{المثنى}.. أوجاع 2020 والحلم بغدٍ سعيد

ريبورتاج 2021/01/04
...

   السماوة : احمد الفرطوسي
الكلمة الاكثر تداولا على الالسن خلال العام هي التي رسمت خارطة الحدث وما مرَّ من تغييرات، "كورونا" بكل ما فيها من تحولات، وما افرزته من تغييرات، كانت المتسيّدة على الحدث في الكوكب بشكل عام وفي العراق والمثنى بشكل خاص، دخلت من الباب الضيق في بداية العام ويستعصي اخراجها من اوسع الحدود، والذي يقول انها الحدث الابرز في القرن الحالي، لن يبتعد كثيراً عن رؤية الحال والمنطق، كورونا، الجائحة قالت كلمتها في المثنى وبدأت العام وختمت الاحداث، اصابات المعلن منها تجاوز 12 الفاً ووفيات تقترب من 250 شخصاً، نتيجة مضاعفات (كوفيد – 19)، بينما كان الحراك الشعبي والامتداد الزمني لاحتجاجات تشرين من العام الماضي قد عطلا جانباً من مرافق الحياة، واغلقت غالبية المدارس لأكثر من شهرين وهو ما لم تفعله حتى حرب اسقاط النظام المباد في العام 2003، فالمثنى باهلها كانت عبر التاريخ حريصة على انتظام الدوام ولحمتها الوطنية والمجتمعية.

الاكتفاء 
بداية العام كانت من تظاهرة نظمها ناشطون وابناء عشائر دعوا فيها للحمة الوطنية والمجتمعية، ونددوا بما اسموه سياسة خلط الاوراق ومحاولة الاساءة الى الحشد الشعبي، دعوات تكررت خلال احياء المثنى لعيدي تأسيس الجيش العراقي والشرطة العراقية، شهر كانون الثاني كان اقتصادياً بامتياز ايضا، ففيه تم التشغيل التجريبي لمحطة كهرباء السماوة الجديدة ذات الـ750 ميغاواط والاعلان عن احالة مشاريع بمئة مليار دينار، والاعلان ايضا عن الاكتفاء من منتجات زراعية عدة، وختام الشهر كان في انجاز خطة تطوير مصفى السماوة، اما سياسيا فإن حصول تفاهمات مع قادة احتجاجات تشرين اعاد ايقاع الحياة الى ما كانت عليه، اذ فتحت المدارس والمؤسسات الحكومية ابوابها بانتظام كامل في نهاية هذا الشهر.
 
الحوكمة الالكترونية 
شهر شباط لم يختلف كثيراً عن سابقه، اعداد الاصابات بالجائحة بدأت تتصاعد في البلاد والمخاوف لدى السكان كانت في اشدها، خاصة ان الجهات الصحية لم تمتلك رؤية كاملة عن طبيعة الوباء مع وجود ضخ اعلامي غير مسبوق، زاد من الارباك والحيرة والتخبط في الاجراءات والتحضيرات والقرارات، الشهر كان حافلا بالمبادرات المجتمعية الانسانية والتي تولت جمع التبرعات والتحشيد لعلاج الحالات المرضية المختلفة، بينما اعلنت مؤسسات حكومية عن النية لاستخدام الحوكمة الالكترونية في انجاز معاملات المواطنين، كان الحريق الذي التهم طابقين في مستشفى الحسين التعليمي في مدينة السماوة الحدث الابرز والذي جاء في وقت دقيق ترافق مع المخاوف من زيادة الاصابات بجائحة كورونا، اما على المستوى الاقتصادي فإن ختام موسم تسويق الشلب بزيادة في الكميات المنتجة عن المواسم السابقة والاجراءات الحكومية لضبط المتلاعبين بأسعار العملة الصعبة وحمى التسوق التي اثارتها انباء وصول الجائحة الى المحافظة، كانت في قائمة الابرز.
 
غلق اقتصادي
اما آذار فقد كان شهر التعفير والتطهير وفعاليات التوعية الصحية ضد جائحة كورونا، فالارقام المعلنة عن تزايد الاصابات في محافظات عدة اثارت موجة من ردود الافعال الحكومية والشعبية والمجتمعية، ردود افعال اختلطت بين استجابة لما تنادي به خلية الازمة وبين ما يطالب به الاطباء وما يدعو للالتزام به رجال الدين وناشطون، تجربة كانت الاولى في تاريخ المثنى، وموعد الرابع عشر من آذار لن ينسى، لقد تم فيه الاعلان عن اجراءات الحظر والغلق الاقتصادي التام، وبين التزام وعدم التزام تعامل السكان مع اجراءات الحظر والقطع المناطقي التام، ولأول مرة يمتنع السماويون عن اقامة مجالس العزاء والمناسبات الاجتماعية، ولأول مرة يمتنعون عن طريقتهم المتعارف عليها في تبادل التحية والسلام، فلا مصافحة ولا تقبيل ولا ابتسامات ظاهرة من خلف الكمامات، لقد بدأت المواجهة المباشرة بين الجيش الابيض واولى الحالات التي اعلن عن اصابتها بالفيروس .
 
رمضان
نيسان لم يحمل معه كامل اخبار الربيع، فمخاوف انتشار الاصابات باتت حقيقة ماثلة امام انفتاح عرى الحظر الصحي الوقائي وكثرة الاستثناءات من الحظر، الحدث الابرز كان اغلاق قضاء الهلال بالكامل والشروع بعمليات تعفير وتوزيع للمساعدات الغذائية، مخزون المنظمات المجتمعية من المساعدات بدأ بالانحسار بعد حملتها في شهر آذار، بينما استمرت العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية ومكتب السيد السيستاني في توزيع المساعدات الرمضانية وتمويل عمليات التوسعة على القدرات السريرية للمشافي في المحافظة، الاخبار الجيدة جاءت في مغادرة ثلاثين مصابا من الحجر الصحي بعد اكتسابهم الشفاء التام، حدث رجح كفة التفاؤل في مواجهة الفيروس الذي اثار كماً غير مبرر من المخاوف بين السكان، الحكومة المحلية وجدت نفسها مجبرة على مراجعة اجراءات الحظر ومنح المزيد من الاستثناءات، خوفا من انفلات عرى السيطرة خاصة بعد الضرر الذي لحق بمختلف الاعمال والمهن، مبادرة استشر طبيبك عبر الفيسبوك، كانت تحولا مهما في الخدمات الطبية والعلاجية ومثلها المنصات الالكترونية والتعليمية، بينما الاعلان عن ارقام واعدة في كميات محصولي الحنطة والشعير المسوقة هو التطور الاقتصادي اللافت.
شهر رمضان كان مختلفا هذا العام، لياليه لا تشبه الليالي واماسيه لا تشبه الاماسي، فالتباعد الاجتماعي هو الذي فرض حضوره في شهر ايار بعد الزيادة في اعداد الاصابات بالجائحة.
 
ثورة العشرين 
اما حزيران  فلم يختلف عن سابقه كثيراً، إلا من حيث عدد الاصابات المسجلة، لكن الجديد فيه هو ان دائرة صحة المثنى انتقلت من انتظار عمليات الفحص في المراكز المختبرية الى تسيير فرق رصد وبائي في القرى والارياف والمؤسسات العامة، الطاقة الكهربائية عادت للتذبذب مع ارتفاع درجات الحرارة، وارقام تسويق الحبوب تجاوزت للمرة الاولى حاجز السبعين الف طن، الفيروس نجح في حصد ضحيته الخامسة والعشرين من ابناء المثنى وهو ما اسهم ولأول مرة منذ تسعين عاما في تأجيل الفعاليات السنوية بإحياء ثورة العشرين التي شكلت بداية لتأسيس الدولة العراقية الحديثة.
 
محرم
شهر آب بمعدلات النقص في تزويد الطاقة الكهربائية سجل اعداداً متزايدة من الاصابات بالجائحة، شحة كانت هي والاكبر في الاوكسجين، ما دفع الى اجراءات استثنائية من قبل خلية الازمة، بينما فعاليات احياء شعائر محرم الحرام وذكرى استشهاد الامام الحسين ع واصحابه فرضت المزيد من حملات التعفير والتطهير والتوعية الوقائية، الحياة عادت الى طبيعتها وزادت عمليات اكتظاظ الاسواق بالمتبضعين والمركبات، اما التوجه الحكومي فقد تم تكريسه للإفادة من التعاملات الالكترونية في تقديم خدماتها.
ومع توافر الكمامات وانخفاض اسعارها غابت وبشكل شبه كامل من الاماكن العامة حالات الالتزام بارتدائها في شهر تشرين الاول، السماويون شاركوا بمسيرة هي الاكبر لإحياء زيارة اربعينية الامام الحسين "ع"، وتظاهرات صغيرة تخرج بين فترة واخرى للتأكيد على مطالب احتجاجات تشرين بمناسبة الذكرى السنوية الاولى لها، وعلى الصعيد الاقتصادي تعلن هيئة الاستثمار عن وصول انتاج المثنى من السمنت الى ستة ملايين طن سنويا مع خطة لإنتاج 15 مليون طن بحلول العام 2022 وهو ما يؤهلها لتكون عاصمة السمنت العراقية، نجاحات استثمارية فتحت شهية شركات استثمارية كثيرة تقدمت للحصول على رخص استثمارية في قطاعات الزراعة والصناعة والترفيه والسياحة، في وقت استؤنفت فيه عمليات فتح الاماكن العامة والمتنزهات والملاعب وعاد فريق السماوة بكرة القدم لمزاولة تدريباته الجماعية، وختام الشهر كان في الاعلان عن استكمال برنامج التوعية الصحية الذي تقوده المنظمة الدولية حول التعريف بالأمراض السرطانية، وقبل ذلك زار وزير الثقافة الدكتور حسن ناظم عددا من المواقع الاثرية في المحافظة وتفقد متحف مدينة السماوة.
 
عودة
شهر تشرين الثاني شهد عودة انتظام الدوام الرسمي في المدارس ووفقا لآلية التعليم المدمج، اذ التحق مئتان وسبعون الف تلميذ وطالب بمدارسهم وفتحت 700 مدرسة ابوابها بعد حملة تعفير نفذتها فرق الدفاع المدني والحشد الشعبي وناشطون مجتمعيون، وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني زار المدينة ايضا للاطلاع على مراحل انجاز مشروع التعزيز الاروائي والذي يغذي شط الرميثة من ذنائب انهر الفرات الاوسط  وهي الزيارة التي تكررت قبل ايام للاطلاع ايضا على مراحل العمل في مشروع ماء المثنى الكبير، تأخر صرف رواتب الموظفين احدث ارباكا في السوق المحلية وحياة الاهالي، بينما كان تفجير انبوب الغاز الستراتيجي والذي ادى لحصول  ضحايا بين المدنيين من بين الاحداث الاكثر اثارة للجدل والتساؤل حول اهمية عودة المحرمات والموانع حول المنشآت النفطية، الثلث الاخير من الشهر شهد رحيل الشاعر الشعبي الكبير والمتواري في الصحراء لأربعة عقود محسن الخياط، اذ شيع في دروب مدينة السماوة التي طالما تغنى بها في قصائده، وهو القامة الشعرية الاكثر فرادة في تاريخ الشعر الشعبي العراقي.
 
ختام العام
العام في شهره الاخير، كانت احداثه مثار جدل والبعض منها تحول الى حوارات تندر وفكاهة على مواقع التواصل الاجتماعي، انه العام الاصعب الذي واجهه العراقيون والسماويون منذ عقدين، بشائر الانخفاض في اعداد الاصابات والزيادة في اعداد المتعافين رافقت هذا الشهر وكأنها الايذان بنهاية لازمة كورونا المتفردة وحضور انباء عن قرب وصول اللقاحات وبداية عمليات التلقيح في دول عدة من العالم اثار ارتياح الاهالي الذين فقدوا 235 شخصاً بسبب الجائحة، كان من بينهم اطباء ومهندسون وشيوخ عشائر ووجهاء وابطال من الجيش الابيض، وعلى امل استمرار الحياة بوتيرة متصاعدة عادت الجامعات لاستقبال طلبتها وفقاً لآلية استثنائية، بينما الايام الاخيرة من العام تشهد التزاماً بواحد في المئة فقط بالإجراءات الصحية الوقائية، وتعليقا على انخفاض اعداد الاصابات الجديدة يقول الجميع، انه عام مناعة القطيع.