هناك فرصة متزايدة لدعم التقارب العراقي الإيراني عبر الجهود التي يبذلها السفيران، المصري والفرنسي، لمنح الشاه صورة كاملة عن رغبة حكومة البعث في بغداد بعقد اتفاق للتواصل والتعاون طويل الأمد.
أخبرني السفير المصري (.. النجار) بأنَّ زيارة شاه إيران الأخيرة الى القاهرة كانت مصدر تفاؤل في بناء علاقات عراقية إيرانية جيدة. وأنَّ الرئيس السادات منح الشاه رؤية إيجابية عن نتائج اتفاقه (فيما لو حصل) مع حكومة البكر في بغداد.
رؤيتي لحكومة البكر في بغداد أنها براغماتية لا ترغب في الانخراط ضمن الأحلاف الاقليمية، وإنها بعيدة في الحقيقة تماماً عن الصورة الخطابيَّة التي تبدو عليها في السياسة الخارجيَّة.
وجه المصريون رسالة الى الشاه حين وصوله الى أوروبا عن إمكانية عقد اللقاء مع المسؤولين العراقيين على مستوى عالٍ. لكنَّ وزير الخارجيَّة سعدون حمادي ليس لديه رأيٌ أو حماسٌ تجاه هذا النوع من التفاهم، وأتمنى ألا يكون هو المفاوض نيابة عن الطرف العراقي.
أخبرني السفير الفرنسي في بغداد بأنَّ رئيس الوزراء جاك شيراك قد ناقش العلاقات مع العراق خلال زيارة الشاه الأخيرة الى باريس، وقد مرَّرَ له رسالة إيجابيَّة وهو ينتظر الرد. لكنه لا يحبذ وساطة المصريين المباشرة.
أسجلُ هنا نقاطاً لاحظتها من المسؤولين العراقيين؛ إنَّ قضية الاستيلاء على جزر طنب الصغرى والكبرى، يرغب العراق بأنْ يحيلها الى الجامعة العربية لتتولى أمرها. أما قضية شط العرب والملاحة فيه، فالعراق راغبٌ في أنْ يعود الى خط (الثالويك). وحتى مسألة الحرب الكردية، لم تكن ضمن أولويتهم ولا يوجد إصرارٌ لدى حكومة بغداد على الاستعادة الكاملة للسيادة هناك.
لقد وجدت أنَّ المسألة الرئيسة بين بغداد وطهران تتمحور من وجهة نظر حكومة البعث حول الاختلافات التاريخية والآيديولوجية وشح الفهم المتبادل بين الجهتين.
وعلمت أنَّ الوزير سعدون حمادي قد زار بالفعل عدة عواصم عربية وقد ناقش معهم هذا التقارب والاتفاق المحتمل مع حكومة الشاه.
إنَّ البعثيين مقتنعون بأنَّ الشاه يحاول أنْ يطيح بنظامهم. ومن جهة أخرى، يرى عددٌ من المراقبين أنَّ الشاه البهلوي، بات مقتنعاً شخصياً بأنَّ حكومة البعث ومعها مصالح حكومة الاتحاد السوفييتي تحاولان بالفعل أنْا تطيحا به.
إنَّ الخطابات البلاغيَّة التي تصدر عن حكومة البكر في بغداد، يوماً بعد آخر، لم تعد تصلح كمعيارٍ لتقييم الرغبات الحقيقيَّة لهذه الحكومة. وأنصح بعدم الرّد عليها إعلامياً أو رسمياً.