكل أيزيدية ناجية من قبضة عصابات "داعش" الارهابية.
ونقل بيان لوزارة الهجرة تلقته "الصباح"، عن الوزير موسى قوله خلال زيارته قضاء تلكيف بمحافظة نينوى: أن "الايزيديات تعرضن الى مأساة وسنقف معهن"، وأضاف أن "كل أيزيدية ناجية لها ضمن الميزانية مبلغ مليوني دينار سيوزع بينهن".