آيـــة حســــين
لم تعد الابتسامة حاضرة في حياة الشاب عباس جبار بعد وفاة والده، وتحمله مسؤولية الاسرة، فلم يكن امامه غير ترك دراسة الماجستير و البحث عن عمل، فلم يترك اي مؤسسة او شركة من دون أن يطرق ابوابها، لعله يحصل على وظيفة يستطيع من خلالها دفع ايجار المنزل وتوفير احتياجات اسرته، لكنه لم يجد أي اذن صاغية له، فقد خيم الحزن عليه واصبح رفيقه اينما ذهب.
وبعد أن سرقت منه الحياة الابتسامة، مثلما سرقتها من الآخرين الذين فقدوا احبتهم وأصبحوا تحت اسر الذكريات، فضلاً عن ضغوطات الحياة والظروف المعيشية الصعبة، بالإضافة الى انعدام الامن، فلم نعد نرى الابتسامة تظهر على شفاه العراقيين مثلما كانت في السابق وان وجدت فهي لا تتعدى ابتسامات المجاملة، أو الابتسامات المصطنعة التي تظهر في المناسبات والاعياد.
انعدام الأمن
تشاهد ام فراس نشرة الاخبار المعروضة في احدى القنوات الفضائية، وعيناها تذرفان الدموع، فقد تلاشت الابتسامة وحل محلها الحزن والقلق، فمسكت هاتفها النقال وراحت تتصل بابنائها للتأكد من سلامتهم، اذ تقول ام فراس (50 عاماً): " اعيش في حالة توتر وخوف حين يذهب اولادي الى عملهم، ولا استريح الا بعد عودتهم خصوصاً بعد أن فقدت ابني الكبير في احد التفجيرات ببغداد".
غلاء المعيشة
يقضي ابو محمد اغلب يومه في العمل، فيخرج من الصباح الباكر ولا يعود الا في منتصف الليل وعلامات الغضب والتعب تبدو واضحة عليه، وهو يفكر باستمرار في كيفية تسديد الديون الكثيرة التي تقع على عاتقه بعد شرائه للمنزل وتلبية احتياجات اولاده، اذ يؤكد ابو محمد (45 عاماً) : "في كثير من الاحيان اتمنى الجلوس مع اولادي والاستماع الى احاديثهم المسلية، لكن لا استطيع بسبب انشغالي المستمر في العمل من اجل توفير العيش الكريم لهم".
نظرة المجتمع
اعتــــــــادت نورهان أن تدخل يوميــــــــــاً الى مكان عملها بوجه عابس، والا تبتسم الا مع زميلتها المقربة، بسبب خوفها من كلام ونظـــــــــــــرة الناس السلبية لها، هذا ما اخبرتنا به في معرض حديثهـــــــا، وتضيف نورهـــــــــان (33عاماً) "بسبب قلة الوعـــــــــــــــــي في مجتمعنا لاسيما في الوقت الحاضر، يرى الناس أن الانسان المبتسم دائماً ضعيف الشخصية، واحياناً اخرى ينعتونه بالجنون، فلم يكن امامـــــــــــــــــــــي خيار غير تجنب الابتســــامــــــــة في العمل وفي الشارع لكي اتجنب النظرات والكلمـــــــــات الجارحة".
بينما مها فريد (25 عاماً) فلها وجهة نظر مختلفة، اذ ترى ان الابتسامة لن تؤدي إلى التقليل من شأن الشخص أو مكانته، بل هي نوع من أنواع التودد والتقارب بين الناس، اذ تقول :"احاول دائماً عندما اجلس مع زميلاتي في الجامعة القاء النكات المضحكة للتخفيف من ضغوطات الدراسة والترفيه عن النفس".
تخفيف الضغوطات
يشاهد محمد رائد (30عاماً) وزميله احد البرامج الترفيهية واصوات ضحكاتهم تغزو المكان، اذ يقول محمد: "احاول في كثير من الاحيان الترفيه عن نفسي بمشاهدة المسلسلات والبرامج المسلية والخروج مع الاصدقاء وقضاء اوقات ممتعة معهم، واحاول أن افصل بين ضغوطات العمل وحياتي الشخصية، مبيناً "في السابق كنت احزن على ابسط الاسباب، لكن بعد قراءتي المستمرة لكتب التوعية وخلال تجربتي الشخصية ايقنت حقاً أن الحزن واخفاء الابتسامة لا يسهمان في حل المشكلات بل يعقدانها".
الابتسامة صدقة
كل الظروف التي تمر على الانسان هي لتقويته والاحداث الصعبة التي تمر على الانسان تبين حقيقة الانسان وقدرته على مواجهة الظروف الصعبة، اذ ترى الباحثة النفسية ابتسام العلي أن "الكثير لا يبتسمون واختفت الابتسامة من الوجوه، لأنهم غفلوا عن ثلاث حقائق او قواعد مهمة جداً، اولها هي "عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم"، وهي عندما تصادفنا ظروف معينة لا نحبها ونظن انها شر لنا".
مبينة أن "القاعدة الثانية مهمة، وهي ان ابتسامة في وجه اخيك صدقة، و كما يقول الله سبحانه وتعالى فهي تزيد الرزق وتدفع الاخطار، فمغبون من لا يبتسم، لأنه يفتقد شيئاً مهماً يدفع عنة النية السيئة"، موضحة "ان الحقيقة الثالثة هي الحالة النفسية، اذ انك اذا ابتسمت وتفاءلت تساعد في تحسين نفسية الفرد بشكل مباشر وستتغير مع تغييره".