شارع المعز لدين الله الفاطمي في القاهرة ..متعة السائح العراقي بعبق التاريخ الإسلامي

ريبورتاج 2021/01/11
...


  القاهرة : اسراء خليفة   
 
تمتلك القاهرة حضارة كبيرة فرعونية وقبطية واسلامية ويعتبر شارع المعز لدين الله الفاطمي اهم متحف اسلامي لا يزال يجذب السائحين من جميع الدول، خاصة العراقيين الذين تستهويهم معرفة تاريخ الشارع وامتداده الطويل، اذ انه مرتبط بالدولة الفاطمية القريبة على المواطن العراقي وهذه الدولة التي كانت تحكم مصر لسنوات طويلة على المذهب الفاطمي نسبة الى (فاطمة الزهراء) عليها السلام. تجولنا في بداية الشارع الذي يحكي قصة الف عام من القوة والضعف والسيطرة والاحتلال وهو متحف مفتوح لكل الزائرين.


"انت عمري"
جلسنا في بداية الشارع بمقهى جميل فيه مطربون شعبيون يترنمون بآلاتهم الموسيقية وصوتهم العذب وهم يغنون " انت عمري " لام كلثوم، وفي وسط المقهى هناك مجموعة سائحين عراقيين، اقتربت منهم وسألت ابا علي المطلبي، فقد جاء لمصر كسائح مع اسرته منذ خمسة ايام، ماذا يعني لك شارع المعز لدين الله الفاطمي قال: "عندما جئت لمصر للسياحة بحثت عن اهم المعالم التي سازورها في القاهرة، وكان شارع المعز هو اهم هذه المناطق التي نصحني بها اي عراقي زار المكان، لذلك انا اسهر كل يوم هنا، وتجولت في كل مكان في الشارع، مثل جامع الاقمر، ومقر الخلافة الفاطمية، وبعض المقاهي الجميلة، وتبضعت من بعض الصناعات اليدوية التي تصنع هنا، مثل الملابس الخاصة بالدولة الفاطمية، وعدد من البرديات المنقوشة، ويقام نقشها باليد، والنحاس الذي تتميز فيه المصانع هنا، واعتقد انني اكتشفت هذا الشارع، وسانصح اي زائر عراقي للمجيء هنا".
السائحة سلمى محمد عبد الهادي، وهي طالبة سياحة وفنادق في بغداد، قالت: "لقد درست الدولة الفاطمية، وتاريخ مصر الحضاري بصورة عامة، واصريت على اسرتي أن نأتي لمصر لزيارة عدد من المناطق ذات التاريخ العريق، والذي يشبه كثيرا التاريخ الاسلامي في العراق".
العاصمة الإدارية
الدكتور محمد دياب استاذ التاريخ الاسلامي قال لنا: "ان شارع المعز لدين الله الفاطمي عبارة عن العاصمة الادارية للدولة الفاطمية، وتوجد فيه ابنية كثيرة ترمز الى الحضارة الاسلامية، وقد امتدت الى العصر المملوكي، اذ أنشؤوا المساجد المهمة، اضافة الى تطوير القصر الفاطمي الكبير والصغير وعلى جانبه الجامع الكبير، ويعتبره الكثير من الاثاريين انموذجاً لتاريخ مصر المعماري". 
 
 
الشارع الأعظم
اما د. ياسر عبيدو عضو اللجنة الاعلامية في وزارة السياحة المصرية فقال: "ان شارع المعز هو ليس اثراً اسلامياً فقط، بل فيه عدد من الصناعات المصرية المهمة، اضافة الى مساجده وآثاره، وعندما تدخله تشم عبق التاريخ وحلاوته المعمارية، وقد اطلق على هذا الشارع اسم الشارع الأعظم أو قصبة القاهرة، وهو شارع يمثل قلب مدينة القاهرة القديمة والذي تم تطويره لكي يكون متحفاً مفتوحاً للعمارة والآثار الإسلامية".
و انشئت مدينة القاهرة خلال عهد الدولة الفاطمية في مصر، فكان تخطيط المدينة يخترقه شارع رئيس يمتد من باب زويلة جنوباً وحتى باب الفتوح شمالاً في موازاة الخليج، وأطلق عليه الشارع الأعظم وفي مرحلة لاحقة قصبة القاهرة، وقسم المدينة قسمين شبه متساويين وكان المركز السياسي والروحي للمدينة، ومع التحول الذي عرفته القاهرة أوائل القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي خلال عهد الدولة المملوكية مع بدء هجوم التتر على المشرق والعراق، نزح كثير من المشارقة إلى مصر، فعمرت الأماكن خارج أسوار القاهرة، وأحاطت الأحياء الناشئة بسور القاهرة الفاطمي، وزخر الشارع الأعظم بسلسلة من المنشآت الدينية والتعليمية والطبية والتجارية والسكنية، اذ أصبح القسم الأكبر من الآثار الإسلامية لمصر متركزاً داخل حدود القاهرة المملوكية، وتجمعت الأنشطة الاقتصادية في هذا العصر حول الشارع الأعظم وعلى امتداده خارج باب زويلة تجاه الصليبة والقلعة، وامتدت قصبة القاهرة خارج أسوارها الفاطمية من أول الحسينية شمالاً خارج باب الفتوح وحتى المشهد النفيسي جنوباً خارج باب زويل.