حياة من دون انترنت.. كيف سيكون طعمها

ريبورتاج 2021/01/11
...

  سرور العلي 
 
على الرغم من الميزات الكثيرة التي أنتجتها التكنولوجيا ومنها، وسائل التواصل الاجتماعي ولكن هل تخيل أحدنا يوماً حياتنا من دون تلك التقنيات؟ أو هل عاد بنا الحنين للماضي وللتواصل المتعارف عليه، بعيداً عن العالم الافتراضي؟
تساؤلات عديدة تدور في أذهاننا أحياناً وإجاباتها تختلف من شخص لآخر، إذ يقول الطالب الجامعي حسين عباس:"جعلت هذه الوسائل كل فرد من المجتمع يعيش في عزلة تامة، ما سبب له اضطرابات نفسية وسلوكية واختلال في العواطف، وتتغير أفكاره بانجرافه وراء آراء كثيرة ومشتتة هنا وهناك، وبالتالي يصاب بالإدمان ولو ابتعد عنها سيصيبه الاكتئاب والملل والشعور بالفراغ والنقص، وكان بإمكانه قضاء وقته بقراءة كتاب مفيد أو رواية جميلة أو ممارسة الرياضة لتتكون لديه ثقافة وخبرة، بدلا من العشوائيات".
 
مضار ومنافع
الموظف علي مجيد (42) عاماً، يرى:"أن الكفاءة والإنتاجية في العمل سترتفعان مع اختفاء هذه الوسائل كونها تشتت الانتباه وتمنع التركيز، والابتعاد عنها يجعلنا أكثر استمتاعاً بالحياة ونعود للتعرف على بعضنا البعض مثلما كنا نفعل قديماً بالتواصل الإنساني المباشر، والتخلص من الإساءة والتنمر والتشهير الذي يقوم به البعض للإطاحة بالآخرين، وان ظهور كثير من الناس بأسماء مستعارة جعلهم يتعاملون بوقاحة ودونية".
أما الشابة ضحى حسن التي تمتلك حساباً تجارياً على هذه المنصات، فعبرت عن رأيها قائلة:"لم أتخيل حياتي كيف ستكون من دونها، إذ وفرت مصدر دخل لي بعد تخرجي في كلية الفنون الجميلة، اذ لم احصل على وظيفة، فكرست موهبتي في صناعة الدمى وبيعها للهواة".
الحاج صالح إسماعيل أكد:"هذه الأيام الأخبار معظمها عاجلة وتنشر من دون جهد، وتكون أغلبها غير دقيقة ولا تحمل مصدراً صحيحاً، ولو اختفت هذه الوسائل ستقل الأخبار المزيفة وتزداد القراءة للمجلات والجرائد".
 
العودة للماضي 
ويشارك العديد من الأشخاص من حين لآخر صوراً للحياة قبل الإنترنت ومنها، مشاهد تجمع أفراد أسرة حول مائدة طعام، أو يجلسون قرب موقد ويتبادلون الأحاديث وبذلك يشيرون إلى أن تلك الحميمية، فقدوها في العصر الحالي.
د. فلاح حاجم، تساءل:" ماذا لو لم تكن هناك وسائل تواصل اجتماعي؟ 
سؤال افتراضي، أعادني التأمل في مضمونه العميق والبحث عن جواب له  إلى عصور غابرة، فتحدثنا كُتبُ الأولين أن الإنسان كان خلالها في رحلة بحث طويلة ودائمة عن شبيه له، يلوذ به طلبا للحماية من أهوال الطبيعة الهوجاء وهربا من حيواناتها المفترسة، وطالما ترددت على لسان أهلنا السابقين والمعاصرين أسئلة على شاكلة (ماذا لو لم يكن هنالك بخار لتحريك آلة الغزل، ودفع العجلة ودوران عجلات القطار..؟. وماذا لو لم تكن هنالك كهرباء لإضاءة ليلنا الدامس ...وماذا وماذا؟)، الشيء الذي لا جدال فيه هو أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت حاضرة على الدوام، غير أن مدياتها وسرعة تفعيلها قد اختلفت من حين لآخر، فبين الجِمال والباخرة الشراعية والبرق والتلغراف والتليفون والطائرة، والمركبة الفضائية والفيسبوك والماسنجر وغيرها تمتد سلسلة طويلة من حلقات الجهد الإنساني الخلاق المعمد بالعرق الآدمي والدم أيضا، ولن تكون لهذا الجهد نهاية". 
وأشار حاجم إلى"أن من بين قوانين الصراع التي يدرسها علم الفلسفة قانون مفاده أن التراكم الكمي يؤدي إلى تطور نوعي، وهو يفعل فعله في الطبيعة مثلما هو في المجتمع، ولا يخرج عن هذا الإطار ما وصلت اليه وسائل التواصل الاجتماعي، التي هي نتاج لما يسمى مفهوم الطفرة، إذ وجد العالم نفسه في لحظة زمنية حاسمة في واقع جعله أشبه ما يكون بالقرية الصغيرة، ومع ذلك لو لم تكن هذه الوسائل لكانت (مصايفنا) ودواويننا عامرة ومنتدياتنا زاخرة ومقاهينا كما هي دائما مزدحمة، ولكانت صحافتنا الورقية تتجول بيننا، وتطرق بيوتنا كل صباح".
 
تطور 
علاء اياد (35) عاماً، لفت الى"أن استخدام منصات التواصل من أجل التنفيس عما بداخلنا، وكان الناس يستغرقون وقتاً طويلاً في الكتابة وفي الإيصال، أما اليوم نستطيع إرسالها بكبسة زر، كما أتيحت لنا اليوم رؤية كل البرامج والمسلسلات على الإنترنت في أي وقت وهو عكس ما كان في الماضي، وفي السفر كان الأمر يستغرق وقتا طويلا أيضا، أما الآن يمكننا الإطلاع على المدن وشوارعها وفنادقها بكل سهولة".
تتوفر معظم المنتجات والأغذية عبر الإنترنت ومن دونه ستتوقف أو تأخذ مدة أطول، وان معظم الحسابات في البنوك تعتمد بشكل كبير على شبكات الإنترنت وبالتالي ستختفي مع اختفائه، بالإضافة إلى توقف عمل معظم الشركات كونها تعتمد على آلاف الموظفين عبر شبكات التواصل وفي حال توقفها ستزداد البطالة، وحجز مواعيد الرحلات الجوية يكون عبر تقنيات الإنترنت، وستتوقف الألعاب الالكترونية المسلية وتطبيقات الأغاني والأفلام والتواصل مع الأصدقاء، كما ويعتمد كثيرون على التسوق من خلال المتاجر المتوفرة في الإنترنت لذا ستخسر لو توقف.
التربوية شيماء أحمد أوضحت:"يصاب الكثير من مدمني هذه المنصات بالاكتئاب، وإهدار وقتهم بأشياء لا فائدة منها، وبالنسبة للأطفال فان هذه الوسائل تجعلهم يتأخرون في الدراسة، ويصابون بالأرق والتوحد".