إذا كانت المعلومات والمعرفة قد أصبحت متاحة، وقيد التناول وطوع لمسات الإبهام، فلماذا لا يستزيد الأفراد مَعرفة وعِلمًا وبالتالي ثروة ومقدرة بلا حدود؟.
نعم، كل المعارف والتجارب صارت سهلة المنال، لكننا سنحتاج الى معلّم في النهاية. شخص ما يختصر الوقت، ويمنعنا من تبديده في التجريب. فقد ينقضي العُمر ويندحر جيلٌ كاملٌ قبل أنْ يدركَ معظم الناس حقائق مقبولة عن شيء ما.
المعلم، سيجعل من حل عقدة الحيرة أمرًا ممكنًا ضمن وقت يسير، وسنتمتع بعائدات المعرفة في مستقبلٍ منظور. لهذا تحتكر كل الشركات الـ(Know How) لمنتجاتها. إنها تريد أنْ تنتج أكبر قدرٍ ممكنٍ في أقصر وقت، وبالتالي تحقق أعلى فائدة قبل أنْ يكتشفَ السر شخصٌ أو شركة أخرى، وتنتج ذات البضاعة.
اقتصاد السوق، والتجارة بين الأمم جعلت قاعدة “لا شيء بالمجّان” أشبه بصلاة يوميَّة يرددها كل قوي في هذا العالم. والأقوى هو من يعرف أكثر.
تقدم شركات التطبيقات الالكترونيَّة معظم خدماتها مجّانًا للمشتركين، لكنّها تشترط بياناتهم الشخصيَّة، وأنْ تعرف عنوان الـ(IP) الخاص بجهازك الالكتروني. ثم اتضح لاحقًا أنَّ هناك سوقًا ضخمة لهذه المعلومات. تباع من أجل الإعلانات التي تستهدف اكتشاف الزبون المحتمل وتحديده بدقة فيذهب إليه الإعلان مخصوصًا. لهذا، عندما تنوي شراء (ساعة) مثلاً وتبحث عنها في الشبكة، ستجد أنَّ إعلانات فوريَّة عن الساعات قد غزت هاتفك وهواتف من يجلس بقربك، فيغدو موضوع (الساعة)، هو هيكل السوالف مع من حولك.
خوارزميات من يعرف، تمكنت من بيع المنتجات لمن لا يعرف. وتمكنت قبلها من إقناعه بنمط استهلاك ومعيشة مُعينين، بل تعدّت الى رسم سلوكياته واختياراته السياسيَّة وأكثر من ذلك بكثير.
يحدث هذا لأننا نحاول أنْ نعيش في هذا العالم بلا مُعلم، وأنْ نتعلّم بالتجربة وأحيانًا بالصدفة. سنتقدم، ونعيش ونستمر، لكنْ بثمن مضاعف دومًا. دائمًا سندفع الضعف.