خريجو جامعات الصين لا يجدون وظائف

بانوراما 2021/02/24
...

فيفيان وانغ
ترجمة: خالد قاسم
تتوسع الحكومة الصينية بالقبول الجامعي، لكن بعض الشباب يشعرون بالقلق من أن هذا الخيار سيؤجل فقط أزمة نابعة من نقص الوظائف ذات الدخل الجيد، ومع اقتراب موعد التخرج بسرعة، تغيبت “يانغ شياومينغ” وهي طالبة جامعية من شمال شرق الصين عن معرض الوظائف داخل جامعتها، ولا تفكر بالبحث عن وظيفة بنفسها أيضا لأنها لا تعتقد بوجود فرصة للحصول على واحدة.
استعاد اقتصاد الصين عافيته الى درجة كبيرة من وباء كورونا، وتظهر بيانات جديدة أنه الاقتصاد الكبير الوحيد الذي حقق نموا العام الماضي. ومع ذلك، يبقى مجال واحد مفقود وهو توفير وظائف مرغوبة وجيدة الدخل لصالح العدد المتزايد بسرعة من خريجي الجامعات، ويرجع النمو الى قطاعات الوظائف اليدوية مثل التصنيع التي يعتمد عليها اقتصاد البلاد بقوة.
تشجع حكومة بكين طلبة كثيرين على التحول الى حل مؤقت، وهو البقاء في الكلية، فقد أعلنت وزارة التعليم الصينية خلال ذروة الوباء أنها ستأمر الجامعات بتوسيع عدد مرشحي الماجستير بواقع 189 ألف، أي ما يعادل زيادة بنسبة 25 بالمئة لتخفيف حدة البطالة، وسوف تزداد مقاعد الدراسات الأولية بأكثر من 300 ألف. 
من جهة أخرى، تقدم نحو أربعة ملايين طالب لإمتحان القبول الجامعي في كانون الأول من العام الماضي، وهي زيادة تعادل 11 بالمئة عن السنة السابقة وأكثر من ضعف العدد لعام 2016. تعد الكلّية منصة هبوط شائعة عالميا خلال أوقات الاضطراب الاقتصادي، لكن في الصين يكشف الضغط لزيادة التسجيل مشكلة طويلة المدى، فحتى قبل الوباء اشتكى خريجو البلاد من نقص الوظائف المناسبة، ولا تعد الأرقام الرسمية للتوظيف ذات مصداقية، لكن السلطات قالت في العام 2014 أن معدلات البطالة لخريجي الكليات بعد شهرين من التخرج بلغت 30 بالمئة لدى بعض المناطق.
 
سياسة حكومية
أصبحت النتيجة هي شعور صينيين كثيرين بالقلق من توسيع مقاعد التخرج سيؤدي الى زيادة التنافس الحاد أصلا على الوظائف، وتخفيض قيمة الشهادات المتقدمة أو تأجيل أزمة البطالة، أما الحزب الشيوعي في السنوات الأخيرة فلم يربط ازدهار خريجي الجامعات بالتنمية الاقتصادية فحسب، وإنما بالاستقرار الاجتماعي أيضا ويتخوف من تحولهم الى مصدر لاضطراب سياسي اذا تعثرت حظوظهم الاقتصادية. تسعى الحكومة لإبقاء بطالة هؤلاء الفئات عند مستويات واطئة، لكن عليها الحذر من تضخيم طموحاتهم كما يقول “جوشوا موك” أستاذ بجامعة لينغنان في هونغ كونغ ويدرس سياسة التعليم الصينية.  تعد محاولة التوسع الحكومية جزءا من سياسة أوسع وطويلة الأمد لزيادة القبول الجامعي، ففي 1997 امتلكت الصين أقل من ثلاثة ملايين ونصف مليون طالب جامعي ودراسات عليا وفقا لأرقام رسمية، وارتفع العدد عام 2019 الى أكثر من 33 مليون من دون حساب الكليات الرقمية والمؤسسات الأخرى.
لا تزال الصين متأخرة عن الدول المتقدمة من حيث عدد درجات الدراسات العليا للفرد الواحد، فهناك نحو خريجين اثنين لكل ألف صيني، حسب الأرقام الرسمية، مقارنة مع تسعة خريجين للولايات المتحدة. مع ذلك، لم يواكب الاقتصاد الصيني التوسع السريع للتعليم العالي، مما ترك كل دفعة من الخريجين الجدد يتنافسون على حصة صغيرة من الوظائف.
 
توقعات مرتفعة
دفعت هذه المخاوف الحكومة لإصدار رد جاء على لسان مسؤول بوزارة التعليم واعترف خلال مؤتمر صحفي أن بعض الجامعات عاشت نقصا في الملاك التدريسي مع نمو برامج التخرج، لكنه قال إن المسؤولين سيقدمون اجراءات أكثر صرامة للسيطرة على النوعية وسوف تشجع الحكومة الجامعات على عرض شهادات ماجستير ذات طابع مهني، لمساعدة الخريجين على ايجاد وظائف، ووجهت الحكومة أيضا الشركات المملوكة للدولة بتعيين المزيد من الخريجين الجدد، وقدمت دعما ماليا لتلك الشركات، غير أن بعض النصائح كانت حادة، اذ ذكر باحث في مجال التعليم الحكومي أن الطلبة عليهم تخفيض سقف طموحاتهم، لكي ينجحوا بإيجاد وظائف لدى قطاعات، مثل الطعام أو تسليم الطلبات.
تسببت تلك التوقعات المتضخمة فعليا بزيادة حدة التنافس على الوظائف، ويقول موقع توظيف أن هناك وظيفة ونصف تقريبا متاحة لكل خريج جامعي حتى بعد الوباء، لكن عدة خريجين يبحثون فقط داخل المدن الكبرى أو يتوقعون رواتب عالية. ورغم ذلك يقول بعض الطلبة أن تشجيع الحكومة على التعليم
العالي سيعزز تلك التوقعات.
العامل الآخر المتسبب في زيادة التنافس هو أن طلبة كثيرين كانوا يخططون للدراسة أو العمل خارج البلاد لم يعد بمقدورهم فعل ذلك، فقبل الوباء كان “فان ليدي” قد خطط للانتقال الى ايرلندا لدراسة الماجستير في ادارة الموارد البشرية، وأراد العمل هناك بعد ذلك بدافع تعلّم ثقافة جديدة، لكنه تخلى عن خطته، ويفكر في البحث عن وظائف داخل بلاده عندما ينهي دراسته، والتي يؤديها رقميا بسبب قيود السفر. ويحضر فان بالفعل معارض توظيف رغم عدم انتهاء دراسته قبل تشرين الثاني المقبل.
 
 عن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية