يرصد عدد من التقارير التخصصيَّة المتابعة لسير حركة التجنيد لتنظيم داعش الإرهابي تراجعاً في قدرته على جذب دماءٍ جديدة الى صفوفه، تأثراً بالشلل الذي أصاب حركة التنقل العالميَّة نتيجة جائحة كورونا، فضلا عن الضربات التي تلقاها التنظيم مؤخراً على أيدي القوات العراقيَّة.
وتقول مصادر كرديَّة في قوات حرس الإقليم "البيشمركة" في تقرير لصوت أميركا: إنَّ مؤشرات حديثة تم رصدها تدلُّ على اجتذاب التنظيم مؤخراً لدماء جديدة تم تجنيدها. وتؤشر هذه التقارير أنَّ جنسيات هؤلاء المجندين الجدد تركزت من بين القادمين من دول عربية حصراً، وذلك على خلاف السياقات السابقة التي حوت نسبة لا تقل عن 20 % من الإرهابيين الذين يعودون بأصولهم الى قوميات آسيويَّة، أو الى ما يعرف بـ "الجهاديين الأوروبيين"، وهم في العادة من الجيل الثالث من المهاجرين العرب والمسلمين الى تلك الدول.
وقدّرت هذه المصادر أنَّ عدد من تم تجنيدهم مؤخراً قد يتجاوز 1500 إرهابي، لكنهم ليسوا على قدرٍ من التدريب والقدرات والمهارات السابقة التي كان يمتاز بها إرهابيو التنظيم في العادة.
من جانب آخر، أكدت مصادر أميركية أنَّ داعش ما زال يشكل تحدياً مهماً للاستقرار في العراق. لكنَّ "الضغط المستمر من قبل شركائنا في القوات العراقية وقوات سوريا الديمقراطيَّة و الملاحقة بلا هوادة، تمنع التنظيم من إعادة التقاط أنفاسه".
ويقول العقيد واين ماروتو، المتحدث باسم التحالف الدولي لمكافحة داعش: "ما زالت داعش تنفذ تكتيكات تمردها عبر أسلوب الضرب والهرب، وكذلك الاغتيالات وتخويف القادة والوجهاء المحليين. كما أنها ما زالت تحاول مدّ نفوذها في المناطق النائية والريفيَّة". لكنه يعود ويؤكد أنَّ داعش لم تعد قادرة على الإمساك بأي أرض وبأي حجم في العراق.
لكن زمر داعش تمكنت من إيجاد مضافات مؤقتة في ما يسمى "المناطق المتنازع عليها"، وهي المناطق التي تخضع لسيطرة متداخلة تتولاها القوات الحكوميَّة العراقيَّة من جهة أو قوات البيشمركة.
من جهة أخرى، شخّصت دراسات غربيَّة تتابع حركة التجنيد لصالح داعش، بأنَّ أدوات التنظيم في جذب الأعضاء الجدد صارت تعتمد أكثر من قبل على تحرّي ما يسمى "الذئاب المنفردة"، وهم في العادة يتحولون الى محاور في شبكات (السوشيال ميديا) تتجمع حولها الآراء المتطرفة والمؤيدة لمسارات داعش وجرائمها البشعة.
وتقول دراسة نشرها موقع (ORF)، المتخصص في البحوث الستراتيجية وبحوث مكافحة الإرهاب وتتابع منشور (دابق) المعبّر عن رأي داعش، إنَّ تكتيك الدعوة الى التجنيد بدأ يتغير منذ مطلع عام 2019. وصار التركيز أكثر على الجذب العاطفي الذي يستهدف النساء عبر الإثارة للمشاعر وتنمية شعور الظلم، بينما تتضمن الرسالة التي تستهدف الرجال استثارة روح الانتقام والثأر لضياع القيم الإسلاميَّة بانهيار "الدولة الإسلامية" المزعومة.
كما بدأت أدبيات التنظيم الإرهابي تميل أكثر الى استخدام الرموز المحلية والوطنية في استثارة المشاعر بدلاً من اعتماد صبغة عالمية والدعوة باسم الإسلام الى وضعه في مجال عالمي بدلًا من الإطار المحلي والاشتباك مع المشكلات الداخليَّة.
وتغير إصدار دابق، ليصدر تحت اسم "رومية" على شكل مجلة الكترونية، وبتكتيكات معتمدة في النشر تساعدها على تفادي فلاتر التصفية والحُجب التي تمنع انتشارها بوصفها تحريضاً على العنف والانتماء للإرهاب.