لا شكَّ أن الطفل البذرة في حياة الأسرة، ثم ما تلبث أن تصبح الجزء الاساسي في المجتمعات، اذا ما تم التعامل بإيجابية وتخليص شخصيته اليانعة من الشوائب، التي قد تلحق بها باتباع طرق تربوية سليمة، تنمي قدراتها الذهنية والعقلية وتحفزها للابداع المبكر، حتى يصبح عنصرا فاعلا في الحياة ويكون وجوده قدوة للاخرين، الا أن بعض الأساليب تاخذ منحى اخر وخطيرا برغبات غريبة وغير مسؤولة، ونتائجها مرعبة وذلك عبر تكليف الأم او الأب للطفل بطرق الاغراء المادي المعنوي، بنقل أخبار الاسرة الواحدة والانصات الى احاديث الابناء والبنات بأسلوب تجسسي بغيض، ما يجعله منافقا كذابا، وكل ما يقوله محل ترحيب لدى الابوين ولم يدركوا انهما قاما بتمزيق براءة اطفالهم الغضة ولم يحسبا حساب الطفل على مدى عمره وتداعيات اسلوبهما اللا تربوي على حياته المستقبلية، ووضعه لحافات غير محسوبة ، ولم يدرك «اي الابوين» انهما قد احدثا شرخا عميقا في بنية الأسرة وحل محلها الشك والريبة عوضا عن الوئام، ولعل عملية تلقين الطفل اسلوب التجسس تخلق حالات الافتراق والكراهية والنفور منه، وتبقى مصدر قلق دائما للأسرة، اسلوب التجسس يفتح آفاقه لمخيلته في تلفيق الكلام وصياغته حسب مزاجه، ويبتكر اشياء لم تحدث ويطلق لنفسه الاستنتاج، لأقوال بريئة لا يقصد منها دلالة ما، كل هذا يندرج تحت مسمى الكذب والنفاق
التلقين المبكر بنقل الاخبار من داخل الأسرة تتسع رقعته في ما بعد، وتأخذ ابعادا آخرى اكثر خطورة عندما يصبح الطفل الصغير ناضجا ويختلط بمحيطه الاجتماعي الاوسع، وحال ادراك هذا المحيط اسلوبه المذموم يبتعد منه و تكبر الهوة بينهما وتضطرب هويته اكثر فأكثر، فيلجأ الى ممارسة التنمر باتجاهات شتى ويستعرض قدراته الجسدية، ولا يعير اهتماما لخصوصيات الناس ويلوك بها، حتى تصل درجة الطعن بالاعراض، مثل هذا النوع من البشر لا يعرف تأنيب الضمير اومراجعة الذات لتصويب مسيرة حياته، لأنه يعتقد أن ما يفعله هو الصواب بعينه وشيئا فشيئا يجد صعوبة بالغة الاندماج في المجتمع لايسمح
بوجوده.
هل يدرك الابوان ما ستؤول اليه الامور لابنائهم حين يكبرون وقد تلقوا سابقا عادات سيئة وبذيئة في التربية، لا يقتصر اثرها السلبي في الأسرة فقط، بل اتسعت افاقها الى مديات ابعد لتشمل المجتمع
برمته.