تنشر كندا ما يقرب من 500 جندي في منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات، ويتركز معظم هؤلاء في العراق والكويت. جاء هذا الانتشار ضمن التحالف الدولي للحرب على عصابات داعش الإرهابيَّة، والذي تبلور بقيادة الولايات المتحدة بعد أنْ استولت العصابات التكفيريَّة على مساحات مهمة من محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك العراقيَّة، وأعلنت ما يسمى بـ"الخلافة الإسلاميَّة".
ولأنَّ الولايات المتحدة لا تذهب للحرب لوحدها أبدًا كما يقول روس كراينغر، الكاتب في "تشاينا دايلي"، كانت كلٌ من كندا واستراليا وبضع دول أخرى دائماً ما ترافق الوجود العسكري الأميركي في معظم العمليات، حتى لو لم تتوفر قرارات أمميَّة من مجلس الأمن الدولي مثلاً.
ولا توجد أرقامٌ رسميَّة مضبوطة لعدد ضحايا القوات الكنديَّة في العراق، إلّا أنَّ التقديرات من جانب دوريات مختصة تقول إنَّ الجيش الكندي خسر سبعة عشر جندياً ومدنياً في العراق خلال الحرب ضد "داعش"، إذ تولى الكنديون مهام التدريب للقوات العراقيَّة وقوات إقليم كردستان العراق المعروفة باسم البيشمركة. وفي أشد حالات الحرب ضد داعش وصل عديد القوات الكنديَّة الى 850 عنصراً، إلّا أنها بدأت منذ تموز الماضي تقليلاً جاداً في عديد القوات المتواجدة في العراق، نحو إنهاء تواجدها الكامل بحلول نهاية العام الحالي.
وتقول مصادر كندية، إنَّ نهاية السنة المالية 2021 شهدت انتهاء صلاحيَّة التمويل الذي سبق أنْ أقرَّه البرلمان الكندي بمقدار 1.39 مليار دولار، لأجل تنفيذ"الستراتيجيَّة العسكريَّة الكنديَّة في الشرق الأوسط". إلّا أنَّ إشارات مهمة صدرت عن واشنطن أعربت فيها عن انزعاجها من خطوة (تقليل) عديد القوات الكنديَّة في العراق والكويت من جانبٍ واحد، والتي تمتْ على ما يبدو من دون التشاور المسبق الكامل مع إدارة ترامب المنصرفة.
وعلى إثر قرار البرلمان العراقي في 5 كانون الثاني 2021 بالطلب الى الحكومة العراقيَّة تحديد سقف زمني لوجود القوات الأجنبيَّة التي قدمت المساعدة في الحرب على داعش، يرى مسؤولون كنديون بأنَّ وجود الوحدات الكندية هو أمرٌ لم يعد له ما يبرره بقوة. الأمر الذي تلقى زخماً مُضافاً بعد أنْ خسر الرئيس دونالد ترامب سباق الرئاسة الأميركيَّة لصالح نائب الرئيس الديمقراطي الأسبق جون بايدن.
لا ترغب واشنطن أبداً في أنْ ترى حلفاءها يسبقونها بخطوة خاصة في مسائل الانسحاب وبقاء القوات. وهو مؤشرٌ آخر يضافُ الى الموقف الكندي المبتعد عن خط واشنطن، والذي سبق أنْ تسبب لها بموقفٍ محرجٍ خلال أزمة مقتل الصحفي السعودي خاشقجي والإدانة الكنديَّة الواضحة في وقتها بينما فضّلت واشنطن التغاضي، ويبدو أنها طلبت من حلفائها فعل الشيء نفسه.