نقل اللاجئين الروهينغا للمرة الثانية

بانوراما 2020/12/30
...

هانا بيتش
ترجمة: شيماء ميران
على الرغم من أن الخليج البنغالي لم يكن مأهولا بالسكان في العام الماضي، إذ قد تنغمر كتلة الطمي فيه بضربة إعصار واحد. لكن سبعة قوارب بحرية بنغلاديشية نقلت مطلع شهر كانون الاول الماضي أكثر من 1640 مسلمامن الروهينغا وأنزلتهم على الجزيرة المنخفضة لبهاسان شار، كجزء من مخطط الحكومة البنغلاديشية لتخفيف الازدحام في مخيمات اللاجئين التي يعيش فيها أكثر من مليون روهينجي منذ فرارهم من الاضطهاد الممنهج والعنف الذي تعرضوا له في ماينمار.
وكانت جماعات الحقوق قد شجبت إعادة التوطين هذه،مبينة أن الروهينجا يجبرون على الانتقال القسري للمرة الثانية. 
وقال الناشط في جنوب آسيا بمنظمة العفو الدولية (سعد حمادي) في تغريدة له: "إن نقل عدد كبير من لاجئي الروهينجا إلى جزيرة نائية، والتي لا تزال محظورة أمام الجميع بما فيهم جماعات الحقوق 
والصحفيين من دون موافقة مسبقة، تُثير مخاوف شديدة بشأن المراقبة المستقلة لحقوق الانسان"، تبعا لما يسببه البقاء على الجزيرة العائمة من مخاطر 
على الانسان.
وأوضحت منظمة العفو أنها قد تحدثت للعديد من الروهينغا الذين اضطروا إلى التسجيل على النقل، بدلا من رغبتهم الحقيقية في المغادرة.
وصرحت الحكومة البنغلاديشية أنها تخطط لنقل مئة ألف من الروهينغا إلى منطقة بهاسان شار، أي إلى (الجزيرة العائمة) البنغالية. 
ويبدو أن الكتلة اليابسة تشكلت بفعل الطمي خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وكان الهدف من التجريف الذي قامت به الشركة الصينية من بين أمور أخرى هو جعلها ملائمة للاستيطان ومنع ارتفاع المد من غمرها. 
وأوضح سكان مخيمات لاجئي الروهينغا المنتشرة بالقرب من الحدود البنغلاديشية مع ماينمار أن بعض السكان المتجهين إلى الجزيرة النائية قد أظهروا مشاعر مختلطة.
قال مدير المخيم (عبدالرحيم): "البعض يغادر بسعادة والآخرون يبكون".
وبيَّن مدير مخيم آخر أن إحدى الأسر من مخيمه كانت من بين اولئك المتوجهين إلى بهاسان شار مؤخرا: "يمكن أن أخبرك أنه لا أحد كان مجبرا على المغادرة، فهم يذهبون طواعية".
بينما قال آخرون إنهم لم يكن أمامهم خيار سوى الذهاب.
لقد أظهرت بنغلاديش كرما غير عادي في قبولها الكثير من اللاجئين النازحين من ماينمار، إذ واجهت أقلية الروهينغا حملة إبادة عسكرية من قبل سلطات ماينمار تمثلتبالإعدامات وحرق القرى وبتخطيط وتنفيذ وحشي، لدرجة وصفها موظفو الأمم المتحدة أنها كانت تُنفذ وفق مخططات الإبادة الجماعية.
 
خطة غير إنسانيَّة
وبينما أشتد تدفق الروهينغا عام 2017، استولتمستوطنات اللاجئين على الساحل القريب من مدينة كوكس بازار البنغلاديشية، وحلت المخيمات الواسعة محل البساتين والغابات.
لقد تسبب الاكتظاظ بفيضانات وانهيارات أرضية مُهلكة، فضلا عن هيجان الفيلة من حين لآخر، غافلين عن أن الممرات إلى النهر تمر اليوم عبر غطاء المدينة 
النباتي. 
كما اندلعت معارك مسلحة في المخيم بسبب صراع فصائل مختلفة على الموارد المحدودة.
ومع قلة الفرص الاقتصادية المتاحة،دفع الروهينغا أموالا لبعض المهربين المأجورين على أمل إرسال بناتهم لكي يصبحنعرائس صغار في ماليزيا عبر رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر، ما أدى إلى موت مئات الروهينجا طيلة السنوات السابقة.
خلال آيار الماضي، عاد مئات المسافرين على متن هذهالقواربالتي كانت عالقة في البحر إلى بنغلاديش، لأنها لم تكن قادرة على أن ترسو في ماليزيا. 
وكان يتم التخلص من الجثث برميها في لبحر، أما الناجون فكانوا يؤخذون إلى بهاسان شار وأرغموا على العيش هناك منذ ذلك الحين.
وأكد بعض اللاجئين المتوجهين مؤخرا إلى بهاسان شار في رحلة على قارب لمدة أكثر من ساعتين واجتذبتهم الوعود بالمنازل الكبيرة والمرافق الفاخرة.
وصرحت وزارة الخارجية البنغلاديشية قبل بضعة اسابيعبأن الحكومة أنفقت 350 مليون دولار من اجل تجهيز بهاسان شار"بوسائل راحة حديثة ومياه عذبة على مدار السنة، وبحيرة جميلة وبنية تحتية مناسبة"، مضيفة أن الأساسات الاسمنتية للمباني كانت قادرة على الصمود أمام الكوارث الطبيعية بشكل أفضل من الهياكل المؤقتة قرب مدينة كوكس بازار.
لكن اللاجئين الموجودين فعلا على الجزيرة وصفوا العيش في معسكرات مشتركة بأنها مساحة تتسع لهم فقط، مع شح المرافق الصحية وتهديد هبوب العواصف في بلد تضربه الأعاصير بانتظام.
ووصف كبير محامي منظمة اللاجئين الدولية (دانيال سوليفان) خطة نقل الروهينغا بأنها "قصيرة النظر وغير إنسانية".
والتمس ممثلو منظمات حقوق الإنسان الدولية ومن بينها منظمة اللاجئين الدولية وصول المساعدات الإنسانية من دون قيد إلى بهاسان شار، فضلا عنإتاحة الفرصة أمامالأمم المتحدة لإجراء تقييم كامل للمنطقة. لكن لم تتم الاستجابة للالتماس.