كوريا الشمالية هزمت أميركا ببعض معارك الحرب الكورية

بانوراما 2021/01/13
...

مايكل بيك
ترجمة: خالد قاسم
عندما كانت الحرب الكورية مندلعة في مطلع خمسينيات القرن الماضي، كادت قوات كوريا الشمالية أن تسيطر على شبه الجزيرة الكورية بأكملها، لكن تعزيزات اللحظة الأخيرة والستراتيجية الضعيفة لبيونغ يانغ تسببتا بقلب النتائج.
ففي تموز 1950 هزمت قوات كوريا الشمالية الجيش الأميركي، ولم يكن من المفترض حصول ذلك، لأن الأميركيين آنذاك كانوا لا يزالون يتذوقون نشوة النصر المطلق في الحرب العالمية الثانية. 
تزامن ذلك مع التهديد السوفيتي واتساع الكتلة الشيوعية بعد إضافة الصين عام 1949، لكن الولايات المتحدة امتلكت القنبلة النووية وطائرات بي 29 الناقلة للقنبلة وأقوى قوة بحرية عالميا. 
وشعر الجميع أن الحرب المقبلة ستكون نووية تشنها القوتان الجوية والبحرية الأميركية مع تقليص حجم القوات البرية.
لم يرغب الشعب الأميركي بحرب تقليدية كبيرة ومكلفة بسبب توقه الى حياة طبيعية بعد سنوات من الحرب الشاملة التي استنزفته. لذلك جرى تقليص ميزانية جيش نهاية الأربعينيات وتقليص تدريب الإطلاق الحي والتدريبات الأساسية الى ثمانية أسابيع فقط (مقارنة مع عشرة أسابيع أو أكثر حاليا). وتأثر بتلك القرارات على وجه الخصوص الجيش الأميركي المحتل لليابان والذي تمتع بمهمة سهلة وهي مراقبة الشعب الياباني المسالم.
لسوء الحظ اختفت تلك السهولة تجاه 75 ألف جندي كوري شمالي اجتازوا الحدود يوم 25 حزيران 1950.
وامتلك الكثيرون منهم خبرة كبيرة لأنهم قاتلوا مع الزعيم الشيوعي الصيني “ماو تسي تونغ” في الحرب الأهلية الصينية، وتجهيزهم جيد بدبابات ومدفعية روسية الصنع اضافة الى طائرات مقاتلة وقاذفة منحت كوريا الشمالية السيطرة مبدئيا على 
الجو.
بدأت أميركا بإرسال قواتها لحماية كوريا الجنوبية من غزو جنود كيم إيل سونغ، مدعومة بتفويض الأمم المتحدة لاستخدام القوة (سهّل ذلك حماقة المبعوث السوفيتي الذي قاطع التصويت). القوات الأميركية المحتلة لليابان هي أول من وصل جوا وهبطت يوم 1 تموز بقيادة المقدم تشارلز سميث وتمركزت حول سريتين قتاليتين. اقتصر حجم تلك القوة على 400 مقاتل، اضافة الى مدافع هاون قليلة بدون دبابات ولا دعم جوي قريب واتصالات ضعيفة. 
استعداد ضعيف
أرسلت القوة شمالا لايقاف تقدم قوات كوريا الشمالية واستقرت قرب بلدة أوسان. وما حدث لاحقا بدا حتميا بالإدراك المتأخر، فمدافع الهاون الأميركية لها قذائف قليلة مضادة للدبابات وقليلة جدا لمنع دبابات العدو من تجاوز المواقع الأميركية، وكان من المفترض صد هجوم الدبابات بقذائف البازوكا لكنها عجزت عن اختراق درع العجلات سوفيتية الصنع.
في الوقت نفسه، واجهت القوة الأميركية تطويق مشاة كوريا الشمالية مما دفع قائد القوة لإصدار قرار الانسحاب. خسر الأميركيون نحو 80 مقاتلا بين قتيل وجريح، والعدد نفسه من الأسرى أي نصف عدد القوة تقريبا. وبلغت خسائر كوريا الشمالية 130 قتيلا وجريحا، اضافة لأربع دبابات دمرت أو تعطلت. 
أدت التضحيات الأميركية لتأخير التقدم الكوري الشمالي لكن لساعات قليلة فقط. ونجح الجيش الأميركي قبل ذلك بست سنوات بإيقاف فرق بانزر المدرعة الألمانية في معركة الثغرة، لكنه عانى في تموز 1950 بسبب سرعة العدو.
لم تكن المعركة كارثة كبيرة بالنظرة الشاملة للأمور، وعدد ضحاياها مجرد قطرة مقارنة مع 54 ألف قتيل أميركي في تلك الحرب. 
هرب الجنود الأميركيون من ساحة القتال، لكنهم هربوا أيضا في الحرب الأهلية الأميركية ومعارك تونس ضمن الحرب العالمية الثانية. 
ولم تكن المرة الأولى التي تتذوق فيها القوات الأميركية الذل على أيدي قوات آسيوية “أدنى مرتبة منها” ويشهد على ذلك الناجون من بيرل هاربر، وبعد شهرين على ذلك تفكك جيش كوريا الشمالية بعد وصول ماك آرثر الى “إنشون”.
الدرس الحقيقي المستقى من تلك الحرب هو ماذا يحدث عندما يلتزم الجيش الأميركي بنزاع مختلف كليا عما استعد له. وهي قضية لا تزال حاضرة، اذ تفكر واشنطن بسياستها في عالم الصين القوية وعودة نفوذ روسيا وانتشار خراب الارهابيين وتسليحهم القوي. 
 
موقع ناشينال