أكبر مدينة صفيح أوروبية لا ماء ولا كهرباء في إسبانيا

بانوراما 2021/01/19
...

سام جونز
ترجمة: خالد قاسم
لم تنس "ساره بيناياد" أهمية الضيافة رغم التجارب اليومية التي تتحملها أسرتها من وباء وثلاثة أشهر بلا كهرباء، وأضيف لها انقطاع مياه الإسالة مؤخرا، لأن العاصفة فيلومينا تسببت بانجماد الأنابيب وتركت مدريد تحت غطاء كثيف من الثلج.
جلبت العاصفة أثقل موجة جليد منذ 50 سنة على العاصمة الاسبانية، وراح ضحيتها عدة أشخاص وقطعت عشرات الآلاف من الأشجار وتركت المدينة بحالة مشلولة ومثلجة، لكن لم تضرب العاصفة أي مكان في اسبانيا بالقوة نفسها، "كانادا ريـال" وهي بلدة صفيح تبعد 12 كم عن مركز العاصمة ويسكنها نحو 8500 شخص معظمهم من أصول مغربية أو غجرية.
انقطع التيار الكهربائي عن 4500 شخص يسكنون القطاعين الخامس والسادس ضمن أكبر مستوطنة غير رسمية أوروبية منذ بداية تشرين الأول، وتقول شركة الكهرباء إنها لم تقطع الطاقة مطلقا عن المستوطنة، وتلقي باللوم على الزيادات الكبيرة في القطاعين المذكورين، ما يجبرها على اطفاء الشبكة لأسباب تتعلق بالسلامة.
أضافت الشركة أن هناك أربعة مستهلكين مسجلين فقط في القطاعين، رغم وجود نحو 1500 منزل بهما، لكنها استمرت بتوفير الطاقة، رغم الأضرار الاقتصادية الخطيرة الناتجة عن التوصيلات غير القانونية.
من جهتها ذكرت الحكومة المحلية لمدينة مدريد أن الزيادات ترجع لمزارع الماريوانا في مدينة الصفيح المربوطة بالشبكة، والتي تستلزم طاقة كبيرة، ما أوقف التجهيز مرات كثيرة. ويرفض سكان القطاعين هذه المزاعم، ويقولون إنها لا علاقة لها بالموضوع. ويضيفون بأن انعدام الكهرباء يضع حياتهم وحياة 1800 طفل تحت خطر شديد، واذا كان الوضع سيئا من قبل، فإن العاصفة زادت الأمور تعقيدا.
أدى موت رجل يبلغ من العمر 74 سنة كان يقيم في القطاع السادس الى شكوى قانونية ضد السلطات، وتقول الدكتورة بياتريز أراغون "تعمل في البلدة منذ العام 2007" إن عشرات الأشخاص عانوا من التسمم بثاني أوكسيد الكاربون بسبب أجهزة التدفئة البيوتانية.
 
اهتمام أممي
تقدم أراغون وزميلاتها المشورة للأمهات والأطفال ممن يستطيعون البقاء مع أقاربهم بمكان آخر لمغادرة كانادا ريـال حتى تبدأ درجات الحرارة بالارتفاع، وأصاب التشاؤم أيضا "أورا موراليس" العاملة بمجال التعليم الاجتماعي في تقييمها للضرر الناجم عن العاصفة على السكان الشباب داخل البلدة، وتقول "يؤدي بعض الأطفال واجبهم المدرسي داخل سيارات باردة، لكي يتمكنوا من رؤية ما يقومون به".
يستخدم أطفال آخرون هواتف ذويهم النقالة لمواكبة دروسهم، في حين تبقى مدارس المنطقة مغلقة بسبب الجليد، وتؤدي الهواتف وظيفة مزدوجة تتمثل بتنزيل الدروس واستخدام مصابيحها لمساعدة الأطفال على رؤية ما يكتبون بعد غروب الشمس وحلول الظلام.
دفعت هذه الأوضاع مجموعة من المقررين الخاصين في الأمم المتحدة لمطالبة الحكومة الاسبانية بضمان استعادة الطاقة فورا، وحذروا من "أن نقص الكهرباء لا ينتهك حق هؤلاء الأطفال بالسكن المناسب فحسب، وإنما يكون له تأثير خطير جدا في حقوقهم بالصحة والطعام والماء والصرف الصحي والتعليم".
المشكلة هي أن المسؤولية عن كانادا ريـال مقسمة بين ثلاثة مجالس محلية، منها مجلس بلدية مدريد، وحكومة إقليم مدريد وممثل الحكومة المركزية في المنطقة، وبعد أربع سنوات تقريبا على توقيع اتفاق اعادة إسكان مئات الأسر، نجحت الحكومة الاقليمية وبلدية مدريد بإسكان 130 منها هناك.
في الوقت ذاته، عرضت السلطات المحلية مأوى طوارئ للسكان وقناني بيوتان لمساعدتهم على تجاوز العاصفة وتبعاتها. ويقول بعض الأهالي إنهم رفضوا العرض بسبب خوفهم من الاختلاط مع الآخرين خلال وباء كورونا، ويشعرون بالحيرة من تقديم سكن مؤقت، في حين أن كل ما يتعلق بمطالبهم مقتصر على توفير الكهرباء.
مع استمرار الانتظار يفعل أطفال كانادا ريـال ما يفعله أقرانهم في الثلج، اذ يبني الأصغر سنا رجالا جليديين ويرمون كرات الثلج ويتزحلقون على الجدران المتجمدة بواسطة أكياس القمامة. أما الأكبر سنا منهم فيجمعون الورق المقوى لصنع مواقد وقتية والحصول على لحظات من الدفء.