اللواء د. عدي سمير الحساني
النظام العام قد يكون ذا مفهوم مادي أو معنوي وإنَّ أي فعلٍ من شأنه أنْ يكونَ مخالفاً للمفاهيم الأخلاقيَّة والأدبيَّة سيشكل رد فعل اجتماعي ينعكس سلباً على الاستقرار المجتمعي، لأنَّ معيار الأخلاق العامة في ذلك هو المعيار الاجتماعي الذي يؤثر في البيئة الاجتماعيَّة، لأنها تعبر عن واقعٍ سلوكي معتمدٍ في مجتمعٍ تجسدت وتوارثت فيه القيم والمبادئ التي لا يمكن لأي مجتمع أنْ يتساهل في التفريط بها؛ لكونها مغروسة في النفوس والمشاعر وتُعبر عن الأخلاق الفطريَّة للأفراد.
ويشترط في الأخلاق العامَّة كي يُعتد بها وتكون مُلزمة للسلطة التنفيذية في حمايتها أنْ تتصفَ بالعموميَّة؛ أي أنْ تكون مهمَّة لعموم المجتمع، وأنْ تكون من مقوماته الذاتيَّة وليست طارئة عليه.
العراق كغيره من البلدان التي شهدت تطوراً في جميع المجالات ومنها الثقافيَّة والاجتماعيَّة، والتي تعرضت وبتأثير بعض العوامل الخارجيَّة والداخليَّة إلى تحديات أسهمت في زيادة خطر التمايز الثقافي والاجتماعي، وأدتْ بشكلٍ أو بآخر إلى تصدعها بسبب التحديات التي طرأت على المجتمع، وتغير الثقافات وانحراف بعض العادات والتقاليد في المجتمع بأفكارٍ دخيلة أسهمت وبشكلٍ مباشر في انحراف بعض السلوكيات الأخلاقيَّة لطائفة معينة من الشباب شوهت الصورة الناصعة للفئة الشبابيَّة، بذريعة الحريات الشخصيَّة.
وقد يمنعنا الحياء من التطرق لمثل هذه الموضوعات التي قد نعتقد أنَّه من المخجل التحدث بها، ولكنْ نجد من الضرورة الأدبيَّة والأخلاقيَّة أنْ نضعها أمام الرأي العام الذي يُعدُّ الأساس في الحد من هذه الأفعال الدخيلة والتي تؤثر وبشكلٍ مباشر في أمن المجتمع واستقراره.
حيث انتشرت مؤخراً فئة من الشباب المتحولين جنسياً وبسلوكيات منحرفة بعيدة كل البعد عن واقعنا الأخلاقي وأصبحت تنتشر بين الفئات العمريَّة الشابة والقاصرين؛ ويعود ذلك الى ضعف الرقابة الأسريَّة وضعف الجانب الرقابي على بعض المفاصل المهمَّة في المجتمع، لا سيما الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا الإلكترونيَّة التي تُعدُّ التهديد الأكبر خطورة في المجتمع المتمثل بالفضائيات ووسائل الاتصالات الحديثة التي أصبح بموجبها العالم عبارة عن قرية صغيرة أسهمت في نشر ثقافات دخيلة وغريبة، كما وأسهم انتشار بعض المقاهي والحانات غير المرخصة في ظل عولمة الثقافات المحليَّة واستغلال الحريات الشخصيَّة بمفهوم خاطئ، والتي تزايدت وبشكلٍ ملحوظ من خلال التبرج اللا أخلاقي ونشره في الفيسبوك والتيك توك واليوتيوب وغيرها من خلال مقاطع خادشة للحياء وتسويقها على أساس أنها دعايات وإعلانات تجاريَّة.
وهنا أصبح من واجب سلطات الضبط في استخدام سلطتها الضبطيَّة للحد من هذه السلوكيات من خلال فرض جزاءات إداريَّة وجنائيَّة لمعاقبة مرتكبيها لحماية المجتمع من آفة كبيرة تضر بشكلٍ مباشر مستقبل الأجيال القادمة.