{ليلك ضحى} مسرحيَّة تغسل الأفئدة من الأفكار الإرهابيّة!

ثقافة 2019/02/01
...

طه رشيد
ليلك ضحى، عرض مسرحي من تأليف وإخراج الفنان غنام الغنام وتقديم فرقة المسرح الحديث في الشارقة، وعرضت المسرحية في مهرجان المسرح العربي الأخير في القاهرة، ليلة الخامس عشر من شهر كانون 2/ يناير، على مسرح الجمهورية وسط العاصمة المصرية.
ابتداءً لا بدَّ من القول بأن الكاتب والمخرج المسرحي غنام الغنام تستهويه العناوين الشفافة الشعرية والمتميزة لأعماله المسرحية، وأحيانا تكون صادمة مثل العمل الموندرامي الذي قام بكتابته واخراجه وتجسيده "سأموت في المنفى!".
شاعرية العنوان في هذا العمل الجديد واضحة، ففي "ليلك ضحى" اعتمد على ثنائية المفردة المختلفة زمانا ومعنى، كما ورد في عمله الآخر "صباح ومسا" الذي أخرجه الفنان المغربي عبد الرحمن خمران لصالح فرقته "دوزتمسرح" وعرضت في المغرب والقاهرة .
وفي كلا العملين نكتشف أنّ "ليلك ضحى" و "صباح ومسا" ما هم إلّا أناس من دم ولحم يحلمون ويجتهدون فيخفقون هنا وينجحون هناك.
لم يكن "ضحى" (رائد دالاتي) ملحدا او فاسدا، ولم تكن "ليلك" (علياء المناعي) فاسقة أو فاجرة! بل هما معلّمان لمادة الموسيقى والغناء في مدينتهما أو ضيعتهما التي جرّدها المؤلف غنام من تحديد مكانها ليعطيها شمولا عربيا أو انسانيا أوسع!، ويتعرضان لملاحقة من قبل مليشيات "ابو البراء" (فيصل علي عمار)، الذي يطمع بالزواج من الجميلة "ليلك" بتواطؤ مع الشيخ البلداوي (ابراهيم سالم)، الذي هو الآخر يطمع بـ"ليلك"!، هذه هي خيوط الحدوتة الرئيسية للمسرحية، وترافقها حدوتة ثانوية مرادفة لها تتلخص بقصة حب بين حمود (عمر الملا) و الشابة فاطمة (حنين)؛ حمود يتحول من عاشق إلى قاتل بعد أن قامت فرقة ابو البراء الظلامية بقتل والديه، لان والده قام بنحت بعض الأعمال الفنية، وهذا يعد تدخلا فظا في شؤون الخالق حسب رأي القوى التكفيرية الإرهابية!، واللمحة الدرامية في موجز هذه القصّة أن حمود يتم غسل دماغه بشكل كامل لدرجة بأنّه اقتنع بأن والده كان كافرا يستحق القتل! ولكن مع تصاعد الأحداث وتحول العلاقة، بين حمود من جهة وليلك وضحى من جهة أخرى، من جلّاد وضحية الى حارس يحاول حماية الضحية، ومن خلال نقاش بين هذه الشخصيات الثلاثة، يسترد حمود وعيه ويكتشف خطأ انخراطه في فصيل مسلح ظلامي قاتل. 
السينوغرافيا والموسيقى والإنارة كل منها كمل الآخر، والديكور كان بسيطا وموحيا لغرفة في منزل ضحى الذي يضج بالكتب والموسيقى، وبحركة بسيطة يتحول المكان إلى سرداب - سجن، وثالثا يتحول إلى مكان مزدان  بالشموع، للصلوات على شهداء الفن والفكر 
والحرية. 
كل شيء في المسرحية، من جملة أو حركة أو قطعة أثاث، له معنى محدد عند غنام!، الشيخ البلداوي يستفسر من أحد القتلة من زمرة أبو البراء عن اسمه فيجيبه: ابو همزة (عبد الله محمد)، ورغم الحاح الشيخ على تعليمه نطق حرف الحاء ليكون "ابو حمزة" ولكن دون جدوى!، لان الكاتب يريد أن يقول لنا بأنّ هذا القاتل قد جاء من دولة أجنبية ليس لها علاقة بلغة الضاد! .
لقد استطاع غنام غنام أن يجيب عن سؤاله الجوهري في هذا العمل وهو: "أي غسيل للعقل والفؤاد هذا الذي يحول الفتى من عاشق تحت نافذة حبيبته إلى 
قاتل؟".