اعلنت دائرة الطب العدلي في مدينة الموصل أن أغلب الجثث التي تصل الى دائرة الطب العدلي هي جثث الانتحار التي ازدادت في الآونة الاخيرة في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، جراء انهيار الاوضاع النفسية، واغلب الحالات من النساء والفتيات بعمر الزهور، فضلا عن جثث النزاعات العشائرية التي تحدث بين الحين والاخر في الاقضية والنواحي، بعيداً عن مركز مدينة الموصل.
نزاعات
ويقول الدكتور اياد الشيخ من الطب العدلي الشرعي بمدينة الموصل في تصريح لـ "الصباح" ان "العشرات من الجثث تعود لفتيات وشباب يسقطون شهرياً ضحايا للانتحار والنزاعات العشائرية في محافظة نينوى".
ويضيف الشيخ "بان هناك جثثاً تعود لشباب ايضا سلمت لمركز الطب العدلي في الآونة الاخيرة،وكانت الوفاة بسبب النزاعات العشائرية بالمحافظة، اذ تنتهي أغلب المشكلات العشائرية في محافظة نينوى بالاقتتال بين أبناء العمومة، جراء عدم الاتفاق والتراضي لأسباب مختلفة اغلبها تافهة".
وكانت دائرة الطب العدلي قد تسلمت نحو (22) جثة خلال الخمسة اشهر الاخيرة، بينها تسع حالات انتحار معظمها شباب بعقد (العشرينيات) وبعمر الزهور، الا أن الاغلبية الاخيرة جثث تعود لفتيل النزاع العشائري بين العشائر في محافظة نينوى.
ويقول مختار قضاء البعاج علي السعدون أنه "خسر شقيقه واثنين من أبنائه جراء النزاعات العشائرية في قرية (الحية) ضمن قضاء البعاج غرب الموصل".
مشيراً إلى أنه "حتى هذه اللحظة، يدفع الناس ثمن ما يسمى بالنزاعات العشائرية التي تترك قتلى بين الأطراف المتنازعة من دون الانتهاء بالمصالحة".
بطالة
ويشار إلى أن النزاعات العشائرية في محافظة نينوى خصوصاً، وفي العراق عامة، تتركز على نزاعات مجتمعية منها "النهوة" والنزاعات على الميراث والأراضي الزراعية، فضلاً عن حوادث السطو والسرقات والتجاوز على أملاك الآخرين، وآخرها قضايا الثأر.
بينما اكدت ايمان غازي من سكنة حي الاخاء بمركز الموصل بانها فقدت اثنين من ابنائها بعمر العشرينيات، بعد ان اتفقا على رمي نفسيهما في نهر دجلة مقبلين على الانتحار بسبب عدم وجود عمل لهما وقلة حصولهما على مال يسد متطلباتهما واحتياجاتهما، كونهما شابين في مقتبل العمر".
هذا وسجلت مدينة الموصل مركز محافظة نينوى العشرات من حالات الانتحار بعد ان اعلنت خلية الازمة بالموصل رفع الحظر الجزئي والعام، بعد اعلان الحظر الكامل في عموم مدينة الموصل مركز محافظة نينوى بسبب ارتفاع الاصابات بفيروس كورونا، وعند رفع الحظر بمدينة الموصل اندفع عشرات الشباب والشابات الى الانتحار برمي انفسهم بنهر دجلة او حرقها بسبب الضغوط النفسية التي رافقت الشباب والازواج منهم والزوجات من المشكلات وعدم الراحة داخل المنازل طيلة فترة الحظر، ماسبب زيادة حالات الانتحار في محافظة نينوى، وتسلم الطب العدلي عشرات الجثث بسبب الانتحار.
وكانت قيادة شرطة نينوى قد اعلنت في وقت سابق قبل اليوم عن نشوب معركة عشائرية بين عشيرتي(خ,ن) و (م, ب) في ناحية القيارة 60كم جنوب الموصل.
وبحسب المصادرالامنية في شرطة نينوى, فإن الجانبين "استخدما الأسلحة الرشاشة والمسدسات، و تدخلت القوات الأمنية سريعا وشنت حملة اعتقالات وصادرت أسلحة وعجلات.
موضحة بان عدد المعتقلين بالنزاع العشائري بلغ ثمانية أشخاص، وتم قتل طفل بينهم بعمر ثمانية اعوام جراء هذا النزاع العشائري.
أسباب
ويرى مسؤول محلي في محافظة نينوى رفض الكشف عن اسمه في تصريح لـ" الصباح" لأسباب امنية أن "هناك أسبابا عدة رفعت نسبة جرائم القتل في الآونة الاخيرة، أولها ضعف سلطة القانون وترهل المؤسسات الأمنية بسبب الفساد، وتزايد سطوة القبلية والعشائرية على حساب القانون، وانتشار السلاح وعدم قدرة الدولة على نزع سلاح العشائر المتصارعة".
لكن القاضي في محكمة نينوى الشرعية صلاح الطائي ألقى باللوم على شيوخ العشائر العربية في محافظة نينوى، عادا اياهم المتسبب الرئيس في النزاعات المسلحة، وقال الطائي إن "أغلب شيوخ العشائر يتحملون مسؤولية أخلاقية عما يجري من سفك للدماء، فهم مشاركون في النزاعات المسلحة، ولا يقبلون بفرض سلطة القانون، ولا يوافقون على نزع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من أيدي أفراد عشائرهم وتسليمهم للدولة".
اندفاع
بينما أيد الاستاذ الدكتور علاء السامرائي في كلية علم النفس بجامعة الموصل رأي القاضي الطائي واضاف السامرائي ان "مايدور عن ارتفاع في اعداد جثث نزعات الفتيل الاجتماعي سببه الرئيس شيوخ العشائر الذين يحثون على هذا الفتيل من عنف وفتح السلاح وترك بصمات جثث بين ابناء عمومتهم، واننا نسمع يوميا عن تسجيل حالات قتل وتسليم جثث للطب العدلي لشباب بمقتبل العمر مدفوعين من قبل هؤلاء الشيوخ الذين يدفعون الشباب لهذا القتل مقابل تحقيق مبتغاهم".