ماذا سيحدث في عامنا الجديد

ريبورتاج 2020/12/30
...


  سرور العلي 
 
كان الحاج إبراهيم حسين يقف أمام باب منزله في احدى المناطق الشعبية ببغداد، في حين راح ينفث دخان سيجارته بين تارة وأخرى، وهو يتحدث عن توقعاته لعام 2021، كان عدد من المسنين يصغون إليه بانتباه ويعلقون على كلامه، ويقول حسين بصوت جاد: "أعتقد أن العام المقبل سيكون أكثر فقراً وجوعاً من الأعوام السابقة".
فيرد عليه أحد الجالسين وهو ياسين حميد، قائلاً:" سيكون كل شيء بتدبير الله، فلا تتوقع المصائب".
وقالت خلود رزاق التي تعيش في بيت قديم:" أتمنى أن تكون السنة الجديدة أكثر هدوءاً، وذات اقتصاد مزدهر بعدما شهدنا تدهوراً في 2020".
 
شكوك
كان الغروب قد حل تقريبا في العاصمة بغداد والجو غائما، وفي أحد المقاهي المكتظة بالزبائن كان الحديث يدور بين الجالسين عن مختلف التوقعات، وبدا الكل داخل المقهى متشائمين فقال حسن موحان، 28 عاماً:" الوضع الصحي سيزداد انهياراً، لاسيما بعد أن ظهرت سلالات أخرى لفيروس كورونا".
و يقول مخلد علي، 26 عاماً،:"نأمل أن تكون الأوضاع أفضل من الأعوام الماضية، وأن تدار العملية السياسية من قبل أناس صادقين ووطنيين".
ومع استمرار الأحاديث، كان عامل المقهى الصبي مرتضى رحيم يتفقد طلبات الجميع، حاملاً كوبين من الشاي، ويبدو أنه كان منصتاً حين علق بابتسامة بريئة:" سنقضي على الوباء باذن الله". 
وعبر بعض العراقيين عن المرارة التي عاشوها في هذا العام من فقر مدقع، وتأخير في صرف رواتب الموظفين، وارتفاع الأسعار وفقدان أحبائهم بسبب جائحة كورونا، وعلى الرغم من مطالباتهم بأن يكون الوضع بمختلف المستويات أكثر اصلاحاً، يبقى آخرون يشعرون بالخوف والشكوك من الكوارث التي ستحل، والرهبة من توقعات العرافين والمنجمين التي ملأت منصات التواصل والصحف والفضائيات. 
 
تنبؤات 
وأشار الباحث الفلكي علي البكري الى أن " 2021 سنة الهيمنة الاقتصادية على العالم المقبل، عالم مرتبط بالتكنولوجيا الرقمية وشراسة المنافسين، وستسقط السياسة أمام غول الاقتصاد والمال، وتساقط رؤساء وزعماء واضمحلال دورهم، والشركات الكبرى ستقوم بما يلزم نيابة عنهم، وانهيار قيم الإنسانية مقابل المال، علينا أن نستعد لقيم جديدة لعالم تحكمه الكلفة الاقتصادية والمالية".
قراءة في زوايا الفلك لسنة 2021 
وأضاف البكري" كما عشنا منذ عام 2001، مع تداعيات أبراج التجارة الأميركية وما تلاها من حرب ضد الإرهاب إلى الآن لم تنته، سنعيش القصة نفسها مع حرب التكنولوجيا للسنوات المقبلة، ليس تشاؤماً بل لنستعد بالعلم والتمسك بالدين والإرث الثقافي، كي يمكننا المقاومة والبقاء، والله اعلم".
 
أمنيات
وقال سائق التاكسي رعد قاسم، 32 عاماً، الذي تخرج في كلية القانون قبل ثلاث سنوات، لينضم لطابور العاطلين عن العمل: "أطمح بأن تكون هناك فرص للشباب ومنحهم الثقة للمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية، فلدينا الكثير من الطاقات المركونة في زوايا النسيان والإهمال التي ستبني جيلاً واعداً".
التدريسي حسين علي الحمداني، أكد:" أن ما حدث عام ٢٠٢٠ من أحداث خارج التوقعات يجعل الكثير من الناس لا تتوقع ماذا سيحدث في عامنا الجديد، لكننا نجد أن عام 2021 لنا كعراقيين وتوقعاتنا له انه سيكون فعلاً عام التقشف بسبب موازنته التي تجعل الكثير منا يرفع شعار شد الأحزمة. 
أما من الناحية السياسية فيمكننا القول ان انتخابات 2021 لو تمت بشفافية عالية ومراقبة دولية من شأنها أن تفرز طبقة سياسية جديدة تقود البلد نحو الأفضل خاصة في المجال الاقتصادي". 
وعندما سألنا الطالبة الجامعية رواء مهدي عن توقعاتها، تساءلت بوجه عابس:" كانت سنة مليئة بالتوترات والحزن هل هذه هي البداية أو ماذا؟".
وبين الطبيب حسام داوود وهو يتوجه إلى عمله:"نحن حريصون على تقديم جميع الدعم والرعاية والاهتمام للمرضى، وسنصمد بوجه أي وباء قادم".
التربوي نجم العجيلي توقع أن:" يتحسن الوضع الاقتصادي بسبب الورقة البيضاء والخروج من الأزمة، وان هناك دعماً عربياً وتحسناً في الكهرباء وارتفاعاً متذبذباً في أسعار النفط لصالح العراق، أما صحياً فسيدخل الفيروس الجديد وتغلق دوائر عديدة ومنها، المدارس وقد يحد اللقاح من الإصابات مع زيادة الخبرة الصحية وتوفر الإمكانات بعد الموجة الأولى، والمدارس تبقى عرجاء والقرارات لصالح الطلبة الذين لم يأخذوا نصف المعلومات ولكن سيتجاوزون المرحلة وستغرق مناطق بسبب الأمطار وفي كل الأحوال، أعوام العراق قدرها مكتوب".
 
تفاؤل
د. فلاح حاجم أوضح: "ربما يكون من باب التفاؤل المفرط وغير المبرر القول بأن حال العراق سيكون أفضل في العام المقبل 2021، وذلك لغياب الحد الأدنى من مؤشرات التفاؤل، فالواقع يشير إلى غياب أي أفق للإصلاح الذي يعتبر بطبيعة الحال، المفتاح لحل المعضلات الأخرى التي يقف في مقدمتها الملف الاقتصادي، وهو الأساس الذي لا غنى عنه لمعالجة الأمراض المزمنة التي خلفتها سنوات طويلة من حكم الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة، ان دراسة بسيطة للوضع العراقي الداخلي الراهن تُبين بشكل لا جدال فيه تطور الأحداث نحو الصراعات، يضاف إلى ذلك الوضع الاقتصادي والمالي الذي يقذف باعداد إضافية من المواطنين إلى دون مستوى خط الفقر، الأمر الذي سيرفد حركة الاحتجاج الجماهيري، تلك الحركة التي أتوقع تحولها خلال العام المقبل إلى أساليب أكثر تنظيماً وتنوعاً، تدفعني لهذا الاستنتاج المتشائم دراسة منهجية وأكاديمية لنماذج تاريخية كثيرة انتهت لحروب أهلية، أتمنى أن يتغلب العقل للحيلولة دون وقوعها، لأنها ستأتي على الأخضر واليابس وتهدد وجود الدولة ذاتها".
أما د. نجاح هادي كبة فلفت إلى: "أنه بعد إطلالة العام ٢٠٢١ علينا البحث عن سعادتنا التي لا تكون إلا بالعلاقة مع الآخر وحبه ومشاركته مسراته، وفي التعاون والنصيحة والمحبة، والنظر للآخرين كما ننظر إلى أنفسنا ولا يعني ذلك أن نكون مثاليين، لكن إرضاءً لفطرة الضمير وغريزة لحب البقاء، فالإنسان حيوان اجتماعي كما قال أرسطو طاليس وان الروح الإنسانية هي لبنة لبناء المجتمع، فحين نتعامل بها مع الآخر ستسود الألفة بين أفراده، وتتحقق سعادتهم ويتقدم الوطن".