هوس الكتابة

ثقافة 2019/02/02
...

  حميد المختار    
إنّ هوس شراء الكتب والحب المفرط لها لن يقود بالضرورة الى هوس الكتابة، فهذا شيء وذلك شيء آخر، والاول هو حالة مرضية صارت لها مصطلحات وعلاجات وكتب عنها الكثير من البحوث والدراسات بحالة الـ (الببلومانيا) حالة مثالية من العشق الروحي والمادي للكتاب والمغامرة من اجل امتلاكه.. لكن ماذا عن هوس الكتابة؟ يقول اندريد جيد: ان اجمل الاشياء هي التي يقترحها الجنون ويكتبها العقل وينبغي
التموقع بينهما بالقرب من الجنون حين نحلم وبالقرب من العقل حين نكتب ... تبقى طقوس الكتابة فهي تختلف من كاتب الى آخر ولهم في ذلك حكايات وقصص غريبة لسنا بصددها الان، انما الذي نحن بصدده هو السؤال: هل ان هوس الكتابة يعد مرضاً نفسياً؟، وجدت في ويكيبيديا: هوس الكتابة بالانكليزية (Grapho mania) يشير الى ان الهوس بالكتابة عند استخدامها في سياق نفس محدد، فانها تسمى حالة ذهنية مرضية تؤدي الى كتابة الكلمات والعبارات المرتبكة وغالباً ما تتحول الى تتابع لا معنى له للكلمات، وقد تم استخدام هذا المصطلح في اوائل القرن التاسع عشر، اذن فهوس الكتابة هو حالة مرضية، لكنّنا جميعاً معشر الكتاب والروائيين والباحثين ماذا نسمّي أنفسنا حين ننغمس في كتابة روايات طويلة وقصص قصيرة كثيرة وكذلك كتابة البحوث وتأليف الكتب التي قد تتجاوز الكتابين في سنة واحدة، ثم ان للكتابة طقوساً وامزجة ولا يمكن الكتابة في أي ساعة واي وقت اللهم إلّا تلك المشاريع المخطط لها بدقة من قبل كتابها، فهم يكتبونها في أي وقت واي مكان، بينما هذا الامر لايصلح على الشعراء والروائيين الذين يختارون أماكنهم بدقة متناهية فضلاً عن الوقت المخصص لذلك، اما الهوس المرضي فهو مرض شائع عند الكتاب الذين يعانون من اضطرابات نفسية وسيكوباثية والاغلب منهم يجعل من الكتابة مهرباً وملجأً وملاذاً آمناً ينزف من خلاله كل اشتباكاته النفسية مع ذاته المرتبكة الحائرة.. ستكون الكتابة هنا نوعاً من علامات دالّة لحالة جنون وعصاب واضح، والامر ينسحب على آخرين يقضون الساعات الطوال في الكتابة وفي عزلة تامة عن المجتمع وعن العائلة كمارسيل  بروست اثناء كتابته (البحث عن الزمن المفقود)، وكذلك كافكا في أكثر رواياته والماركيزدي ساد والكثير الكثير الذين جعلوا من هوس الكتابة علامة لجنون ما فضلاً عن أنّها أي الكتابة ستكون طريقة للشفاء ومغادرة المرض النفسي ....