2030.. هل سيكون أسوأ على العالم من 2020؟

بانوراما 2021/01/19
...

إيشان ثارور
 ترجمة: ليندا أدور
من المحتمل أن تكون الرسائل المبهجة قد غمرت الكثير منا عن نهاية العام 2020، فقد انتهى عام البجعة السوداء*، عام الأزمات والكوارث والوباء والاستقطاب، وفي 2021، هناك أسباب تدعو للتفاؤل، ليس أقلها هو بدء العديد من دول العالم المرحلة الأولى من خطط التطعيم باللقاح المضاد لفيروس كورونا،لكن الصورة الأشمل، قد تكون أشد قتامة من ذلك، فمع بدء عقد جديد، يسلط الضوء على ثلاثة إتجاهات وتحديات يمكن ان تواجهنا خلال السنوات المقبلة.
أول تلك التحديات هو التغيرات الديموغرافية، اذ وفقا لدراسة أجرتها الأمم المتحدة العام 2015، يتوقع أن يبلغ عدد سكان العالم نحو ثمانية مليارات ونصف مليار نسمة بحلول العام 2030، أي بزيادة تقدر بـنحو 15 بالمئة من حجم البشرية خلال 15 عاما فقط،تشير الدراسة الى أن الهند ستتجاوز الصين لتصبح أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، بينما تشير توقعات علماء الديموغرافيا ان الارتفاع الملحوظ في أعداد السكان سيكون في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي ستصبح، عما قريب، موطنا لأكثر المجتمعات شبابا في العالم  بحلول نهاية العقد، من المتوقع كذلك، ان يتضاعف عدد المدن العملاقة، اذ سيعيش نحو ثلثا البشرية في المجتمعات الحضرية. 
 
نعمة أم نقمة ديموغرافية؟
علاوة على ذلك، بحلول العام 2030، سيكون أكثر من مليار شخص على هذا الكوكب فوق سن 65 عاما، يعزى ذلك الى الإطالة في العمر المتوقع، وتحسن المستوى المعيشي بعموم العالم، وفقا لدراسة أخرى ممولة من قبل المعاهد الوطنية للصحة، لكن سن النضوج لسكان العالم لن يحدث في الغرب وحده، بل في عموم أرجاء آسيا وأميركا الجنوبية، مما يحمل إشكالات سياسية حقيقية للدول. 
تصارع الحكومات الأوروبية مع مستقبل مرتبط بإرتفاع تكاليف رعاية المسنين وعواقب انخفاض أعداد السكان وتراجع القوى العاملة. أما الحلول السياسية لهذه التحديات الطويلة الأمد، قد تشمل التشجيع على المزيد من الهجرة لشغل الوظائف والتقليل من الحماية الإجتماعية لدفع انتاجية العمال الى الأمام،تعي القيادة الصينية حاجتها الى التمحور بسبب شيخوخة مجتمعها، وقد باشرت إعادة توجيه الاقتصاد الصيني لتلبية احتياجات السوق المحلية، بعد سنوات من الازدهار المعتمد على التصدير.في غضون عقد من الزمن، سنعلم أن كانت نسبة الشباب في الهند، أكبر ديمقراطية في العالم، حيث يوجد أكثر من نصف عدد السكان تحت سن 25 عاما، ستتحول الى نعمة أم نقمة ديموغرافية. 
 
دول الحزب الواحد
يمثل العام 2030 عاما مهما للمنظمات الدولية وعلماء المناخ  الذين كانوا من أشد المنادين بوقف التغيير المناخي، فقبل عامين، حذرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغيير المناخي التابعة للأمم المتحدة من أن من دون اتخاذ إجراءات هائلة وغير مسبوقة لخفض إنبعاث غاز ثاني أوكسيد الكاربون، خلال العقد المقبل، فإن العالم سيضع نفسه على شفا كارثة مناخية.  
لكن هناك فسحة للأمل مع تبني العديد من الحكومات خططا طموحة لتحويل اقتصاداتها لتصبح أحادية الكربون، إذ تعتزم إدارة الرئيس الأميركي الجديد بايدن إضافة المزيد من الزخم لجهود المناخ العالمية، التي تخلى عنها سلفه ترامب، بينما أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، تخطيط بلاده لخفض إنبعاثات الكربون بنسبة 65 بالمئة بحلول العام 2030، عما كانت عليه في العام 2005.
لقد أسهم العقد الماضي بتحويل وجهة نظرنا عن السياسة العالمية، فقد مضى زمن طويل منذ ان انتهت الثقة بتصلب الليبرالية الديمقراطية، اذ لا تزال دول الحزب الواحد تشهد ازدهارا، في حين تشكل الشعبوية الديماغوجية واليمين المتطرف القوة النافذة داخل العديد من ديمقراطيات العالم الرئيسة، اذ تحذر جماعات حقوقية من تآكل الديمقراطيات التي كانت مزدهرة يوما، ومن تهديدات جديدة للحريات والخصوصية التي تشكلها المراقبة الالكترونية الحكومية.
 
أوراق بيضاء
فسحت الرؤية لنظام عالمي ليبرالي قوي، المجال "للأوراق البيضاء"للعودة الى سباق القوى العظمى، الذي يشمل البحث واستخدام تقنيات كالذكاء الاصطناعي، الذي يتوقع أن يضيف نحو 16 تريليون دولار الى الاقتصاد العالمي بحلول العام 2030. يشير إيجاز سياسي صدر عن مؤسسة بروكينغز الى أن: "من سيقود الذكاء الاصطناعي في العام 2030، سيحكم العالم حتى العام 2100". يأمل الليبراليون في الغرب من أن تحديات العقد المقبل، التي تتطلب جميعها تعاونا وتنسيقا دوليا واسعا، يمكن ان تبعد، بدورها، القومية الغاضبة الحالية. لكن، يمكن أن يؤدي ذلك الى مزيد من الاضطرابات، فمايجري الآن في الولايات المتحدة من استقطاب، والمتمثل برفض نتائج الانتخابات من قبل ترمب وحلفائه، يمكن أن ينذر بحدوث أزمة دستورية هي الأسوأ خلال السنوات المقبلة.                     
* نظرية البجعة السوداء: هي نظرية تشير الى صعوبة التنبؤ بالأحداث المفاجئة، وتقوم على الفكرة السائدة بأن البجع كله أبيض أما وجود البجع الأسود فهو نادر ومفاجئ وتنطبق على الأحداث التأريخية، التي لم يكن ممكنا التنبؤ بها أو ان احتمال وقوعها أمر غير وارد-ويكيبيديا.