العراق يكافح لسداد ديونه وتوفير رواتب موظفيه

بانوراما 2021/01/16
...

جين آراف 
ترجمة: حيدر ضياء الدين
في سوق الجملة في جميلة، بالقرب من مدينة الصدر المترامي الأطراف في بغداد، يجلس التاجر حسن الموزاني محاطا بأكوام ضخمة من أكياس الدقيق غير المباعة.
الموزاني تاجر في سوق جميلة يبلغ من العمر 56 عاماً ، يستورد الدقيق من تركيا بعملة الدولار، حتى وقت قريب كان يبيع الكيس الواحد مقابل 22 دولاراً لكنه قام برفع السعر إلى 30 دولاراً بعد قرار تخفيض العملة.قال: “انا ابيع عادة نحو 700 الى 1000 طن شهريا”، لكن منذ أن بدأت الأزمة، قمنا ببيع 170 الى 200 طن فقط”.
وتعد مشكلة الموزاني مؤشراً على ما يقوله الاقتصاديون من أنه أكبر تهديد مالي يواجه العراق منذ العهد السابق، فالبلد تنفد منه الأموال بسبب دفع فواتيره، ما أدى إلى خلق أزمة مالية أطاحت بالحكومة قبل عام، بعد احتجاجات حاشدة ضد الفساد والبطالة.
يشار الى أن تضرر اقتصاد العراق بسبب وباء كورونا والذي تزامن مع انخفاض أسعار النفط والغاز، التي تمثل 90 بالمئة من إيرادات الحكومة، قاد الى عدم تمكن الحكومة من دفع رواتب موظفيها لعدة اشهر.
في الشهر الماضي، خفض العراق قيمة عملته لأول مرة منذ عقود، ما ادى على الفور الى ارتفاع الأسعار على جميع السلع تقريبا، في بلد يعتمد بشدة على الاستيراد، كما قطعت إيران مؤخرا إمدادات العراق من الكهرباء والغاز الطبيعي، نتيجة لعدم سداد ديون الطاقة التي بذمة العراق، ما تسبب بترك أجزاء كبيرة من البلاد غارقة في الظلام لعدة ساعات خلال اليوم 
الواحد.
من جانبه كشف المصرفي الاستثماري وزميل أول في معهد الدراسات الإقليمية والدولية ومقره العراق أحمد الطبقجلي ان” النفقات أعلى بكثير من دخل العراق، وهذا أمر مروع”.
ويخشى الكثير من العراقيين تعرض العملة الى المزيد من التخفيضات في المستقبل، على الرغم من نفي الحكومة ذلك.
في زقاق ضيق ومتعرج في سوق الشورجة، وهو أحد أقدم الأسواق في بغداد، يبيع صاحب الكشك أحمد خلف، البالغ من العمر 34 عاما، الكماليات البسيطة، مثل طلاء الأظافر، ومشابك الشعر البلاستيكية، وأقلام الرصاص الملونة. يقول خلف: عملاؤنا هم في الغالب موظفون حكوميون، لكن، وكما ترى لم يأت أحد؟
خلال فترة الذروة لوباء كورونا، كانت أكشاك سوق الشورجة مكتظة، وعلى نحو دائم منذ الصباح، بالمتسوقين الذين يشترون المواد الغذائية الأساسية والسلع المنزلية، غير أن الممرات المؤدية لتلك الأكشاك كانت شبه فارغة خلال الآونة الأخيرة.
تكلف رواتب ومعاشات القطاع العام الحكومة نحو خمسة مليارات دولارا شهريًا، لكن عائدات النفط وصلت مؤخرا إلى نحو ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار تقريبا خلال الشهر.
ويعوض العراق النقص عن طريق الانفاق من احتياطياته النقدية من الدولار التي يقول عنها الاقتصاديون إنها تتسبب في خسائر فادحة.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع من جانبه أن ينكمش اقتصاد البلاد بنسبة 11 بالمئة للعام الماضي 2020. كما حث البلاد على تحسين الحوكمة والحد من الفساد. 
أما حجم موظفي الخدمة المدنية في العراق، فقد تضاعف بحدود ثلاث مرات منذ العام 2004، ويقدر الاقتصاديون أن أكثر من 40 بالمئة من القوة العاملة تعتمد على الرواتب والعقود الحكومية.
عن صحيفة نيويورك 
تايمز الأميركية