قاسم موزان
اثناء ازمة جائحة كورونا، التزمت الكثير من الجهات الحكومية والشعبية بارشادات وزارة الصحة بضرورة التباعد الاجتماعي والتقيد باجراءات الوقاية الصحية للحد من تفشي الوباء القاتل، ومنها منع اقامة مجالس العزاء احتراماً لتوصيات المرجعية الدينية، الا ان البعض كسر تلك القواعد الصحية بنصب السرادق الكبيرة بصورة لافتة وكأنها تحد واستهانة بارواح المعزين او عودة غير موفقة لهيبة السرادق المزعومة.
وقال الحقوقي عادل اللامي ان "سبب الاصرار على نصب السرادق هو غياب مفهوم الدولة العصرية الديمقراطية الحرّة، وسيطرة الاقطاعيات الحزبية التي تستخدم الأساليب الشعبوية التي تتبنى الممارسات الرجعية البعيدة عن روح العصر المبنيّة على الجهل والتجهيل، لذلك نحن نعيش في حالة اللاوعي المجتمعي المتحضر والمعاصر."
إلغاء السرادق
واوضح الباحث صباح محسن كاظم "في ظروف اليوم وسط جائحة كورونا، تعد السرادق خروجاً عن التعليمات الصحية، ورأي المرجعية وخلية الازمة الرافضتين لأي تجمعات تسبب انتشار الوباء، فكم حالة مرضية سببت الوفيات، وهدر الطاقات بسبب تلك المخالفات"، وناشد كاظم "بضرورة الغاء السرادق والاكتفاء بالتعزية بوسائل التواصل الاجتماعي، والاتصال الشخصي، أو بنطاق محدود داخل أسرة الراحل وباشتراط ارتداء الكمامات، واستخدام المعقمات بالمصافحة، وإلا فالخطر مازال قائماً، اذ نرى بدول مجاورة كايران، ولبنان، وتركيا نشاط الفيروس مجدداً حتى أن لبنان أغلقت الدوام لما يقارب الشهر بعد الإصابات التي وصلت إلى ٦ آلاف حالة يومياً، فإن رغبنا بالمحافظة على صحة المجتمع يجب أن نؤجل نصب السرادق لحين زوال أزمة كورونا المدمرة".
مخاطر كبيرة
من جانبه اكد الشيخ يونس العراف، "إن إقامة سرادق العزاء في الوقت الحالي فيها مخاطرة كبيرة ليس بسبب وباء كورونا اللعين، وهذا سبب مهم بل لكون الإرهاب مازال يترصد التجمعات، كما حدث في مجزرة الباب الشرقي، ولا غرابة أن يقوم مجددا باستهداف هذه السرادق، فكلنا نتذكر حوادث تفجير سرادق العزاء في بغداد، اذ انتهز فيها الإرهابيون فرصة تجمع المعزين في سرادق العزاء وقاموا بما يتقنوه من تفجير وقتل الأبرياء"، واشار الى أن "طبيعة العراقيين هي الالتزام بتقديم العزاء مهما كان الوضع الأمني، لكن علينا التعلم من تجاربنا، لاسيما مع فترة فرض الحظر الصحي التي شهدت اختفاء ظاهرة إقامة العزاء في الشوارع، كون الناس التزموا بتعليمات المرجعية والجهات الصحية عندما شعروا بان التجمعات تهديد لأرواح هؤلاء الناس، وبما يجعل المصيبة مصيبتين في آن واحد".
منع التجمعات
واوضح المدرس اياد مهدي عباس أن "الجائحة فرضت على العالم اجراءات وقرارات صحية صارمة اتخذتها الدول والمنظمات للحفاظ على حياة المواطنين وفي مقدمتها منع التجمعات البشرية المختلفة، ومنها اقامة سرادق العزاء او الاحتفالات الخاصة والعامة، الا ان هذه القرارات اصطدمت باعراف وتقاليد راسخة لدى بعض المجتمعات والتي كان من الصعب منعها او تغييرها، فكان الرهان على الوعي المجتمعي وثقافة المجتمع، ففي العراق مثلا يتمسك المجتمع بالتقاليد المخالفة لتوجيهات منظمة الصحة العالمية بالرغم من تأكيدات خلية الازمة وبالرغم من مساندة المرجعيات الدينية لتلك التوجيهات، فيتابع الجميع نصب السرادق وتوافد الحشود البشرية بعيدا عن الالتزام بشروط السلامة، بالاضافة الى ممارسة الحاضرين للمصافحة والتقبيل"، واضاف عباس ان "التجمعات البشرية لا تنحصر على سرادق العزاء بل تشمل التجمعات البشرية المختلفة كالمناسبات الدينية والاجتماعية والزحام في المولات ومراكز التسوق الاخرى وعيادات الاطباء واماكن اخرى كثيرة تعكس الاستهانة بوباء خطير وفتاك يهدد حياة الناس، وللاعلام دور فاعل في ذلك، وكذلك المنابر العلمية والدينية، اضافة الى الدور المهم للمثقف في المجتمع ومسؤولية الجميع في حماية الناس من الجهل".
سلالات جديدة
وبين الكاتب صالح لفتة أن "إقامة سرادق الأفراح والأحزان عادت وبقوة في الكثير من المناطق، رغم أن الدولة متمثلة باللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية توجه المواطنين بمنع التجمعات لمختلف الأغراض، وحذرت مرارا وتكرارا من إهمال التعليمات الصحية أو التسيب بتطبيقها، كذلك المرجعيات الدينية تدعو للتقيد بالإجراءات الحكومية التي تحد من انتشار وباء كورونا والاهتمام بمعدات الوقاية الصحية، لكن للأسف الكثير من الناس لا يلتفتون لهذا الأمر ويتناسون ان المرض لم ينته ويفتك بالأرواح، وهناك سلالات جديدة تظهر بالعالم لن يكون العراق بمنأى عنها أو بعيداً عن تأثيراتها، ففي بداية انتشار المرض وفرض الحظر قلت هذه الظاهرة وانتهت بشكل تام تقريباً بسبب الرعب الذي اجتاح الناس، والتوجه لتطبيق المنع بالقوة من قبل الدولة ونحتاج في الوقت الحاضر لحملات توعية بالضرر الذي تجلبه تلك التجمعات، فالدولة لن تستطيع النجاح بتطويق المرض من دون مساندة المواطنين ومحاسبة من يقيم تلك السرادق والتجمعات لاستهتاره بتعريض الأرواح الى الخطر، ومن دون عقوبات رادعة لا يمكن السيطرة على هذه الحالة المخالفة للدين والقانون.
متاجرة
الشيخ ناصر الحطاب قال: " الاستهانة بالوضع ليست من صالح المجتمع، فالوضع الصحي خطير والجيل الجديد من الفيروسات أشد خطورة من السابق، والتباعد مطلوب والاكتفاء بالتعزية من خلال الهاتف والالتزام بتعليمات وزارة الصحة وكذلك التشديد على المقاهي والمطاعم ومحال الأغذية وافران الصمون ومحال صنع الحلويات والمعجنات، والتشديد على الجامعات والمعاهد والمدارس".
في حين وصف الشيخ حسن عودة الماجدي عودة نصب السرادق مجددا بـ "المريبة وانها متاجرة بدم الابرياء".