بدعم ذاتي وأهداف إنسانيَّة..{شكراً}.. تنثر بذور الخير بين الجميع

ريبورتاج 2021/01/18
...


  سرور العلي 
 
في تآلف وحب ليس غريبا على أبناء العراق باتت أنغام الإنسانية في مواجهة رصاص الفقر والجوع، بادرت مجموعة من الشباب المستقلين بدافع حب الوطن، ومن أجل مساعدة أصحاب الدخل المحدود والأيتام والفقراء في تأسيس مشروع "شكرا"، الخيري فكانت انطلاقته منذ العام الماضي. وعن كيفية انطلاق فكرة المشروع تحدث يوسف شبيب الجيزاني أحد الأعضاء، والممثل عنه لـ"الصباح"، قائلا:

 

"انطلقت الفكرة من عقيل الكعبي، إذ عرض علينا الموضوع، ونحن مجموعة من الأصدقاء نعمل في المبادرات التطوعية، لكن بشكل عفوي، واقترح تأسيس مجموعة وتسميتها بـ"شكراً" على أن تكون الأعمال المراد إنجازها حسب المستطاع وما متوفر ولا تقتصر على عمل معين، انما جميع الأهداف التي تصب في نهر الإنسانية تكون هدفنا، والكعبي انخرط في العمل الخيري منذ أكثر من خمس سنوات، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد، أما عمر المجموعة هو سنة واحدة، لكنها مليئة بالنشاطات والأعمال التي لم
تتوقف". 
 
أهداف خيريّة
أما عن الهدف من المشروع، أضاف الجيزاني:" هو النهوض بالواقع الاجتماعي، فكل شعوب العالم نهضت بأبنائها لهذا نحن كشباب نجد من مسؤوليتنا زرع روح التعاون والأخاء بين أفراد المجتمع، وهي ثمرة الازدهار والتطور، يستحيل ينهض بلد أو موطن من دون حب الوطن، لهذا وجدنا من واجبنا البدء بأنفسنا وان نغير ولو جزءا بسيطا من حياة 
الآخرين". 
وتابع الجيزاني: "المشروع بجهود ذاتية مستقلة وغير مدعومين من أي جهة، والناس التي تثق بنا وتتبرع بهذا التبرعات المادية والعينية، هي الداعم الرئيس والوحيد للمجموعة، ونحن مديني لجميع الأعضاء البالغ عددهم أربعة عشر ألف عضو، لأن ثقتهم ودعمهم هو من جعلنا نستمر إلى هذه اللحظة". 
وعن مساهمة منصات الإنترنيت في نجاح المشروع أم فشله، بين الجيزاني:"كان لمواقع التواصل الاجتماعي الدور الفعال في انتشار المجموعة بسرعة، وانجاز اغلب الحالات الإنسانية عن طريق النشر، فعندما تأتي حالة على سبيل المثال في منطقة الشعلة بمجرد أن نقوم بنشر الحالة والاحتياجات خلال فترة زمنية محددة، تتم معالجة الحالة من أهالي المنطقة نفسهم، إضافة الى الدور الفعال في أزمة فيروس كورونا، عندما كانت هنالك بعض الأسر التي تحتاج إلى الأوكسجين، لم نقم بنقل القناني من منطقة إلى منطقة، وإنما نكتفي بالنشر وذلك بوجود أسرة في منطقة ما بحاجة لغاز الأوكسجين وخلال لحظات تتم الاستجابة والمعالجة". 
 
16 مليون دينار
الجيزاني، الحاصل على شهادة البكالوريوس في القانون، تحدث عن حبه للأعمال الخيرية قائلا:"أعدُّ العمل التطوعي جزءا لا يتجزأ من حياتي، وهو من أكثر الأعمال قدسية عندي لأنني أحب وطني ببساطة، نحن نعمل بروح الفريق الواحد ومثل هذه الأعمال، لا تحتاج الى قائد أو مسؤول بقدر ما تحتاج لقلوب محبة للخير فقط".
ولفت إلى "أن الأعمال التي نقوم بها لا تقتصر على نشاط أو موضوع معين، إذ استطعنا توفير إيجار العشرات من الأسر المتعففة العاجزة عن دفع بدل الايجار الشهري، وكذلك توفير العلاجات الطبية و إجراء العمليات الجراحية، ومن ضمن هذه العمليات كانت هنالك امرأة تعاني من تلف بالكبد والعملية تكلف (16) مليون دينار فتعاونا مع العديد من المنظمات والجمعيات في سبيل جمع هذا المبلغ، وخلال أسبوعين استطعنا أن نجمع المبلغ وتسفيرها إلى مصر لإجراء العملية، وكذلك توفير أكثر من خمسة آلاف سلة غذائية تم توزيعها بين مختلف مناطق بغداد، باختصار كإحصائية أولية خلال السنة 
الماضية". 
تمَّ جمع تبرعات ما يقارب الثلاثين مليون دينار وتم توزيعها ما بين إيجارات وإجراء عمليات، وشراء مواد غذائية، وكذلك شراء العلاجات الطبية، وتوفير بعض مصادر الرزق البسيطة وتوفير الملابس و شراء الألعاب للأطفال، وكذلك مشاركة أعضاء المشروع مع بعض المنظمات في الرحلات الترفيهية للأيتام في مدينة العاب بغداد، حيث حضر أكثر من 200 يتيم. 
 
تحديات
تطور المشروع ووصل إلى الجميع عن طريق مؤسسي المجموعة والمشرفين على العمل، وعن طريق الحساب الإلكتروني، الذي قام بافتتاحه مؤسسه الذي يقوم على تمويله وبشكل شهري وعلى حسابه
الخاص.
وعن أهم التحديات التي تواجه أعضاء المجموعة وآخر الأنشطة المقبلة، أكد الجيزاني:"نواجه صعوبة في نقل التبرعات وخصوصا التبرعات العينية مثل، الثلاجات والطباخات والأثاث وغيرها، لكوننا نفتقر إلى سيارة حمل لنقل هذه المواد، ونحن نعمل الآن من أجل شراء سيارة نقل خاص وعلى حسابنا الشخصي عن طريق التقسيط، ونستعد لفتح معهد تعليم للصفوف المنتهية وغير المنتهية وبأسعار بسيطة جدا، وبالنسبة للذين لا يستطيعون دفع التكاليف ستكون مجانية، هنا سنوفر فرصة عمل للعديد من المعلمين العاطلين، وفرصة لأصحاب الدخل المحدود
للاشتراك".
 
أنشطة
النشاطات التي قامت بها المجموعة هي أكثر من (282) نشاطا وتتنوع ما بين تبرعات مادية وعينية، وكذلك طبية ومواد غذائية، ومحصله العمل بشكل مختصر خلال فترة سنة، أوضحها إدريس المحمداوي، عضو في المشروع، والحاصل على بكالوريوس إعلام إذاعة وتلفزيون:"تم جمع تبرعات بمبلغ يصل إلى (20) مليون دينار وتوزيعها بين مستحقيها، إذ جهزنا أكثر من(خمسة آلاف) حصة غذائية، وتوزيعها بين مختلف مناطق بغداد، وإجراء أكثر من خمسين عملية جراحية للأسر العاجزة عن دفع المبلغ، وكان الأطباء متعاونين، وفي اغلب الأحيان يقومون بإجراء العمليات على حسابهم الخاص، وصرف مبلغ علاجات لأكثر من (50) أسرة متعففة في مختلف مناطق بغداد، وصرف مبلغ إيجارات لبعض الأسر المتعففة العاجزة عن 
التسديد". وأضاف المحمداوي"أما النشاطات فكانت مختلفة ومنها، فتح فرصة عمل وبناء ثلاثة منازل لثلاث أسر، وتوفير العديد من المستلزمات للكثير من الأسر كالثلاجات والبلازمات والمبردات والتدفئة، وتوفير مئات الألعاب للأطفال، وتم توزيعها باحتفالية رأس السنة، وكان لحملة (خيرات الناس للناس)، الدور الكبير في تجهيزات آلاف السلال الغذائية، وتوفير الاحتياجات في أزمة جائحة كورونا، وبناء خمسة بيوت لخمس أسر
فقيرة". ويشير المحمداوي إلى أن طبيعة عمل المجموعة هي المساعدة، بغض النظر عن الوسيلة، وذلك من {مبدأ الجود من الموجود} حتى ولو كانت المساعدة مقتصرة على كلمة طيبة من اجل زرع ثمرة الخير في المجتمع، ويضيف "حبي للعمل التطوعي أصبح واجبا من واجبات الأسرة، الهدف من انضمامي هو مساعدة الناس من أوسع الأبواب، أطمح أن أستمر بعملي لخدمة الناس".
 
مواقف إنسانية
ويستذكر الجيزاني أهم المواقف التي حصلت لهم أثناء قيامهم بالحملات التطوعية:"العديد من المواقف صادفتنا، لكن أكثرها مؤثرا هو قيام أحد الفقراء بالتبرع بمبلغ عشرة آلاف دينار لحالة إنسانية، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة ويسكن في بيت إيجار مع زوجته وطفليه، ونحن بدورنا اعتذرنا على استلام تبرعه واخبرنا بأن المبلغ قد أستوفي، عندما رأيت هذا الموقف الذي حطم قول فاقد الشيء لا يعطيه، لقد أعطانا ما يفتقد اليه بكل حب، والموقف الثاني كانت لنا حملة توزيع ألعاب للأطفال في منطقة الرشاد، وأثناء الطريق توقفنا في محطة الوقود من اجل التعبئة وفي هذه الأثناء، صادفنا أحد الأطفال وكان يسترزق في المحطة، وكانت إحدى الألعاب ظاهرة من السيارة وهي لعبة بابا نويل، وقال لنا هل تبيعون هذه
اللعبة؟.  ابتسمنا جميعاً وقمنا بإعطائه اللعبة، وابتسم لنا ابتسامة عريضة لن تعوضها أموال الدنيا ومن فيها، حتى قمنا نحن بشكره، لأنه جعلنا سعداء جداً وفخورين بأنفسنا". 
 
ردود وطموحات
وعن ردود أفعال الناس حول المشروع، بين الجيزاني:"أن الناس الخيرين كانوا هم الدافع الأول والأخير والداعم المباشر لنا، واغلب المتبرعين يرفضون ذكر أسمائهم عندما يقومون بالتبرع، لأنهم يقولون هذه تجارة سرية بيننا وبين الله، إضافة إلى الثقة التي تخجلني في بعض الأحيان، عندما يقومون بالتبرع بمبالغ مالية ويعطوننا حرية التصرف بها، بشرط أن تصل إلى المحتاجين والمستحقين، فشكراً لهم وعلى ثقتهم، ولا ننسى الدور الكبير لحملة خيرات الناس للناس، ومبادرة همة عراقية في التعاون بيننا في ازدهار العمل وحصاد ثماره".
ويطمح أعضاء المشروع إلى مساعدة أكبر قدر من الناس، وأن يسعى كل شباب العراق إلى النهوض بواقعهم وخلق جيل واعٍ وناجح.