خــالــد ابراهيـــــم
اي متحف أربيل الحضاري، الذي تعود بدايات تأسيسه الى ثمانينيات القرن الماضي، ويقع المتحف في موقع اثري قديم ومهم، وهو قلعة "قالينج اغا" ويعود الى فترات حلف واوروك، اذ تم اكتشاف العديد من القطع والمصوغات الذهبية الى جانب معبد في هذا المكان الأثري، حيث المتحف الحضاري لاربيل ويحتوي على عدد كبير من القطع الاثرية النادرة والطاعنة في القدم.
وبمجرد دخول الزائر او السائح لقاعات وأروقة المتحف، لا بدّ له من الشعور بعبق التأريح والماضي، وأن يشعر من خلال محتوياته وقطعه ومقتنياته القديمة والنادرة بشيء من تأريخ المنطقة وفنون وثقافة وحضارة الأمم الغابرة، التي تعاقبت وعاشت في كردستان.
أهمية تاريخيَّة
وللتعرف على المتحف وقاعاته ومقتنياته التقينا مدير متحف اربيل الحضاري السيد نادر بابكر محمد، ليحدثنا ويطلعنا أكثر عن المتحف اذ قال: "يعد هذا المتحف التاريخي والحضاري من السمات الجميلة، التي تمتاز بها مدينة اربيل، والتي ترتبط بدائرة آثار اربيل، وللمتحف موقع أثري مميز، وهو قلعة قالينج اغا الاثرية، ومما لاشك فيه أن لكلّ متحفٍ في اي بلد او منطقة او محافظة، أهمية قصوى وتاريخية، فهو يمثل هوية تلك المنطقة، ويعد منظومة تعليمية، يستفاد منها للتعلم والاطلاع من قبل الأجيال على الحقب التاريخية، التي مرت بها المنطقة، الى جانب كونه وجها سياحيا مهما ورائعا يقصده الناس من كل حدب وصوب، خصوصا اذا ماعلمنا أن هذا المتحف يقع في مدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان".
ويضيف "متحف أربيل في الحقيقة هو صغير من حيث البناية، الا أنه كبير بما يحتويه من قطع ومقتنيات، تعود لحقب تاريخية قديمة جدا، وفي الحقيقة لدينا مشروع كبير لبناء متحف وطني كبير، وتم وضع التصاميم الاولية منذ العام 2014، الا أن الأزمات المالية حالت دون اتمام وانشاء المتحف الجديد، والذي تمَّ تصميمه من قبل مصمم ايطالي، بحسب الاستاندرات العالمية الحديثة، وتقع البناية الجديدة بالقرب من بارك شاندر وبارك المنارة، وهي تقع بالقرب من مركز المدينة، ونحن ننتظر انتهاء الأزمة المالية وتوفر التخصيصات للبدء بهذا المشروع المهم".
ويبين "وكان سابقا وقبل تفشي فيروس كورونا، يزور المتحف سنويا المئات من السياح والزوار من داخل وخارج البلد، ونأمل في القريب العاجل أن نستطيع اتمام واكمال العديد من المشاريع المستقبلية ضمن خططنا لتطوير المتحف والارتقاء به".
عشتار وسنحاريب
وللاطلاع على الحقب التاريخية والمقتنيات، التي يضمها المتحف، التقينا العالم الآثاري خليل برزنجي، وهو متخصص في المسوحات والحقب والفترات التاريخية، والذي تحدث لنا عن أقسام وأهمية المتحف قائلا: "يتكون متحف أربيل من ثلاث قاعات، اذ يضم مقتنيات مهمة جدا تتألف من الكنائز التاريخية، التي تعود الى فترات ما قبل التاريخ، كالهياكل العظمية، ويستمر الى الادوات الحجرية وكذلك فترات حلف وعبيد والفترات الاشورية، وكما تعلمون كانت مدينة اربيل مهمة في الامبراطورية الاشورية، حيث كانت آلهة عشتار آلهة الحب والحرب، فكان الملوك الاشوريون آنذاك يأتون للتبرك بآلهة عشتار، ومن ثم خوض الحروب، فقد كانت مستوطنة اشورية مهمة مثل سنحاريب واحدى القاعات تمثل الفترة الاشورية".
نياندرتال
اما القاعة الاخرى وتمثل الحضارة الاسلامية وما تعاقبت عليها من حقب وفترات تاريخية، ويضم المتحف العديد من القطع النادرة والمهمة على مستوى العالم، وقد تم اكتشاف بعض القطع في جبال برادوست، والتي تعود الى كهف شانيدر وانسان نياندرتال، وهي فترة تاريخية مهمة على المستوى العالمي، الى جانب احتواء المتحف على قطع اللثكس والتي تمثل قطعا حجرية من الصوان والاوكسديت، فهي تعد قطعا من الحجارة الحادة، كانت تستخدم للقطع والصيد، الى جانب المدقات ورحى طحن الحبوب، والتي تعود الى عصر انسان نياندرتال، وما قبل آلاف السنين، كما يضم المتحف الجرار التي تعود الى فترة جرمو ونمريك، وهي قرى زراعية قديمة، وهذه القطع جميعها تمَّ اكتشافها من قرى ومدن بالقرب من اربيل أو داخلها من تنقيبات متحف اربيل الاثاري".
ويضيف برزنجي "كما ويضم المتحف العديد من الجرار القديمة، وأجرينا عليها في الحقيقة الصيانة والترميم للمحافظة عليها، بالتعاون والتنسيق مع لجان يونانية، وهي تعود الى فترة عبيد التاريخية الى جانب جرار تعود الى فترة حلف، والتي تمتاز بجمالها وروعة تصاميمها واشكالها، اذ انها تكون ملونة وذات طابع جميل، وتوجد قطع تعود الى العصر الحجري وتتسلسل الى الفترات السومرية".
12 ألف سنة
ويلفت الى ان "اكثر ما يميز المتحف هو التسلسل الحضاري، اذ يعد المتحف غنيا جدا من حيث احتوائه على قطع تاريخية لحقب مختلفة وقديمة جدا، متسلسلة من العصر الحجري وحسونة وعبيد وحلف، وبعدها الفترات الآشورية والبابلية والسومرية تستمر الى ما بعد سقوط بابل ومجيء الأخمينيين والسلوقيين والفترات الساسانية، ومن ثم الفترات الاسلامية، وهذه الفترة تتدرج اي أنها تغطي 12 الف سنة، ولدينا قطع تاريخية نادرة تعود الى تلك الحقب، والقاعة الاخرى تعود الى الحضارة الاسلامية، والتي تضم قطعا نادرة وجميلة، فنجد قطعا لتصفية المياه والمزججات وهي عبارة عن قطع من الفخار، يضاف اليها الزجاج، وايضا ما يميز هذه الفترة هي القطع ذات اللون الفيروزي، وكذلك اللون الاخضر، كما وتمتاز أغلب القطع بالزخارف الهندسية والزخارف النباتية، والتي أبدع فيها المسلمون في ذلك الوقت، وبعدها تطور فن الارابيسك وبدأ فيما بعد، يتم استخدامه على الخشب ونقش الخطوط كخط الرقعة والنسخ والمزج بينهما ونقشها على الحجر لتعطي طابعا جماليا غاية في الروعة".